مفآهيم آلخجل
20-09-2014, 06:38 AM
مدينة قديمة في شرقي الأناضول، تقع على ارتفاع 880 م تقريباً عن سطح البحر، عند المجرى الأعلى لنهر الفرات كانت ملتقى طرق قديمة مهمة (الطريق الملكي الفارسي وطريق الفرات)، شرب أهلها من ينابيع الدادية والفرات، واشتهرت في عهد ابن الشحنة (ت921هـ) بصناعة النسيج، إذ يذكر وجود 12 ألف نول في ملطية لغزل الصوف.
تدين ملطية بازدهارها إلى الفترة الرومانية البيزنطية، فمنذ عهد تيتوس (79-81م) كانت قاعدة للفرقة الرومانية الثالثة عشرة، وغدت في عهد تراجان Trajan ت(98-117 م) عاصمة لأرمينيا الثالثة، وحصّن كل من أنستازيوس الأول Anastasius ت(491- 518 م) وجستنيان الأول Justinian ت(527- 565 م) مدينة ملطية، وعملا على تجميلها، ولكن خسرو الأول أنوشروان أحرق المدينة إثر هزيمته المنكرة سنة 575م في ملطية.
بعد أن حرر العرب بلاد الشام اهتم معاوية بن أبي سفيان الذي غدا والياً على الشام والجزيرة سنة 23هـ بمنطقة الثغور، فوجه حبيب بن مسلمة إلى ملطية، ففتحها عنوة، ورتب فيها طائفة من الجند المسلمين مع عاملها، ولما قدمها معاوية قاصداً أرض الروم شحنها بجماعة من أهل الجزيرة والشام وغيرهما فأصبحت واحدة من أهم المحطات في طريق الصوائف (غزوات يقوم بها في الصيف والشتاء).
بعد وفاة يزيد بن معاوية سنة 64هـ/683م استغل البيزنطيون اضطراب الوضع الداخلي للدولة الأموية [ر] فكثرت غاراتهم على الثغور، وهدموا ملطية، فأعاد بناءها عبد الله بن عبد الملك سنة 83هـ الذي وجدها خراباً ليس بها إلا أناس من أهل الذمة من الأرمن.
في سنة 123هـ نزل عشرون ألفاً من أهل الروم على ملطية فأغلق أهلها أبوابها، واستنجدوا بالخليفة هشام بن عبد الملك (105-125هـ) الذي ندب الناس إليها، وأرسل خيلاً للدفاع عنها، ثم غزا هشام نفسه، ونزل على ملطية، وعسكر عليها حتى بنيت.
وبعد زوال الدولة الأموية حاصر قسطنطين الرابع ملطية سنة 133هـ/750م، وجهد البلاء أهلها، واشتد عليهم الحصار، فسألوا قسطنطين أن يسلموا المدينة على الأمان فوافقهم شريطة أن يتركوا المدينة، فخرجوا منها وتوجهوا إلى الجزيرة، فتفرقوا فيها، وأقدم الروم على هدم ملطية ولم يبقوا فيها إلا هرياً (مخزناً للطعام)، فوجه الخليفة المنصور- سنة 139هـ/756م- عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام والياً على الجزيرة وثغورها ومعه الحسن بن قحطبة في جنود من أهل خراسان، فقطع الحسن البعوث على أهل الشام والجزيرة، وعسكر على ملطية، وجمع الفعلة من كل بلد في بنائها، وجعل الحسن يغذي الناس، ويعشيهم من ماله، فجد الناس في العمل حتى فرغوا من بناء ملطية ومسجدها في ستة أشهر، وأسكن المنصور ملطية أربعة آلاف مقاتل من أهل الجزيرة لأنها من ثغورهم، على زيادة عشرة دنانير في عطاء كل رجل و100 دينار معونة، وبنى قحطبة للجنود الذين سكنوها بيتين سفليين وعليتين فوقهما واصطبلاً، لكل عرافة (العرافة تضم بين عشرة إلى خمسة عشر رجلاً)، وبنى لملطية مسلحة على بعد 48 كيلو متراً تقريباً ووضع فيها شحنتها من السلاح، ولذلك فإن الروم أخفقوا عندما حاولوا الاستيلاء عليها في عهد الرشيد (170-193هـ) .
استمر هذا النمط من الصراع بين العرب والبيزنطيين، الروم يهدمون والعرب يبنون حتى كان القرن الرابع الهجري عندما سيطر نقفور فوكاس على شمالي سورية، فأحب أن يعيد بناء ملطية ويسكنها الإغريق، ولكنهم رفضوا الاستقرار فيها لتعرضها المستمر لغزوات العرب، ومن ثم سكنها اليعاقبة السوريون سنة 359هـ/969م. في القرن الخامس الهجري، بدأت غارات التركمان على مناطق آسيا الصغرى، واستولى أمير سيواس التركماني كمشتكين بن دنشمند على ملطية سنة 495هـ/1101م، وغدت ملطية موضع منافسة بين قوى متعددة، الدنشمنديون والسلاجقة والفرنجة الصليبيون في الرها والبيزنطيون، إلا أن السيادة فيها مع نهاية القرن السادس الهجري كانت للسلاجقة الذين تحالفوا مع الأيوبيين.
بدأ المغول سنة 628هـ/1241م بالتوغل في منطقة الثغور الجزرية والأرمينية، فوصلوا إلى حصن زياد والمناطق المجاورة لملطية، وبعد انتصارهم في معركة كوش داغ Kose Dagh بالقرب من سيواس سنة 641هـ. حوصرت ملطية مرتين، ودمرت المنطقة المحيطة بها، وفي عهد الإلخان أباقا (630-650هـ) وقعت ملطية ضمن نطاق سلطنة سلاجقة الروم مع الاعتراف بسيادة المغول، وإلى عهد غياث الدين مسعود بن عز الدين كيكاوس (682-698هـ) تعود أقدم عمارة فيها .
أدى تزايد ضعف السلاجقة في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي إلى ظهور دويلات صغيرة أرمنية وأخرى تركمانية محلية موالية للمغول، بما في ذلك ملطية، لذلك أرسل السلطان المملوكي الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة 715هـ/1315م جيشاً كبيراً بقيادة نائب دمشق سيف الدين تنكز أناخ على ملطية، وبعد أن سيطر عليها حولها السلطان إلى ولاية حدودية ثغرية، بقيت عدة عقود تحت سيطرة المماليك ثم سيطر على ملطية و«البستان» أسرة «ذو القادر» التركية التي استمر حكمها حتى سنة 921هـ/1515م حين قضى عليها السلطان العثماني سليم الأول. إن أهمية ملطية التجارية في القرن العاشر الهجري استوجبت بناء سوق مسقوف فيها وأن تضم على الأقل خاناً رئيساً واحداً، إلا أنه في سنة 1046هـ/1636م أمر مصطفى باشا سلحدار السلطان مراد الرابع ببناء خان جديد لا يزال باقياً حتى اليوم، وهذا الخان الذي كان بإمكانه أن يضم بضع مئات من الجمال كان له -ولا شك- مهمة عسكرية؛ إضافة إلى وظيفته التجارية.
يصف أوليا چلبي ملطية في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي بأنها كانت مركز تسويق للخضار والفاكهة التي تنتجها الأرض الغنية المروية المحيطة بها، وأن معظم سكان ملطية كانوا يتوجهون في أشهر الصيف إلى بساتينهم وكرومهم لكي يعيشوا بين أحضانها، وقد نجم عن هذه العادة تشكل مستوطنة صيفية، لم تلبث أن تحولت إلى مدينة عرفت باسم أسبوزو Aspuzu، وكان من أسباب انتقال اسم ملطية ومؤسساتها القديمة إليها أن القوات العثمانية بقيادة حافظ باشا اتخذت ملطية قاعدة عسكرية في أثناء الحرب مع محمد علي باشا وابنه ابراهيم باشا سنة 1838-1839، فغادر سكان ملطية المدينة وتوجهوا إلى مستوطنتهم الصيفية واستقروا فيها، وهي التي تعرف اليوم باسم ملطية.
http://www.marefa.org/images/6/6a/Malatya_Turkey_Provinces_locator.gif
موقع ملاطية في تركيا.
http://www.ask-resimleri.com/wp-content/uploads/malatya-resimleri-7.jpeg
http://img91.imageshack.us/img91/9928/puturgemalatya11un8.jpg
http://img472.imageshack.us/img472/743/genel19b1lj8.jpg
تدين ملطية بازدهارها إلى الفترة الرومانية البيزنطية، فمنذ عهد تيتوس (79-81م) كانت قاعدة للفرقة الرومانية الثالثة عشرة، وغدت في عهد تراجان Trajan ت(98-117 م) عاصمة لأرمينيا الثالثة، وحصّن كل من أنستازيوس الأول Anastasius ت(491- 518 م) وجستنيان الأول Justinian ت(527- 565 م) مدينة ملطية، وعملا على تجميلها، ولكن خسرو الأول أنوشروان أحرق المدينة إثر هزيمته المنكرة سنة 575م في ملطية.
بعد أن حرر العرب بلاد الشام اهتم معاوية بن أبي سفيان الذي غدا والياً على الشام والجزيرة سنة 23هـ بمنطقة الثغور، فوجه حبيب بن مسلمة إلى ملطية، ففتحها عنوة، ورتب فيها طائفة من الجند المسلمين مع عاملها، ولما قدمها معاوية قاصداً أرض الروم شحنها بجماعة من أهل الجزيرة والشام وغيرهما فأصبحت واحدة من أهم المحطات في طريق الصوائف (غزوات يقوم بها في الصيف والشتاء).
بعد وفاة يزيد بن معاوية سنة 64هـ/683م استغل البيزنطيون اضطراب الوضع الداخلي للدولة الأموية [ر] فكثرت غاراتهم على الثغور، وهدموا ملطية، فأعاد بناءها عبد الله بن عبد الملك سنة 83هـ الذي وجدها خراباً ليس بها إلا أناس من أهل الذمة من الأرمن.
في سنة 123هـ نزل عشرون ألفاً من أهل الروم على ملطية فأغلق أهلها أبوابها، واستنجدوا بالخليفة هشام بن عبد الملك (105-125هـ) الذي ندب الناس إليها، وأرسل خيلاً للدفاع عنها، ثم غزا هشام نفسه، ونزل على ملطية، وعسكر عليها حتى بنيت.
وبعد زوال الدولة الأموية حاصر قسطنطين الرابع ملطية سنة 133هـ/750م، وجهد البلاء أهلها، واشتد عليهم الحصار، فسألوا قسطنطين أن يسلموا المدينة على الأمان فوافقهم شريطة أن يتركوا المدينة، فخرجوا منها وتوجهوا إلى الجزيرة، فتفرقوا فيها، وأقدم الروم على هدم ملطية ولم يبقوا فيها إلا هرياً (مخزناً للطعام)، فوجه الخليفة المنصور- سنة 139هـ/756م- عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام والياً على الجزيرة وثغورها ومعه الحسن بن قحطبة في جنود من أهل خراسان، فقطع الحسن البعوث على أهل الشام والجزيرة، وعسكر على ملطية، وجمع الفعلة من كل بلد في بنائها، وجعل الحسن يغذي الناس، ويعشيهم من ماله، فجد الناس في العمل حتى فرغوا من بناء ملطية ومسجدها في ستة أشهر، وأسكن المنصور ملطية أربعة آلاف مقاتل من أهل الجزيرة لأنها من ثغورهم، على زيادة عشرة دنانير في عطاء كل رجل و100 دينار معونة، وبنى قحطبة للجنود الذين سكنوها بيتين سفليين وعليتين فوقهما واصطبلاً، لكل عرافة (العرافة تضم بين عشرة إلى خمسة عشر رجلاً)، وبنى لملطية مسلحة على بعد 48 كيلو متراً تقريباً ووضع فيها شحنتها من السلاح، ولذلك فإن الروم أخفقوا عندما حاولوا الاستيلاء عليها في عهد الرشيد (170-193هـ) .
استمر هذا النمط من الصراع بين العرب والبيزنطيين، الروم يهدمون والعرب يبنون حتى كان القرن الرابع الهجري عندما سيطر نقفور فوكاس على شمالي سورية، فأحب أن يعيد بناء ملطية ويسكنها الإغريق، ولكنهم رفضوا الاستقرار فيها لتعرضها المستمر لغزوات العرب، ومن ثم سكنها اليعاقبة السوريون سنة 359هـ/969م. في القرن الخامس الهجري، بدأت غارات التركمان على مناطق آسيا الصغرى، واستولى أمير سيواس التركماني كمشتكين بن دنشمند على ملطية سنة 495هـ/1101م، وغدت ملطية موضع منافسة بين قوى متعددة، الدنشمنديون والسلاجقة والفرنجة الصليبيون في الرها والبيزنطيون، إلا أن السيادة فيها مع نهاية القرن السادس الهجري كانت للسلاجقة الذين تحالفوا مع الأيوبيين.
بدأ المغول سنة 628هـ/1241م بالتوغل في منطقة الثغور الجزرية والأرمينية، فوصلوا إلى حصن زياد والمناطق المجاورة لملطية، وبعد انتصارهم في معركة كوش داغ Kose Dagh بالقرب من سيواس سنة 641هـ. حوصرت ملطية مرتين، ودمرت المنطقة المحيطة بها، وفي عهد الإلخان أباقا (630-650هـ) وقعت ملطية ضمن نطاق سلطنة سلاجقة الروم مع الاعتراف بسيادة المغول، وإلى عهد غياث الدين مسعود بن عز الدين كيكاوس (682-698هـ) تعود أقدم عمارة فيها .
أدى تزايد ضعف السلاجقة في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي إلى ظهور دويلات صغيرة أرمنية وأخرى تركمانية محلية موالية للمغول، بما في ذلك ملطية، لذلك أرسل السلطان المملوكي الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة 715هـ/1315م جيشاً كبيراً بقيادة نائب دمشق سيف الدين تنكز أناخ على ملطية، وبعد أن سيطر عليها حولها السلطان إلى ولاية حدودية ثغرية، بقيت عدة عقود تحت سيطرة المماليك ثم سيطر على ملطية و«البستان» أسرة «ذو القادر» التركية التي استمر حكمها حتى سنة 921هـ/1515م حين قضى عليها السلطان العثماني سليم الأول. إن أهمية ملطية التجارية في القرن العاشر الهجري استوجبت بناء سوق مسقوف فيها وأن تضم على الأقل خاناً رئيساً واحداً، إلا أنه في سنة 1046هـ/1636م أمر مصطفى باشا سلحدار السلطان مراد الرابع ببناء خان جديد لا يزال باقياً حتى اليوم، وهذا الخان الذي كان بإمكانه أن يضم بضع مئات من الجمال كان له -ولا شك- مهمة عسكرية؛ إضافة إلى وظيفته التجارية.
يصف أوليا چلبي ملطية في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي بأنها كانت مركز تسويق للخضار والفاكهة التي تنتجها الأرض الغنية المروية المحيطة بها، وأن معظم سكان ملطية كانوا يتوجهون في أشهر الصيف إلى بساتينهم وكرومهم لكي يعيشوا بين أحضانها، وقد نجم عن هذه العادة تشكل مستوطنة صيفية، لم تلبث أن تحولت إلى مدينة عرفت باسم أسبوزو Aspuzu، وكان من أسباب انتقال اسم ملطية ومؤسساتها القديمة إليها أن القوات العثمانية بقيادة حافظ باشا اتخذت ملطية قاعدة عسكرية في أثناء الحرب مع محمد علي باشا وابنه ابراهيم باشا سنة 1838-1839، فغادر سكان ملطية المدينة وتوجهوا إلى مستوطنتهم الصيفية واستقروا فيها، وهي التي تعرف اليوم باسم ملطية.
http://www.marefa.org/images/6/6a/Malatya_Turkey_Provinces_locator.gif
موقع ملاطية في تركيا.
http://www.ask-resimleri.com/wp-content/uploads/malatya-resimleri-7.jpeg
http://img91.imageshack.us/img91/9928/puturgemalatya11un8.jpg
http://img472.imageshack.us/img472/743/genel19b1lj8.jpg