ســـعـيد مصــبـح الغــافــري
08-11-2018, 06:34 AM
قـلـبـي لـيس لـك !!
http://up.omaniaa.co/do.php?img=17266 (http://up.omaniaa.co/)
سيارتها الفورد ذات الرقم الثلاثي المميز على اللوحة الصفراء برهانا يتحدى الآن اللا ممكن ويقف على أرض اللا متوقع .. بين بلدتها البعيدة ( وتكره أن تلفظها نائية ) ومدينة حبيبها مسافة 250 كم ، قطعتها لوحدها دون مرافق إلا ثقتها بنفسها ..
¥ تبا !! الناس وصلوا القمر وقطعوا إليه ملايين الأميال وأنا أتباهى بمسافة حقيرة على الأرض !! ومع ذلك ، كأني أسمع أحدهم صارخا بسخرية من خلف لحيته المنهدلة على صدره : لا أكثر من فلتان . طيش . ردة نسوان . عورة !!
لا بأس .. اعتدنا القصف والرد بما هو أعنف !!
تتوقف عند أول مدخل للعاصمة .. تنزل .. تنادي سائق تاكسي صادفته جالسا على المقعد الأمامي قبالة المقود مباشرة يدخن سيجارته بذهن شارد .. الباب مفتوح ووجهه جهة الشرق يطالع السيارات الصاعدة فوق الجسر القريب من الدوار وغيوم دخانه متوزعا بين جوف السيارة والفضاء المفتوح وفمه :
# لو سمحت أخي . ممكن خدمة ؟!
كاد يشرق بدخانه وهو يسمع هذا الصوت العذب يأتيه من أجمل فتاة واقفة بسيارتها خلف سيارته بمسافة متر واحد . ماكاد يلتفت للوراء ويراها حتى انتابه ما يشبه الصعق .. وفورا ضحى بما تبقى من نصف سيجارته الماتزال في نصف طريق اشتعالها ورماها من بين أصابعه ونزل وهو يفرك الطرف المشتعل من السيجارة المرمية على الرصيف بنعاله المغبرة . وبحركة سريعة وعيناه زائغتان ، ترجل نازلا من سيارته ، وركض صوبها ، وفي أعماقه المتهللة يقول :
@ لا تهم السيجارة أمام هذا الخير الذي نزل علي !!
وكل ما على ملامحه من حماس يشي باستعداده لأي شيء تأمره به هذه الحسناء وفورا وبلا تردد ، ولو بإلقاء روحه تحت أي شاحنة مارقة تفرمه بعجلاتها العشرين الضخمة ويلقى حتفه بطريقة ( من مات فداء للمحبوب ) ..
@ مريني .. من عيوني ..
عيناه فيها مرتعشتا النظرة ومتوثبتان.. وخط من عرق أبيض ينزل بهدوء أسفل فوده الأشيب الستيني العمر .. لكنه يوشك أن يغرق في بحر عرق أكبر وهو يراها أمامه ..
¥ لن يتغير هذا المجتمع أبدا . ما يزال دماغه بين فخذيه !!
في عقلها قالت ، وابتسمت للكلمة الأخيرة ( بين فخذيه ) والتي جاءتها عفوا . أرادت أن تلعب بأعصابه . أن تلسعه بقليل من النار ، فردت بابتسامة مشرقة ومزلزلة :
# تسلم لي عيونك ..
وفي أعماقها انجزرت موجة من صوت ساخر يهزأ :
¥ دع عيناك المتآكلة الحواف لك أيها المتصابي ..
ثم قالت مستأنفة مطلبها بصوت جاد :
# صَـوِّرْني من فضلك على حالتين ؛ بنظارة وبدون نظارة .
ورد متحمسا بنبرة لزجة :
@ حاضرين للطيبين ..
وقتها ، كانت النظارة الشمسية الجميلة ما تزال على عينيها ، لم ترفعها عنهما ، وكأنها تتمهل شكل الحالة التي تريد أن تقتله بها ..
وبدلا من أن تناوله هاتفها النقال ليصَـوِّرها على الوضعية التي تريدها ، إذ بها تسأله سؤالا غريبا ، انزاح بعيدا جدا عن الموضوع :
# عفوا . هل هذه السيارة لك ؟! رأيتك تنزل منها !!
وأجاب وقد لمعت عيناه :
@ نعم . هي لي . سيارتي . هل من خدمة أقدمها لك ؟! أنا فاضي للآخر ..
( فاضي للآخر ) !!
وأحست أنه يضغط بأسنانه على هاتين الكلمتين الأخيرتين الوقحتين حد العفونة .. كأنه يغريها بميزات الركوب في تاكسي قديم موديل 99 .
يا للحقير !!
في قلبها ضحكت بسخرية واحتقار وهي تتمعن كهولة سيارته هذه ، المزكومة بدخان سيجارته ، وبالكثير من الخدوش ، والكدمات ورضات الزمن والأقدار .
كانت عيناها خلف النظارة ، مركزتان على لوحة رقم السيارة ورمزها . حفظت بيانات اللوحة سريعا ، دون أن يشعر هو إلى ماذا نظرت ، أو ماذا بالضبط دوَّنت في عقلها ، ثم ضبطت وضعية الكاميرا في هاتفها النقال وناولته إياه باطمئنان وهي تقول بدعابة :
# اضبط تصويري من فضلك . و يا ويلك إذا ظهرت الصورة رديئة ؛ سأذبحك .
وضحك . يا لبشاعة الأسنان الصفراء المنخورة التي ظهرت بعدما ضحك ..
¥ أهذا ( الفاضي للآخر ) الذي يليق أن أركب معه ليفسحني في طول وعرض هذه العاصمة الجميلة وفي تاكسي قديم يشبه سيارة باباي ؟!
بسيطة !!
مدت ذراعها الأيمن بكل طوله الأنثوي الاملس ووضعته على جانب من السطح الأمامي لغطاء سيارتها ، بينما اليد الثانية وضعتها على يسار خصرها المثير بصورة استعراضية ..
# 3 . 2 . 1 . صَـوِّرْ .
وصَـوَّرَها السائق على هذه الوضعية التي أرادتها . ومن جديد ، انتصبت واقفة بقامتها الطويلة وقوامها الجميل . وبهدوء ، رفعت بأصابعها الطويلة الرقيقة نظارتها التي كانت تحجب ملامح عينيها ، وثبتتها أعلى جبهتها .
يا إلهي !!
خفق قلبه ، عندما أطلت عليه أجمل عينين رآهما في حياته . ارتعشت أصابعه الماسكة بالهاتف . كاد الأخير أن يسقط من يديه . عينان بلون الليل الواسع ببياض صاف ، فوقهما ظل من رموش طوال أشبه بسهام جارحة يعلوها سيفان صقيلان من حاجبين دقيقين مذهلين جدا وهما بذاك التحديد البديع . فأين سيهرب من هذا الجمال القاتل وكل شيء في وجهها يحاصر روحه ؟!
# صَـوِّرْ . ما بك مرتبكا ؟!
@ حاضر . حالا !!
مسك أعصابه وصَـوَّرَها وهي بجوار سيارتها ، ولكن هذه المرة بوضعية واقفة ويداها مضمومتان على صدرها ووجهها به إبتسامة مضمومة الشفاه .
# شكرا . أحسنت .
http://up.omaniaa.co/do.php?img=17267 (http://up.omaniaa.co/)
أعاد إليها هاتفها النقال وعيناه تتحاشيان النظر إلى وجهها . أما هي فلم تكترث له ، ولا للمصير البائس الذي سيكون عليه قلبه بعدما تغيب عنه ، وإنما بكل بساطة فتحت باب سيارتها ، وانطلقت تاركة الرجل متخشبا في مكانه مثل صنم أو إنسان متجمد مات بصعقة . لم تجبه على سؤاله الذي طرحه بفضول متعطش عليها ، وكأنه يضع فيه آخر أمل يتشبث فيه بها ، قبل أن تختفي هي عنه بكل صباحها الباهر الذي غمرته به :
@ من أين أنت يا طيبة ؟!
وببساطة وعبر شعاع مبتسم أجابت وهي تنصرف بسيارتها :
# من هذه الدنيا يا طيب .
وغابت في الزحام الطويل .
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
__ النص مقطع من مسودة أولية لرواية طويلة قيد التأليف .
__ العنوان في هذا النص القصصي ليس هو العنوان الأصلي للرواية .
______________________
http://up.omaniaa.co/do.php?img=17266 (http://up.omaniaa.co/)
سيارتها الفورد ذات الرقم الثلاثي المميز على اللوحة الصفراء برهانا يتحدى الآن اللا ممكن ويقف على أرض اللا متوقع .. بين بلدتها البعيدة ( وتكره أن تلفظها نائية ) ومدينة حبيبها مسافة 250 كم ، قطعتها لوحدها دون مرافق إلا ثقتها بنفسها ..
¥ تبا !! الناس وصلوا القمر وقطعوا إليه ملايين الأميال وأنا أتباهى بمسافة حقيرة على الأرض !! ومع ذلك ، كأني أسمع أحدهم صارخا بسخرية من خلف لحيته المنهدلة على صدره : لا أكثر من فلتان . طيش . ردة نسوان . عورة !!
لا بأس .. اعتدنا القصف والرد بما هو أعنف !!
تتوقف عند أول مدخل للعاصمة .. تنزل .. تنادي سائق تاكسي صادفته جالسا على المقعد الأمامي قبالة المقود مباشرة يدخن سيجارته بذهن شارد .. الباب مفتوح ووجهه جهة الشرق يطالع السيارات الصاعدة فوق الجسر القريب من الدوار وغيوم دخانه متوزعا بين جوف السيارة والفضاء المفتوح وفمه :
# لو سمحت أخي . ممكن خدمة ؟!
كاد يشرق بدخانه وهو يسمع هذا الصوت العذب يأتيه من أجمل فتاة واقفة بسيارتها خلف سيارته بمسافة متر واحد . ماكاد يلتفت للوراء ويراها حتى انتابه ما يشبه الصعق .. وفورا ضحى بما تبقى من نصف سيجارته الماتزال في نصف طريق اشتعالها ورماها من بين أصابعه ونزل وهو يفرك الطرف المشتعل من السيجارة المرمية على الرصيف بنعاله المغبرة . وبحركة سريعة وعيناه زائغتان ، ترجل نازلا من سيارته ، وركض صوبها ، وفي أعماقه المتهللة يقول :
@ لا تهم السيجارة أمام هذا الخير الذي نزل علي !!
وكل ما على ملامحه من حماس يشي باستعداده لأي شيء تأمره به هذه الحسناء وفورا وبلا تردد ، ولو بإلقاء روحه تحت أي شاحنة مارقة تفرمه بعجلاتها العشرين الضخمة ويلقى حتفه بطريقة ( من مات فداء للمحبوب ) ..
@ مريني .. من عيوني ..
عيناه فيها مرتعشتا النظرة ومتوثبتان.. وخط من عرق أبيض ينزل بهدوء أسفل فوده الأشيب الستيني العمر .. لكنه يوشك أن يغرق في بحر عرق أكبر وهو يراها أمامه ..
¥ لن يتغير هذا المجتمع أبدا . ما يزال دماغه بين فخذيه !!
في عقلها قالت ، وابتسمت للكلمة الأخيرة ( بين فخذيه ) والتي جاءتها عفوا . أرادت أن تلعب بأعصابه . أن تلسعه بقليل من النار ، فردت بابتسامة مشرقة ومزلزلة :
# تسلم لي عيونك ..
وفي أعماقها انجزرت موجة من صوت ساخر يهزأ :
¥ دع عيناك المتآكلة الحواف لك أيها المتصابي ..
ثم قالت مستأنفة مطلبها بصوت جاد :
# صَـوِّرْني من فضلك على حالتين ؛ بنظارة وبدون نظارة .
ورد متحمسا بنبرة لزجة :
@ حاضرين للطيبين ..
وقتها ، كانت النظارة الشمسية الجميلة ما تزال على عينيها ، لم ترفعها عنهما ، وكأنها تتمهل شكل الحالة التي تريد أن تقتله بها ..
وبدلا من أن تناوله هاتفها النقال ليصَـوِّرها على الوضعية التي تريدها ، إذ بها تسأله سؤالا غريبا ، انزاح بعيدا جدا عن الموضوع :
# عفوا . هل هذه السيارة لك ؟! رأيتك تنزل منها !!
وأجاب وقد لمعت عيناه :
@ نعم . هي لي . سيارتي . هل من خدمة أقدمها لك ؟! أنا فاضي للآخر ..
( فاضي للآخر ) !!
وأحست أنه يضغط بأسنانه على هاتين الكلمتين الأخيرتين الوقحتين حد العفونة .. كأنه يغريها بميزات الركوب في تاكسي قديم موديل 99 .
يا للحقير !!
في قلبها ضحكت بسخرية واحتقار وهي تتمعن كهولة سيارته هذه ، المزكومة بدخان سيجارته ، وبالكثير من الخدوش ، والكدمات ورضات الزمن والأقدار .
كانت عيناها خلف النظارة ، مركزتان على لوحة رقم السيارة ورمزها . حفظت بيانات اللوحة سريعا ، دون أن يشعر هو إلى ماذا نظرت ، أو ماذا بالضبط دوَّنت في عقلها ، ثم ضبطت وضعية الكاميرا في هاتفها النقال وناولته إياه باطمئنان وهي تقول بدعابة :
# اضبط تصويري من فضلك . و يا ويلك إذا ظهرت الصورة رديئة ؛ سأذبحك .
وضحك . يا لبشاعة الأسنان الصفراء المنخورة التي ظهرت بعدما ضحك ..
¥ أهذا ( الفاضي للآخر ) الذي يليق أن أركب معه ليفسحني في طول وعرض هذه العاصمة الجميلة وفي تاكسي قديم يشبه سيارة باباي ؟!
بسيطة !!
مدت ذراعها الأيمن بكل طوله الأنثوي الاملس ووضعته على جانب من السطح الأمامي لغطاء سيارتها ، بينما اليد الثانية وضعتها على يسار خصرها المثير بصورة استعراضية ..
# 3 . 2 . 1 . صَـوِّرْ .
وصَـوَّرَها السائق على هذه الوضعية التي أرادتها . ومن جديد ، انتصبت واقفة بقامتها الطويلة وقوامها الجميل . وبهدوء ، رفعت بأصابعها الطويلة الرقيقة نظارتها التي كانت تحجب ملامح عينيها ، وثبتتها أعلى جبهتها .
يا إلهي !!
خفق قلبه ، عندما أطلت عليه أجمل عينين رآهما في حياته . ارتعشت أصابعه الماسكة بالهاتف . كاد الأخير أن يسقط من يديه . عينان بلون الليل الواسع ببياض صاف ، فوقهما ظل من رموش طوال أشبه بسهام جارحة يعلوها سيفان صقيلان من حاجبين دقيقين مذهلين جدا وهما بذاك التحديد البديع . فأين سيهرب من هذا الجمال القاتل وكل شيء في وجهها يحاصر روحه ؟!
# صَـوِّرْ . ما بك مرتبكا ؟!
@ حاضر . حالا !!
مسك أعصابه وصَـوَّرَها وهي بجوار سيارتها ، ولكن هذه المرة بوضعية واقفة ويداها مضمومتان على صدرها ووجهها به إبتسامة مضمومة الشفاه .
# شكرا . أحسنت .
http://up.omaniaa.co/do.php?img=17267 (http://up.omaniaa.co/)
أعاد إليها هاتفها النقال وعيناه تتحاشيان النظر إلى وجهها . أما هي فلم تكترث له ، ولا للمصير البائس الذي سيكون عليه قلبه بعدما تغيب عنه ، وإنما بكل بساطة فتحت باب سيارتها ، وانطلقت تاركة الرجل متخشبا في مكانه مثل صنم أو إنسان متجمد مات بصعقة . لم تجبه على سؤاله الذي طرحه بفضول متعطش عليها ، وكأنه يضع فيه آخر أمل يتشبث فيه بها ، قبل أن تختفي هي عنه بكل صباحها الباهر الذي غمرته به :
@ من أين أنت يا طيبة ؟!
وببساطة وعبر شعاع مبتسم أجابت وهي تنصرف بسيارتها :
# من هذه الدنيا يا طيب .
وغابت في الزحام الطويل .
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
__ النص مقطع من مسودة أولية لرواية طويلة قيد التأليف .
__ العنوان في هذا النص القصصي ليس هو العنوان الأصلي للرواية .
______________________