ســـعـيد مصــبـح الغــافــري
20-12-2014, 12:28 AM
كـل عــام و الـشِّــعــر فــي فــقــيـدة !!
https://up.omaniaa.co/do.php?img=2359 (https://up.omaniaa.co/)
ـــ هذا النص الشعري الآتي هو في الحقيقة متمخض من أجواء حوار أدبي مع شاعرة عربية مهتمة بالشأن الشعري في الوطن العربي .. .. وأعرف أن هذه القصيدة الفضائحية والتي كتبتها بصدق وأنشرها هنا لأول مرة ستغضب الكثيرين من الشعراء في بلادنا وربما ستثير حفيظتهم .. لكني كتبتها محاولا بها وبشفافية صادقة لا تدخل الملق في قاموسها الشعري ــ كتبتها محاولا بها خلع عباءة واقع هذا الشعر العماني في راهن حاضره المعاصر وتعريته بهدف رؤيته من الداخل كما هو وكما هو واقعه وواقع شعراؤه وكما تقول فيه الحالة العامة لجمهور ( إقرأ ) والعوامل السلبية التي تقف وراء ذلك .
أترككم أخوتي وأخواتي مع النص ولكم فيض الشكر والتقدير على قراءته ..
كـل عــام و الـشِّــعــر فــي فــقــيـدة !!
في بلدي ..
في موسم الإياب
لا يولد الشِّـعـر هنا
إلا على حمَّـالة ( المـنـاسَــبـة ) !!
فكيف لا يحزنني ـــ صديقتي ـــ مـرآه ؟!
وكيف لا تجعـلـني أشـعـاره أُصـاب بـإكـتـئـاب ؟!
في بلدي المـؤقـت الحروف
يستيقظ النيام
بعد بياتِ عام
ويخرجون من كُـوَىَ الغـيـاب
وتطلع الفـئـران من جحورها
لمرة واحدة
في موسم وحيد
يطـن في أجوائه البعوض والذباب !!
في موسم الإيـاب
تـهـرول الثـعـالب المـجـدورة
وتـلـتـقي شـهـية الذئـاب بالكلاب
والكـل حـول ذا الـوطـــن
مـخـلـبـا ونـاب !!
فـكـيـف لا يـؤلـمـني نـزيـفـه . أنـيـنـه
وذلـك الـعـذاب ؟!
في بـلـدي العـاشـق الكـسـوف والخـسـوف والضـبـاب
من زمـن يـغـمـرني ــ صـديـقـتـي ــ شُـعـورُ إغــتـراب !!
* * *
الشِّـعـر في بلادنا لـمـوسـمٍ وحــيـد !!
فـإن أتـت وجـوهـه . حـروفـه . فـنـونـه . أيـامـه
تمضي على التكرار والرتـابـة !!
وبـعـدهـا ( سَــــلام ) !!
و إذ يـنـتـهـي الخـتـام
بذلك الســلام
إذ ينتهي التـهـريج والكــلام
إذ يســتـريح سَــمْـعُـنـا
وصُـبـحـنـا وجــوُّنـا
من ذلـك الطـنـيـن
من شاعـر الإذاعـةِ اليـومـي
الجـاهـزِ الهـطـولِ والمـطـر
وإذ ينتهي العــواءُ والثـغـاء
إذ ينتهي النـفـاقُ والـريـاء
إذ تنتهي الثـرثـرةُ العقيمة البليدة
في تـلكـم الإذاعــة الركـيـدة
وذلـك الـتـلـفـاز
والنـت والجــريـدة
إذ ينتهي الإزعـاج والضــجـر
وتـرقـد الأقــلام
ولا يـعـد لـمـنـبـرٍ
صــوتٌ ولا خــبـر !!
إذ ذاك يـا صـديـقـتـي
أقـول للـرفـاق
ونحن في وداعنا
بذلك الـعـنـاق :
إلى لـقـاءٍ قـادمٍ يا أيُّـهـا الـرفــاق
في ســنةٍ جـديـدة
ووهــجٍ جــديد
ومــوســمٍ جــديد
أنـفـاســهُ عـبـق !!
فـمـا الـذي يُـجـلـسُـنـا هنا ؟!
مـوسـمـنـا قـد رحـلـت أيـامـه
والـقـاعـة الـكـبـيـرة
فـارغــةٌ ، قـد دخـلـت شــتـاءهـا الطـويـل
وعـمَّـهـا الســكـونُ
والبـرد و الأرق !!
فـاحـجـزوا الـتـذاكـر
لـعـامـنـا الجــديـد
مـوعـدنـا هـنـاك
بـالـمـوســمِ الـبـعـيـد
فـارتـقـبـوا هــلالـهُ
واســتـنـظـروا بـشــوق !!
https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-xpa1/v/t1.0-9/10846296_696437170471676_6849239366232541994_n.jpg ?oh=0b88581a7c6ebaa01ba551c9f486a6f8&oe=550ACD2F&__gda__=1430456215_72ec2ebdb4aa4c0662cf01502de2885 b
في حـفـلـة الخـتـام
في آخــرِ الأيــام
الشِّــعـر ودَّع أهـلـه . أصـحـابـه . أقــاربـه
فـمـا الـذي يُـجـلـسُـنـا هنا ؟!
قد إنـتـهـت يـا أصـدقـائـي حـفـلـة ( المـنـاسَــبـة ) !!
ولا أمـاسـي بـعـدهـا تـجـمـعـنـا
لا شِــعــرَ . لا وَرَق !!
إذن .. لـنـفـتـرق !!
مـوسـمـنـا رحــل !!
وطـالـمـا رحــل
ســتـرقـد الطـبـول والـربـابـة
سـتـنـتـهـي ــ مـؤقـتـاً ــ مـنـابـر الخـطـابـة
سـتـصـمـت القـصـائـد العـصـمـاءُ والكـتـابـة !!
مـعـذرةً شــاعِــرتـي الجـمـيـلـة
مـعـذرةً لـهـذهِ الـكـآبـة
فـالشِّــعـرُ في بـلادنـا
كـأهـلـهِ الـ ( غــلابـة )
تـعـوَّدوا تـجـنـيـدهُ لـمـوســمٍ وحــيـد
تـعـوَّدوا اغـتـصـابـه !!
في بـلـدي ..
تـعـوَّدت أقـلامـنـا تـقـبـيـل كـل كــف
تـعـوَّدت أن تـنـحـنـي بـرأسـهـا لـذلـهـا
لاحِـسـةً أقــدامُـهُ . مِـئـزَرهُ . ثِـيـابـه !!
في بـلـدي ..
أقــلامـنـا حـالـةٌ طـارئـةٌ مُـؤقـتـة !!
مـصـيـرهـا مُـعـلَّـقٌ من الـوريـد
بـخَـشْـبَـةِ المـنـاسَــبـة !!
فـطـالـمـا هـنـاك في بـلادنـا ( مُـنـاسَــبـة )
أُمــوُركــم يــا أصــدقــائـي طــيـبـة !!
وطـالـمـا ســمـاؤنـا الـجــدبـاءُ
لـمـرةٍ واحــدةٍ في ســنـةٍ تـزورهـا سَــحَـابـة
فـابـشــروا بـمـوســمِ الأمـطـار !!
من تـلـكُـمُ الســحـابـة !!
واحـمـدوا الله كـثـيـرا
فـالشِّــعـرُ في بـلادنـا بـخـيـر
والنـثـرُ في بـلادنـا بـخـيـر
والأغـنـيـاتُ كـلـهـا
بـمُـطـرِبِـيـهـا أولـئـكَ العـنـاتـر
تـطـمـأنـوا . تـطـمـأنـوا
كـلـهـا بـألـف ألـف خـيـر !!
ولا تـزالُ .. لا تـزالُ
بـنـفـسِ نـفـسِ شَـــدوهــا
ونـفـسُ مـا تـعـزفُـهُ لُـحـونـهـا
ونـفـسُ مـا تـقـرعـهُ طُـبـولـهـا الـمُـهـابـة !!
في بـلـدي صـديـقـتـي
إن حـلَّـت الـ ( مُـنـاسَــبـة )
لا ثَـمَّ من غَــرابـة !!
أن يـخـرج الـعـفـريـت من قُـمـقُـمـهِ
وينجـلي من الدخـان شـاعـراً أديـبـاً
نـاعـقـاً غُــرابـه !!
لا عـجـبـاً صـديـقـتي
من آلـةِ الشـعـورِ والإلـهـامِ والحـروف في بـلادنـا
أزرارهـا جـاهـزةٌ لـمـا يطـلـبـه المـسـتـمـعـون !!
فـكـبـســةٌ واحـدةٌ بــزُر
وتـحـصـلُ اســتـجـابـة !!
لا ثَـمَّ مِن غَــرابـة !!
لا ثَـمَّ مِن غَــرابـة !!
* * *
مـعـذرةً .. مـعـذرةً
يـا شِــعـرنـا الـمُـعـاصـر
مـعـذرةً أيـتـهـا الأقـــلام
الشِّــعـرُ في بـلادنـا مـوظـفٌ رســمـيٌّ
يـسـيـر حـسـبـمـا يـرى السـمـاســرة
ويـرغـــبُ الأقــزام !!
الشِّــعـرُ في بـلادنـا
مـلـعـونـةٌ قـصـائـده
إن لـم تُـصـلـي الخـمـسَ
وتُـحـسـنُ الـركـوعَ والـســجـود
وخـتـمـة الـدعــاء والـتـشـهـد الأخــيـر
لـحـضــرةِ الإِمــام
فـشِـعـرُهـا حـــرام !!
وكـل مـا تـقـولـه
خِــلافُ هـذه الفـروضُ والأحـكـام
ردَّةٌ شِـــعـريـةٌ خـطـيـرةٌ
في قـفـصِ إتـهـام !!
وربـمـا خِـيـانـةٌ عـظـمـى
عِـقـابُـهـا الإِعــدام !!
مَـعــذِرةً يـا شِــعـرنـا المُـعـاصِـر الجـمـيـلْ
مَـعــذِرةً يـا ســـيـدي النـبـيـلْ
مُـنـذُ غــزتـنـا هـذهِ الـ ( بُـدوان )
وحـاصـرت صـحـراؤهـا
مَـدائـن القـصـيـدة العـصـرية
الجـمـيـلـة البـيـوت والبـحـور والخـلـجـان
واحـتـكـرت أقــدامُـهـا الـمُـغـبـرَّة
مـســاحـة الشــعـور لـلإنـســان
مُـنـذُ أتـت واســتـوطـنـت قـبـائـلُ الـخـيـام
مـن يــومـهـا ..
وضــادُنـا مُـغــتـرِبَــة !!
وشِــعـرهـا ألـوانـهُ بـاهِــتـةٌ مُـســتَـلَـبَـة !!
ونـحـنُ ، والحــالُ هــكـذا
يـلـفُـنـا الغـبـارُ والهُـبـاب
والجــوع والـزكــام !!
مُـذ صـارت الأحــوالُ هـاهُـنـا
رجـعـيـةٌ جــديـدة
تـعــود لـلـوراء
ســـبـعـيـنَ ألــف عــام !!
* * *
تـلـمـحُـنـي صـديـقـتـي مُـكـتـئـبٌ
مُـنـقـبـضُ الشــعـور !!
تـسـألـنـي في ذلـك الصـبـاح
ونـحـن في الـزحــام :
ــ هــل تـكــرهَ الـزحــام ؟!
أرد في وُجُـــوم :
ــ لا أكره الـزحــامَ يـا صـديـقـتـي
فـذا بـعـيـنـي حـالـة عـاديـة يــومـيـة
وصـورة مُـعـتـادة تــدور
لـكـنـنـي مُـنـصـدمٌ مَـقـهــور
من وَجـهِ هـذا السُّـــور !!
كـيـف نَـمَـا بـســرعـةٍ بـهـذهِ الـمـديـنـة ؟!
أيُّ يَــدٍ طـائـشــةٍ ســاحـرةٍ رديـئـةِ الأصــابـع
وغـيـر ذاتَ حِــسٍّ
قـد غَـرَسَـت هـنـا أحـجـارهـا الـبـغـيـضـةُ الـغـلـيـظـةُ الـمـتـيـنـة ؟!
كـان هـنـا مَـدىً جـمـيـلاً مُـبـهـراً
مـلـوَّنـاً . مُـطـرَّزاً بـالـنـور !!
أيـن اخـتـفـت خـمـائـلُ الـورودِ والـزهــور ؟!
ونـخـلـةٌ وادِعَــةٌ
كـانـت هـنـا تُـعـرِّشُ الـنـهـارَ بـالظـلالَ والهـدوء والـحُـبـور !!
وجَــوقَــةٌ غِــرِّيـدةٌ ، مُـبـهـجـةٌ
أســرابـهـا من أجـمـلِ الـطـيـور !!
كـانـت هـنـا تُـغـنـي
في عـالـمٍ يـلـفُـهُ الـضــيـاءُ والـســرور !!
كـان يـا مـكـان !!
ويـضـحـكُ الـجــدار
ضِـحـكـةً طــويـلـةً بـطـولِ هـذا الـسُّــور !!
أوقـفـي ــ مَـعـذرةً ــ ذلـك المِـذيـاع
فـكـلـمـا سـمـعـتـهُ يُـصـيـبُـنـي صُــداع !!
كـرهـتُ هـذا الـكُــفـرَ !!
كـرهـتُ هـذا الـعُـهـرَ بـالـشــوارعِ وهـذهِ الأصـنـام !!
كـرهـتُ هـذهِ الإذاعـةُ الـيـومـيـةُ الـرتـيـبـةُ الـكــلام !!
كـرهـتُ هـذهِ الـقـصـائـد الـمـمـروغـةِ الجـبـاهِ والـشــعـور !!
كـرهـتُ كـلُّ صُـبـحٍ شـاحـبٍ
يـســوقُ لـي قـصـيـدة ذلـيـلـةٌ
من شــاعـرٍ مـغــرور
مُـزيـف الإحـسـاس والـحــروف !!
مُـبـرمَـجٌ . مُـقـيـدٌ . يُـسـاقُ كـالـخــروف !!
مَـعـذرةً صـديـقـتـي
مَـعـذرةً شـاعـرتـي الجـمـيـلـةُ الحـسـنـاء
لا تـدهـشـي من حـالـنـا
ومن تـبـلـدِ فِـكـرنـا
ومن رجــوعِ شِــعـرنـا
مـســافـةً طـويـلـةً إلى الــوراء
تُـقــاسُ بـالـدهــور !!
لا تـدهـشـي من هـذهِ الـمُـرقـعـات
وتِـلـكُـم الـبـداوةُ الـمُـصـفـرةُ الـحـروف والـســطـور !!
لا تـدهـشـي أيـتـهـا الأمـيـرة الأنـيـقـة
من هـذه الـقـصـيـدة الـقـديـمـة الـعـتـيـقـة
يـأتـي بـهـا شُـــويـعــرٌ
من تِـلـكُـم الـعـصــور !!
لا تـدهـشـي أيـتـهـا الآتـيـة
من وَهـجِ الـشُّـمُـوس
وضِـحـكـةِ الـربـيـع
ومن خـيـوط الـنـور !!
لا تـدهـشـي من عـالَـمٍ غــريـبٍ
يـعـيـشُ في مَـغــارة
ويـرتـضـي حـيـاتـه رجـعـيـةً
عـمـرهـا ســبـعـونَ ألـفَ عــام !!
لا تـدهـشـي من شِــعـرنـا
الـمـايـزالُ يـعـبـد الأصـنـامَ والـهـوام !!
لا تـدهـشـي من هـؤلاءِ الـمـوتـىَ وهـذهِ الـقـبـور !!
* * *
في كـل عــامٍ أُخــوتـي ..
يـقـتـلـون بـخـنـجـرِ الـنـفـاقِ والـريـاء
بـذيـكُـمُ الـرجـعـيـةُ / الـوراء
بـذيـنـك الـوبـاء والـغـبـاء
يـقـتـلـون زهــرةً جـمـيـلـةً أنـيـقـةَ الـمـلامـح
اســمـهـا ( الـقـصـيـدة ) !!
فـاركـزي ــ صـديـقـتـي ــ لـلـشِّــعـرِ في بـلادنا
خــيـمـة الـعــزاء !!
فـالـشِّـعـرُ إذ يـصـيـر
زهــرةً جـمـيـلـةً شــهـيـدة
من حـقـهِ أن تُـبـكِـهِ الـعـيـون
ويَـرْثِـهِ الـرثــاء !!
فـكُـل عــامٍ أخــوتـي ..
كُـلُّ عــامٍ وأنـتُـمُ والـشِّــعـرُ في فـقــيـدة !!
شِـــعـر : ســـعـيد مصـبح الـغـافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
ـــ تنبيه :
الصورة التي بالنص ملتقطة من أيام ( مهرجان الشعر العماني التاسع لعام 2014م ) وهي بحد ذاتها كافية لتلخيص وفضح واقع شعرنا العماني المعاصر والتدهور الذي وصل إليه .. لاحظ خـلـو القاعة تماما من الجمهور وحضور المدعوين الرسميين فقط وهو أمر له دلالته العميقة في عقل كل مهتم وباحث في هموم ومشاكل الأدب العماني المعاصر الشعر منه بوجه خاص .
http://im88.gulfup.com/PlcHV9.jpg
https://up.omaniaa.co/do.php?img=2359 (https://up.omaniaa.co/)
ـــ هذا النص الشعري الآتي هو في الحقيقة متمخض من أجواء حوار أدبي مع شاعرة عربية مهتمة بالشأن الشعري في الوطن العربي .. .. وأعرف أن هذه القصيدة الفضائحية والتي كتبتها بصدق وأنشرها هنا لأول مرة ستغضب الكثيرين من الشعراء في بلادنا وربما ستثير حفيظتهم .. لكني كتبتها محاولا بها وبشفافية صادقة لا تدخل الملق في قاموسها الشعري ــ كتبتها محاولا بها خلع عباءة واقع هذا الشعر العماني في راهن حاضره المعاصر وتعريته بهدف رؤيته من الداخل كما هو وكما هو واقعه وواقع شعراؤه وكما تقول فيه الحالة العامة لجمهور ( إقرأ ) والعوامل السلبية التي تقف وراء ذلك .
أترككم أخوتي وأخواتي مع النص ولكم فيض الشكر والتقدير على قراءته ..
كـل عــام و الـشِّــعــر فــي فــقــيـدة !!
في بلدي ..
في موسم الإياب
لا يولد الشِّـعـر هنا
إلا على حمَّـالة ( المـنـاسَــبـة ) !!
فكيف لا يحزنني ـــ صديقتي ـــ مـرآه ؟!
وكيف لا تجعـلـني أشـعـاره أُصـاب بـإكـتـئـاب ؟!
في بلدي المـؤقـت الحروف
يستيقظ النيام
بعد بياتِ عام
ويخرجون من كُـوَىَ الغـيـاب
وتطلع الفـئـران من جحورها
لمرة واحدة
في موسم وحيد
يطـن في أجوائه البعوض والذباب !!
في موسم الإيـاب
تـهـرول الثـعـالب المـجـدورة
وتـلـتـقي شـهـية الذئـاب بالكلاب
والكـل حـول ذا الـوطـــن
مـخـلـبـا ونـاب !!
فـكـيـف لا يـؤلـمـني نـزيـفـه . أنـيـنـه
وذلـك الـعـذاب ؟!
في بـلـدي العـاشـق الكـسـوف والخـسـوف والضـبـاب
من زمـن يـغـمـرني ــ صـديـقـتـي ــ شُـعـورُ إغــتـراب !!
* * *
الشِّـعـر في بلادنا لـمـوسـمٍ وحــيـد !!
فـإن أتـت وجـوهـه . حـروفـه . فـنـونـه . أيـامـه
تمضي على التكرار والرتـابـة !!
وبـعـدهـا ( سَــــلام ) !!
و إذ يـنـتـهـي الخـتـام
بذلك الســلام
إذ ينتهي التـهـريج والكــلام
إذ يســتـريح سَــمْـعُـنـا
وصُـبـحـنـا وجــوُّنـا
من ذلـك الطـنـيـن
من شاعـر الإذاعـةِ اليـومـي
الجـاهـزِ الهـطـولِ والمـطـر
وإذ ينتهي العــواءُ والثـغـاء
إذ ينتهي النـفـاقُ والـريـاء
إذ تنتهي الثـرثـرةُ العقيمة البليدة
في تـلكـم الإذاعــة الركـيـدة
وذلـك الـتـلـفـاز
والنـت والجــريـدة
إذ ينتهي الإزعـاج والضــجـر
وتـرقـد الأقــلام
ولا يـعـد لـمـنـبـرٍ
صــوتٌ ولا خــبـر !!
إذ ذاك يـا صـديـقـتـي
أقـول للـرفـاق
ونحن في وداعنا
بذلك الـعـنـاق :
إلى لـقـاءٍ قـادمٍ يا أيُّـهـا الـرفــاق
في ســنةٍ جـديـدة
ووهــجٍ جــديد
ومــوســمٍ جــديد
أنـفـاســهُ عـبـق !!
فـمـا الـذي يُـجـلـسُـنـا هنا ؟!
مـوسـمـنـا قـد رحـلـت أيـامـه
والـقـاعـة الـكـبـيـرة
فـارغــةٌ ، قـد دخـلـت شــتـاءهـا الطـويـل
وعـمَّـهـا الســكـونُ
والبـرد و الأرق !!
فـاحـجـزوا الـتـذاكـر
لـعـامـنـا الجــديـد
مـوعـدنـا هـنـاك
بـالـمـوســمِ الـبـعـيـد
فـارتـقـبـوا هــلالـهُ
واســتـنـظـروا بـشــوق !!
https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-xpa1/v/t1.0-9/10846296_696437170471676_6849239366232541994_n.jpg ?oh=0b88581a7c6ebaa01ba551c9f486a6f8&oe=550ACD2F&__gda__=1430456215_72ec2ebdb4aa4c0662cf01502de2885 b
في حـفـلـة الخـتـام
في آخــرِ الأيــام
الشِّــعـر ودَّع أهـلـه . أصـحـابـه . أقــاربـه
فـمـا الـذي يُـجـلـسُـنـا هنا ؟!
قد إنـتـهـت يـا أصـدقـائـي حـفـلـة ( المـنـاسَــبـة ) !!
ولا أمـاسـي بـعـدهـا تـجـمـعـنـا
لا شِــعــرَ . لا وَرَق !!
إذن .. لـنـفـتـرق !!
مـوسـمـنـا رحــل !!
وطـالـمـا رحــل
ســتـرقـد الطـبـول والـربـابـة
سـتـنـتـهـي ــ مـؤقـتـاً ــ مـنـابـر الخـطـابـة
سـتـصـمـت القـصـائـد العـصـمـاءُ والكـتـابـة !!
مـعـذرةً شــاعِــرتـي الجـمـيـلـة
مـعـذرةً لـهـذهِ الـكـآبـة
فـالشِّــعـرُ في بـلادنـا
كـأهـلـهِ الـ ( غــلابـة )
تـعـوَّدوا تـجـنـيـدهُ لـمـوســمٍ وحــيـد
تـعـوَّدوا اغـتـصـابـه !!
في بـلـدي ..
تـعـوَّدت أقـلامـنـا تـقـبـيـل كـل كــف
تـعـوَّدت أن تـنـحـنـي بـرأسـهـا لـذلـهـا
لاحِـسـةً أقــدامُـهُ . مِـئـزَرهُ . ثِـيـابـه !!
في بـلـدي ..
أقــلامـنـا حـالـةٌ طـارئـةٌ مُـؤقـتـة !!
مـصـيـرهـا مُـعـلَّـقٌ من الـوريـد
بـخَـشْـبَـةِ المـنـاسَــبـة !!
فـطـالـمـا هـنـاك في بـلادنـا ( مُـنـاسَــبـة )
أُمــوُركــم يــا أصــدقــائـي طــيـبـة !!
وطـالـمـا ســمـاؤنـا الـجــدبـاءُ
لـمـرةٍ واحــدةٍ في ســنـةٍ تـزورهـا سَــحَـابـة
فـابـشــروا بـمـوســمِ الأمـطـار !!
من تـلـكُـمُ الســحـابـة !!
واحـمـدوا الله كـثـيـرا
فـالشِّــعـرُ في بـلادنـا بـخـيـر
والنـثـرُ في بـلادنـا بـخـيـر
والأغـنـيـاتُ كـلـهـا
بـمُـطـرِبِـيـهـا أولـئـكَ العـنـاتـر
تـطـمـأنـوا . تـطـمـأنـوا
كـلـهـا بـألـف ألـف خـيـر !!
ولا تـزالُ .. لا تـزالُ
بـنـفـسِ نـفـسِ شَـــدوهــا
ونـفـسُ مـا تـعـزفُـهُ لُـحـونـهـا
ونـفـسُ مـا تـقـرعـهُ طُـبـولـهـا الـمُـهـابـة !!
في بـلـدي صـديـقـتـي
إن حـلَّـت الـ ( مُـنـاسَــبـة )
لا ثَـمَّ من غَــرابـة !!
أن يـخـرج الـعـفـريـت من قُـمـقُـمـهِ
وينجـلي من الدخـان شـاعـراً أديـبـاً
نـاعـقـاً غُــرابـه !!
لا عـجـبـاً صـديـقـتي
من آلـةِ الشـعـورِ والإلـهـامِ والحـروف في بـلادنـا
أزرارهـا جـاهـزةٌ لـمـا يطـلـبـه المـسـتـمـعـون !!
فـكـبـســةٌ واحـدةٌ بــزُر
وتـحـصـلُ اســتـجـابـة !!
لا ثَـمَّ مِن غَــرابـة !!
لا ثَـمَّ مِن غَــرابـة !!
* * *
مـعـذرةً .. مـعـذرةً
يـا شِــعـرنـا الـمُـعـاصـر
مـعـذرةً أيـتـهـا الأقـــلام
الشِّــعـرُ في بـلادنـا مـوظـفٌ رســمـيٌّ
يـسـيـر حـسـبـمـا يـرى السـمـاســرة
ويـرغـــبُ الأقــزام !!
الشِّــعـرُ في بـلادنـا
مـلـعـونـةٌ قـصـائـده
إن لـم تُـصـلـي الخـمـسَ
وتُـحـسـنُ الـركـوعَ والـســجـود
وخـتـمـة الـدعــاء والـتـشـهـد الأخــيـر
لـحـضــرةِ الإِمــام
فـشِـعـرُهـا حـــرام !!
وكـل مـا تـقـولـه
خِــلافُ هـذه الفـروضُ والأحـكـام
ردَّةٌ شِـــعـريـةٌ خـطـيـرةٌ
في قـفـصِ إتـهـام !!
وربـمـا خِـيـانـةٌ عـظـمـى
عِـقـابُـهـا الإِعــدام !!
مَـعــذِرةً يـا شِــعـرنـا المُـعـاصِـر الجـمـيـلْ
مَـعــذِرةً يـا ســـيـدي النـبـيـلْ
مُـنـذُ غــزتـنـا هـذهِ الـ ( بُـدوان )
وحـاصـرت صـحـراؤهـا
مَـدائـن القـصـيـدة العـصـرية
الجـمـيـلـة البـيـوت والبـحـور والخـلـجـان
واحـتـكـرت أقــدامُـهـا الـمُـغـبـرَّة
مـســاحـة الشــعـور لـلإنـســان
مُـنـذُ أتـت واســتـوطـنـت قـبـائـلُ الـخـيـام
مـن يــومـهـا ..
وضــادُنـا مُـغــتـرِبَــة !!
وشِــعـرهـا ألـوانـهُ بـاهِــتـةٌ مُـســتَـلَـبَـة !!
ونـحـنُ ، والحــالُ هــكـذا
يـلـفُـنـا الغـبـارُ والهُـبـاب
والجــوع والـزكــام !!
مُـذ صـارت الأحــوالُ هـاهُـنـا
رجـعـيـةٌ جــديـدة
تـعــود لـلـوراء
ســـبـعـيـنَ ألــف عــام !!
* * *
تـلـمـحُـنـي صـديـقـتـي مُـكـتـئـبٌ
مُـنـقـبـضُ الشــعـور !!
تـسـألـنـي في ذلـك الصـبـاح
ونـحـن في الـزحــام :
ــ هــل تـكــرهَ الـزحــام ؟!
أرد في وُجُـــوم :
ــ لا أكره الـزحــامَ يـا صـديـقـتـي
فـذا بـعـيـنـي حـالـة عـاديـة يــومـيـة
وصـورة مُـعـتـادة تــدور
لـكـنـنـي مُـنـصـدمٌ مَـقـهــور
من وَجـهِ هـذا السُّـــور !!
كـيـف نَـمَـا بـســرعـةٍ بـهـذهِ الـمـديـنـة ؟!
أيُّ يَــدٍ طـائـشــةٍ ســاحـرةٍ رديـئـةِ الأصــابـع
وغـيـر ذاتَ حِــسٍّ
قـد غَـرَسَـت هـنـا أحـجـارهـا الـبـغـيـضـةُ الـغـلـيـظـةُ الـمـتـيـنـة ؟!
كـان هـنـا مَـدىً جـمـيـلاً مُـبـهـراً
مـلـوَّنـاً . مُـطـرَّزاً بـالـنـور !!
أيـن اخـتـفـت خـمـائـلُ الـورودِ والـزهــور ؟!
ونـخـلـةٌ وادِعَــةٌ
كـانـت هـنـا تُـعـرِّشُ الـنـهـارَ بـالظـلالَ والهـدوء والـحُـبـور !!
وجَــوقَــةٌ غِــرِّيـدةٌ ، مُـبـهـجـةٌ
أســرابـهـا من أجـمـلِ الـطـيـور !!
كـانـت هـنـا تُـغـنـي
في عـالـمٍ يـلـفُـهُ الـضــيـاءُ والـســرور !!
كـان يـا مـكـان !!
ويـضـحـكُ الـجــدار
ضِـحـكـةً طــويـلـةً بـطـولِ هـذا الـسُّــور !!
أوقـفـي ــ مَـعـذرةً ــ ذلـك المِـذيـاع
فـكـلـمـا سـمـعـتـهُ يُـصـيـبُـنـي صُــداع !!
كـرهـتُ هـذا الـكُــفـرَ !!
كـرهـتُ هـذا الـعُـهـرَ بـالـشــوارعِ وهـذهِ الأصـنـام !!
كـرهـتُ هـذهِ الإذاعـةُ الـيـومـيـةُ الـرتـيـبـةُ الـكــلام !!
كـرهـتُ هـذهِ الـقـصـائـد الـمـمـروغـةِ الجـبـاهِ والـشــعـور !!
كـرهـتُ كـلُّ صُـبـحٍ شـاحـبٍ
يـســوقُ لـي قـصـيـدة ذلـيـلـةٌ
من شــاعـرٍ مـغــرور
مُـزيـف الإحـسـاس والـحــروف !!
مُـبـرمَـجٌ . مُـقـيـدٌ . يُـسـاقُ كـالـخــروف !!
مَـعـذرةً صـديـقـتـي
مَـعـذرةً شـاعـرتـي الجـمـيـلـةُ الحـسـنـاء
لا تـدهـشـي من حـالـنـا
ومن تـبـلـدِ فِـكـرنـا
ومن رجــوعِ شِــعـرنـا
مـســافـةً طـويـلـةً إلى الــوراء
تُـقــاسُ بـالـدهــور !!
لا تـدهـشـي من هـذهِ الـمُـرقـعـات
وتِـلـكُـم الـبـداوةُ الـمُـصـفـرةُ الـحـروف والـســطـور !!
لا تـدهـشـي أيـتـهـا الأمـيـرة الأنـيـقـة
من هـذه الـقـصـيـدة الـقـديـمـة الـعـتـيـقـة
يـأتـي بـهـا شُـــويـعــرٌ
من تِـلـكُـم الـعـصــور !!
لا تـدهـشـي أيـتـهـا الآتـيـة
من وَهـجِ الـشُّـمُـوس
وضِـحـكـةِ الـربـيـع
ومن خـيـوط الـنـور !!
لا تـدهـشـي من عـالَـمٍ غــريـبٍ
يـعـيـشُ في مَـغــارة
ويـرتـضـي حـيـاتـه رجـعـيـةً
عـمـرهـا ســبـعـونَ ألـفَ عــام !!
لا تـدهـشـي من شِــعـرنـا
الـمـايـزالُ يـعـبـد الأصـنـامَ والـهـوام !!
لا تـدهـشـي من هـؤلاءِ الـمـوتـىَ وهـذهِ الـقـبـور !!
* * *
في كـل عــامٍ أُخــوتـي ..
يـقـتـلـون بـخـنـجـرِ الـنـفـاقِ والـريـاء
بـذيـكُـمُ الـرجـعـيـةُ / الـوراء
بـذيـنـك الـوبـاء والـغـبـاء
يـقـتـلـون زهــرةً جـمـيـلـةً أنـيـقـةَ الـمـلامـح
اســمـهـا ( الـقـصـيـدة ) !!
فـاركـزي ــ صـديـقـتـي ــ لـلـشِّــعـرِ في بـلادنا
خــيـمـة الـعــزاء !!
فـالـشِّـعـرُ إذ يـصـيـر
زهــرةً جـمـيـلـةً شــهـيـدة
من حـقـهِ أن تُـبـكِـهِ الـعـيـون
ويَـرْثِـهِ الـرثــاء !!
فـكُـل عــامٍ أخــوتـي ..
كُـلُّ عــامٍ وأنـتُـمُ والـشِّــعـرُ في فـقــيـدة !!
شِـــعـر : ســـعـيد مصـبح الـغـافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
ـــ تنبيه :
الصورة التي بالنص ملتقطة من أيام ( مهرجان الشعر العماني التاسع لعام 2014م ) وهي بحد ذاتها كافية لتلخيص وفضح واقع شعرنا العماني المعاصر والتدهور الذي وصل إليه .. لاحظ خـلـو القاعة تماما من الجمهور وحضور المدعوين الرسميين فقط وهو أمر له دلالته العميقة في عقل كل مهتم وباحث في هموم ومشاكل الأدب العماني المعاصر الشعر منه بوجه خاص .
http://im88.gulfup.com/PlcHV9.jpg