شموس الحق
13-11-2017, 02:57 PM
موت وميلاد...
في مكتبي الصغير ..في ليلة شعرت انها تختلف عن سائرالليالي .. ساعات قليلة عن صلاة الفجر .. اصوات نساء تتألم ..أعتاد السمع على صدى أنينها .. نزقت لصوت ممرضة تناديني ..دكتورة عائشة ..دكتورة عائشة .. قالت بصوت مرعوب .. فتاة عشرينية ..ولادة اولى .. أدركت ان الامر غير يسير .. غرفة التعقيم جاهزة .. لم يرافقها سوى زوجها فقط ..ليس كالعادة ..شاحبا ..مذهولا .. طلبت منه مغادرة القاعة ..بعد طمأنته .. لم أنسى ان أطلب منه الدعاء لها.. الامر ليس بهين.. تتلوى من الألم .. تتوسل .. تطلب (البنج) ..خضعت لكافة اجراءات مراقبة العلامات الحيوية للام ..جهاز مراقبة الجنين ..لم يبدو الامر طبيعيا .. يضيق تنفس الفتاة ..بالكاد التنفس الصناعي يقوم بدوره .. يراودها فقدان للوعي في بعض الاحيان .. لم تفلح معها توسلات الممرضات بالهدوء والصبر .. آلام الخلاص تبدو متسارعة .. على غير العادة .. الألم يتصاعد لحدود الرعب .. للمرة الاولى أجدني عاجزة .. تضاءلت أمامي كل الحلول .. لم تنفع إستعانتي بنصائح الاستشارية .. بالقربة مني .. الوقت يتسارع .. صرخات الفتاة تعلوا .. ترعب جناح الطواريء ..يتردد صدى طلبها الرحمة والرأفة..تتوالى زفرات أوجاع الولادة..أمل الخلاص.. دموع الممرضات تتناثر في غرفة الطواريء ..سكين تقطع قلبي إربا .. انتزعت دموعي .. للمرة الاولى اشعر ان المسؤولية تتضاءل أمام عيني..لم يتبق سوى توسلات الدعاء والصلوات .. نزقت لدوي صرخة مرعبة من الفتاة .. اعقبتها لحظة هدوء وترقب من الجميع .. صوت فتاة صغيرة .. صوت ملائكي ..يملأ الفضاء ..اعاد البسمة في تلك الوجوه العابسة .. لحظة ميلاد تمازجت بدموع فرح .. اقتربت الطفلة لحضن أمها.. بالكاد تفتح عينها ..ضمتها بحنان .. اتصال بصري ضئيل بينهما .. لغة الجسد تحكي قصة للالم ..ابتسامات غامضة .. فجأة .. تراخت ذراعي الفتاة بشكل بطيء .. سقطت الطفلة بين يدي امها ..اسرعت الممرضات .. جهاز نبض القلب ينبأ بأمر مرعب .. توقف نبض الفتاة بشكل مفاجيء.. ربما سكتة قلبية مفاجئة (sca) .. هرعت الممرضات لبعض اجراءات انعاش القلب الرئوي (cpr) .. تسارعت قبلات الحياة .. وصدمات سريعة لجهاز (aed) لانعاش القلب ..تكررت لمرات عديدة .. شعرت برعب لم اشعر به من قبل .. تصرفات لا ارادية .. بكاء هستيري يملاء المكان .. ممرضة تضمني بصوت يشبه النحيب .. شعور غير مألوف أنتابني .. لا أدري كيف تجرأت تلك الممرضة لترفع الغطاء على وجه الفتاة .. أعقب ذلك سماع صوت اذان الفجر .. وصوت طفلة .. تحمل رسالة اختلطت في نبرات صوتها الملائكي أشياء غامضة.. كنت امضي في طريقي الى مكتبي الصغير برفقة ممرضة.. تلف ذراعيها على كتفي بحنان .. على باب الطواريء..صدمت بصرخة مدوية ..هذه المرة اطلقها زوج الفتاة العشريني..ضاعت في تلك اللحظة احلاما رسمها ذلك الشاب مع فتاة أحلامه ..همدت كجسد الفتاة الهامد ..لم تعد تلك الاحلام جميلة .. في لحظة الميلاد..أيمان بقدر مكتوب .. حكمة الاهية .. سنة هذه الحياة..مكتوبة ألواح الموت والميلاد.. جلست في مكتبي الضيق بهموم وآلام تلك الليلة الكئيبة ..كتبت تقريري اليومي .. كتبت اجازة مفتوحة ..في دفتر مذكراتي ..دونت صفحة سوداء ..لم ولن تمحى من ذاكرتي للابد .. في صفحة اخرى نثرت بعض الكلمات ..اختلطت بدمع عيني.. منبعها القلب ...ارحموا الانثى ..تهب الحياة والميلاد لتموت في زفرات الالم ..ارحموا الانثى .. فلحظة الميلاد لن ننصف حقها بكل نعيم الدنيا .. ارحموا الانثى ..لان الجنة تحت اقدامها .
بقلمي / ناصر الضامري
في مكتبي الصغير ..في ليلة شعرت انها تختلف عن سائرالليالي .. ساعات قليلة عن صلاة الفجر .. اصوات نساء تتألم ..أعتاد السمع على صدى أنينها .. نزقت لصوت ممرضة تناديني ..دكتورة عائشة ..دكتورة عائشة .. قالت بصوت مرعوب .. فتاة عشرينية ..ولادة اولى .. أدركت ان الامر غير يسير .. غرفة التعقيم جاهزة .. لم يرافقها سوى زوجها فقط ..ليس كالعادة ..شاحبا ..مذهولا .. طلبت منه مغادرة القاعة ..بعد طمأنته .. لم أنسى ان أطلب منه الدعاء لها.. الامر ليس بهين.. تتلوى من الألم .. تتوسل .. تطلب (البنج) ..خضعت لكافة اجراءات مراقبة العلامات الحيوية للام ..جهاز مراقبة الجنين ..لم يبدو الامر طبيعيا .. يضيق تنفس الفتاة ..بالكاد التنفس الصناعي يقوم بدوره .. يراودها فقدان للوعي في بعض الاحيان .. لم تفلح معها توسلات الممرضات بالهدوء والصبر .. آلام الخلاص تبدو متسارعة .. على غير العادة .. الألم يتصاعد لحدود الرعب .. للمرة الاولى أجدني عاجزة .. تضاءلت أمامي كل الحلول .. لم تنفع إستعانتي بنصائح الاستشارية .. بالقربة مني .. الوقت يتسارع .. صرخات الفتاة تعلوا .. ترعب جناح الطواريء ..يتردد صدى طلبها الرحمة والرأفة..تتوالى زفرات أوجاع الولادة..أمل الخلاص.. دموع الممرضات تتناثر في غرفة الطواريء ..سكين تقطع قلبي إربا .. انتزعت دموعي .. للمرة الاولى اشعر ان المسؤولية تتضاءل أمام عيني..لم يتبق سوى توسلات الدعاء والصلوات .. نزقت لدوي صرخة مرعبة من الفتاة .. اعقبتها لحظة هدوء وترقب من الجميع .. صوت فتاة صغيرة .. صوت ملائكي ..يملأ الفضاء ..اعاد البسمة في تلك الوجوه العابسة .. لحظة ميلاد تمازجت بدموع فرح .. اقتربت الطفلة لحضن أمها.. بالكاد تفتح عينها ..ضمتها بحنان .. اتصال بصري ضئيل بينهما .. لغة الجسد تحكي قصة للالم ..ابتسامات غامضة .. فجأة .. تراخت ذراعي الفتاة بشكل بطيء .. سقطت الطفلة بين يدي امها ..اسرعت الممرضات .. جهاز نبض القلب ينبأ بأمر مرعب .. توقف نبض الفتاة بشكل مفاجيء.. ربما سكتة قلبية مفاجئة (sca) .. هرعت الممرضات لبعض اجراءات انعاش القلب الرئوي (cpr) .. تسارعت قبلات الحياة .. وصدمات سريعة لجهاز (aed) لانعاش القلب ..تكررت لمرات عديدة .. شعرت برعب لم اشعر به من قبل .. تصرفات لا ارادية .. بكاء هستيري يملاء المكان .. ممرضة تضمني بصوت يشبه النحيب .. شعور غير مألوف أنتابني .. لا أدري كيف تجرأت تلك الممرضة لترفع الغطاء على وجه الفتاة .. أعقب ذلك سماع صوت اذان الفجر .. وصوت طفلة .. تحمل رسالة اختلطت في نبرات صوتها الملائكي أشياء غامضة.. كنت امضي في طريقي الى مكتبي الصغير برفقة ممرضة.. تلف ذراعيها على كتفي بحنان .. على باب الطواريء..صدمت بصرخة مدوية ..هذه المرة اطلقها زوج الفتاة العشريني..ضاعت في تلك اللحظة احلاما رسمها ذلك الشاب مع فتاة أحلامه ..همدت كجسد الفتاة الهامد ..لم تعد تلك الاحلام جميلة .. في لحظة الميلاد..أيمان بقدر مكتوب .. حكمة الاهية .. سنة هذه الحياة..مكتوبة ألواح الموت والميلاد.. جلست في مكتبي الضيق بهموم وآلام تلك الليلة الكئيبة ..كتبت تقريري اليومي .. كتبت اجازة مفتوحة ..في دفتر مذكراتي ..دونت صفحة سوداء ..لم ولن تمحى من ذاكرتي للابد .. في صفحة اخرى نثرت بعض الكلمات ..اختلطت بدمع عيني.. منبعها القلب ...ارحموا الانثى ..تهب الحياة والميلاد لتموت في زفرات الالم ..ارحموا الانثى .. فلحظة الميلاد لن ننصف حقها بكل نعيم الدنيا .. ارحموا الانثى ..لان الجنة تحت اقدامها .
بقلمي / ناصر الضامري