شموس الحق
24-10-2017, 04:06 PM
ذاكرة غراب
فرد غراب جناحيه نحوجهة الشمال ..طار من قمة شاهقة .. وسط جبال تناثرت في صحراء قاحلة تترقب الحياة والكلأ ..تذكر عشه القديم على الساحل الشمالي من الديار..منذ سنوات غابره ..سبق ان بناه في قمة غافة كثيفة ..على اطراف قرية لاتزال تسكن ذاكرته ..يقترب منها البحر احيانا .. لاتزال ذاكرة الغراب حاضرة .. كم تمنى ان يلقى اصدقاء له ..كانوا هناك..يكن لهم كل مودة واحترام .. بعضهم من بني البشر .. يتذكر سيف القماط ..واتهامه للغراب بالشؤم ..وانه يحمل اخبارا سيئة ..يتذكر وجوه أطفال يعبثون ببقايا غرف القيض ..يتسلقون نخيلا اغلبها يسمى مسلا..ذات طعم .. تتناثر على مشارف مجرى الوادي ..كما تتناثر عرشان القيض .. لا ريب ان اولئك الاطفال اصبحوا رجالا .. نعق الغراب فرحا بما تذكر من مشاهد في تلك القرية ..السعيدة ..رغم طول الطريق ووعورة جبال شاهقة ..واصل طيرانه نحو الشمال ..يعتقد ان عشه لا يزال يحتفظ بهويته ومنعته..في تلك الغافة المسكونة ..يتذكر انه يحتفظ بخاتم فيروزي ..وضعه في وسط العش ..يعود لسيف القماط ..ألتقطه من الارض حينما نساه سيف في احدى الايام .. رغم طول الغياب والبعد ..ربما ثلاثون عاما ونيف ..يتذكر الغراب انه غادر ذلك المكان في ريعان شبابه ..هاهو يعود اليوم كهلا .. يقترب شيئا فشيئا ..السماء صافية .. والرياح هادئة .. الشمس تقترب الى حدود المغيب ..يبدو من بعيد كأن الغراب ضل طريقه ...لكنه على يقين بان وجهته صحيحة ..لا يعي بما يشاهد من دور شاهقه ..لم يشاهدها من قبل .. ولا يعرف عنها من قبل ..اقترب اكثر باتجاه القرية ..حتى الان لا علامات توحي بانه باتجاه القرية .. عدا ظهور حدود البحر دون اطلال القرية ..اين القرية .. كانها اختفت عن عين الغراب .. يشاهد مجرى وادي ضيق ..يتذكره جيدا ..كان المجرى على مشارف تلك القرية ..حواليه بقايا نخيل بالية .. أين بئر القرية .. نساء القرية يتجمعن حوله .. جلبة الصيادين حول قواربهم الخشبية ...لم يعد يشاهدها ..نعق الغراب بصوت غير مسموع ..تعلوه نبرة حزن ..لم تعد الغربان تملأ الشاطيء نعيقا ..ما يراه الغراب ثمة منازل مدمرة ..خالية من البشر..ساحل يعج بالصمت المؤلم ..شوارع مهجورة ..كانت يوم ما ..يذرعها الاطفال ...وشيوخ كهلة ..ونسوة ترفع على راسها اغطية قماشية ..كانت تتجمع وقت العصر ..غالبا ما تترك خلفها بقايا طعام ..وصحونا خالية ...ورجال يعلوا اصواتها بالهرج احيانا .. احيانا بشيء من الغناء والحماس .. يتذكر ان الظلام يعم المكان بمجرد غياب الشمس .. الان اصبحت قرية مهجورة ..كأنها قرية اشباح ..يبدو ان شبح اسود حل بالقرية الساحلية الجميلة ..جثم على صدرها ..بعد ان دمر جدران القرية ..وبئر القرية ..ودمر عشه في شجرة الغاف ..واخذ معه تذكار الخاتم الفيروزي ..تأمل القرية للمرة الاخيرة .. يخشى ان يداهمه ذلك الشبح الاسود ..وياذيه ..ويسرق منه ما تبقى من ذاكرة القرية ..نعق للمرة الاخيرة ..طار الغرا ب نحو الجنوب .. نحو القمم الشاهقة .. وترك خلفه قرية سكنت ذاكرته .. وسحقها شبح أسود ....
بقلمي ناصر الضامري
فرد غراب جناحيه نحوجهة الشمال ..طار من قمة شاهقة .. وسط جبال تناثرت في صحراء قاحلة تترقب الحياة والكلأ ..تذكر عشه القديم على الساحل الشمالي من الديار..منذ سنوات غابره ..سبق ان بناه في قمة غافة كثيفة ..على اطراف قرية لاتزال تسكن ذاكرته ..يقترب منها البحر احيانا .. لاتزال ذاكرة الغراب حاضرة .. كم تمنى ان يلقى اصدقاء له ..كانوا هناك..يكن لهم كل مودة واحترام .. بعضهم من بني البشر .. يتذكر سيف القماط ..واتهامه للغراب بالشؤم ..وانه يحمل اخبارا سيئة ..يتذكر وجوه أطفال يعبثون ببقايا غرف القيض ..يتسلقون نخيلا اغلبها يسمى مسلا..ذات طعم .. تتناثر على مشارف مجرى الوادي ..كما تتناثر عرشان القيض .. لا ريب ان اولئك الاطفال اصبحوا رجالا .. نعق الغراب فرحا بما تذكر من مشاهد في تلك القرية ..السعيدة ..رغم طول الطريق ووعورة جبال شاهقة ..واصل طيرانه نحو الشمال ..يعتقد ان عشه لا يزال يحتفظ بهويته ومنعته..في تلك الغافة المسكونة ..يتذكر انه يحتفظ بخاتم فيروزي ..وضعه في وسط العش ..يعود لسيف القماط ..ألتقطه من الارض حينما نساه سيف في احدى الايام .. رغم طول الغياب والبعد ..ربما ثلاثون عاما ونيف ..يتذكر الغراب انه غادر ذلك المكان في ريعان شبابه ..هاهو يعود اليوم كهلا .. يقترب شيئا فشيئا ..السماء صافية .. والرياح هادئة .. الشمس تقترب الى حدود المغيب ..يبدو من بعيد كأن الغراب ضل طريقه ...لكنه على يقين بان وجهته صحيحة ..لا يعي بما يشاهد من دور شاهقه ..لم يشاهدها من قبل .. ولا يعرف عنها من قبل ..اقترب اكثر باتجاه القرية ..حتى الان لا علامات توحي بانه باتجاه القرية .. عدا ظهور حدود البحر دون اطلال القرية ..اين القرية .. كانها اختفت عن عين الغراب .. يشاهد مجرى وادي ضيق ..يتذكره جيدا ..كان المجرى على مشارف تلك القرية ..حواليه بقايا نخيل بالية .. أين بئر القرية .. نساء القرية يتجمعن حوله .. جلبة الصيادين حول قواربهم الخشبية ...لم يعد يشاهدها ..نعق الغراب بصوت غير مسموع ..تعلوه نبرة حزن ..لم تعد الغربان تملأ الشاطيء نعيقا ..ما يراه الغراب ثمة منازل مدمرة ..خالية من البشر..ساحل يعج بالصمت المؤلم ..شوارع مهجورة ..كانت يوم ما ..يذرعها الاطفال ...وشيوخ كهلة ..ونسوة ترفع على راسها اغطية قماشية ..كانت تتجمع وقت العصر ..غالبا ما تترك خلفها بقايا طعام ..وصحونا خالية ...ورجال يعلوا اصواتها بالهرج احيانا .. احيانا بشيء من الغناء والحماس .. يتذكر ان الظلام يعم المكان بمجرد غياب الشمس .. الان اصبحت قرية مهجورة ..كأنها قرية اشباح ..يبدو ان شبح اسود حل بالقرية الساحلية الجميلة ..جثم على صدرها ..بعد ان دمر جدران القرية ..وبئر القرية ..ودمر عشه في شجرة الغاف ..واخذ معه تذكار الخاتم الفيروزي ..تأمل القرية للمرة الاخيرة .. يخشى ان يداهمه ذلك الشبح الاسود ..وياذيه ..ويسرق منه ما تبقى من ذاكرة القرية ..نعق للمرة الاخيرة ..طار الغرا ب نحو الجنوب .. نحو القمم الشاهقة .. وترك خلفه قرية سكنت ذاكرته .. وسحقها شبح أسود ....
بقلمي ناصر الضامري