ســـعـيد مصــبـح الغــافــري
11-10-2014, 02:53 PM
داعـش عـلى الأبـواب فـانـتـبـه يـا خـلـيج ( 1 ــ 2 )
يوم قررت أمريكا وعلى مضض البدء بشن غارات جوية على مواقع ومعاقل ما يسمى بـ ( داعـش ) في العراق وسوريا وذلك في الربع الأخير من عام 2014م ، كانت تعلم يقينا أنها تدفع الآن وبشكل محرج الثمن .. ثمن مخططاتها السرية لخلق شرق أوسط جديد بالمنطقة يتماشى مع مصالحها ومصالح أصدقائها ومع متغيرات عالمية كثيرة بدأت تظهر في الأفق منذ عدة سنوات ..
كان المخطط الأمريكي الغربي ينص في صميم وروح فكرته على تفجير منطقة الشرق الأوسط وإغراقها بالدم والعنف وبالثورات الشعبية المسلحة العنيفة تحت دعاوي المطالبة بالحرية وبالعدالة الإجتماعية والمساواة وتوزيع الثروات والقضاء على الفقر والبطالة وهو نفس المخطط بالضبط الذي خططه اليهود ودعاة الشيوعية في روسيا وقادوا فيه الشعب الروسي إلى الثورة البلشفية عام 1917م بزعامة اليهودي لينين ..
كانت أمريكا تطبخ طبخة جهنمية جديدة للعرب الســذّج والذين على نياتهم وكانت تراقب وتدرس أوضاع المنطقة بحرص وباهتمام شديد .. وكانت طبختها الجديدة هذه في بدء بدئها عبارة عن مشروع أمريكي على الورق .. أي نظري برؤية تصورية بلا تطبيق حقيقي على الأرض .. وحين حانت ساعة الصفر رأت أمريكا أن أوضاع المنطقة المتردية داخليا تسمح بتنفيذ هذا المخطط لأسباب وجيهة كثيرة أهمها على الإطلاق ضعف الحكام العرب وعدم قدرتهم على استيعاب واقع مطالب وآمال ومشاكل شعوبهم وتطلعاتهم وما يعانوا في حياتهم اليومية وحاضرهم التعيس وهو وضع يخدم عمليا المخطط الأمريكى ويتوازى بشكل إيجابي وفعال معه ومع أهدافه ..
وكانت الخطة أو المخطط الأمريكي السري ينص في أخطر وأدق تفاصيله على إيجاد دولة جديدة واسعة بالمنطقة ولتكن بداية إنطلاقها أو مدها الجغرافي من بلاد الشام وتحديدا من نفس البلد الذي يكتوي الآن بنار حرب أهلية طاحنة .. وأعني به ســـوريا الشقيقة .. فهنا في سوريا الفرصة كبيرة جدا والذرائع أكثر وفورا لتنفيذ هذا المخطط ومن بعد سوريا يمكن المرور بلبنان والأردن وبالنسبة لفلسطين فإن الاحتلال الإسرائيلي لها قد وفر لأمريكا وللحلفاء متاعب إحتوائها هي الأخرى وبقي على المخطط السري بعد إحتواء بلدان الشام تلك أن يندفع عسكريا نحو العراق ثم السعودية وبقية دول ودويلات شبه الجزيرة العربية حتى ساحل خليج عمان جهة الشرق أي كل شبه الجزيرة العربية وبعدها ينعطفوا على مصر ودول المغرب العربي أي كل الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه .. وليكن إسم هذه الدولة الواسعة إسما رنانا يليق في شكله الظاهري المخادع والمضلل بروح المنطقة ذات الطابع الشرقي بكل ما فيه من تاريخ وإرث وعادات ومعتقدات ومذاهب ودين ، أما الجوهر الأصلي والحقيقي لهذه الدولة فهو كيان جديد ينفذ بالحرف الواحد أهداف ومرامي المخطط ويتناسب مع المصالح والمطامع التي بهذا المخطط الأمريكي .. ( الدولة الإسلامية للعراق والشام ) ومن سوء حظ هذا الإسم أن يصير المختصر الشفهي أو الحرفي له هــو ( داعــش ) !!
كان المخطط الأمريكي جاهزا ومتفقا عليه سرا بين الدول الكبرى التي وافقت حالما تثبت هذه ( الدولة الجديدة ) أقدامها ولو بعض أقدامها وتصبح شبه متكاملة في مرحلتها التأسيسية الأولى فإن أمريكا وأصدقائها سيهرعون على الفور وبدون مضيعة للوقت للإعتراف بها رسميا في هيئة الأمم المتحدة .. وهذا معناه بالتبعية إعتراف بقية دول العالم بها بما في ذلك الدول العربية أو ما سيتبقى من دول عربية ..
على الأرض يسير المخطط الأمريكي هذا بهذه الصورة :
ـــ تقويض الأنظمة العربية الحالية الموجودة بالشام وبشبه الجزيرة العربية عن طريق إستخدام العنف المسلح والثورات الداخلية وخلق حالة من الإضطراب والإنفلات الأمني المتصاعد فيها عن طريق التفجيرات ونشر الذعر بين المواطنين بمختلف الأشكال مع تركيز هذا الضرب المتواصل على السعودية أولا ثم على بقية دول الخليج أو جعل هذه الحالة متزامنة وواحدة وبتوقيت واحد وشامل .. أي تفجير المنطقة من الداخل وبيد أبناءها ويد ( داعش ) مع خلق جو من الكراهية والعداء بين شعوب هذه المنطقة وحكامهم عن طريق ( دعــاة ) يتم دسهم وسط الشعب وهؤلاء التـضـلـيـلـيـيـن يمكن توفيرهم من ( الخــلايا النائمة ) الموجــودة بين الشــعب نفسـه ومن ( داعش ) وكذلك من الإخوان المسلمين ومن ذوي التوجهات والأفكار الأصولية وأيضا من المثقفين اليساريين الشباب المتحررين فكريا .. كل أو بعض هؤلاء يمكن منهم تكوين ( خلية معارضة مبدئية أو أولية ) ويمكن مع الدعم أن يساهموا بشكل أو بآخر في خلق خلية معارضة أكبر تستوعب وعلى نحو مخادع ومضلل كل الشعب في تفكيرها ومخططها وسير أهدافها ..
http://www.begewan.net/wp-content/uploads/2014/08/%D9%87%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D9%83%D9%84%D9%8A%D9%86%D8%AA%D9%88%D9%86-%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B5%D8%B9%D8%A8%D8%A9.gif
ـــ هيلاري كلينتون أثناء حملة الدعاية لكتاب سيرتها الذاتية ( خيارات صعبة )
كان أهــم ســؤال طـرح في المـداولات والنـقــاشــات الســـريـة في الـبيـت الأبيـض والبنتاجــون حــول مخطـط ( الدولة الإسلامية ) هو ( مــصـــر ) .. مصر قوية جدا فكيف سنقضي عليها وهي تقريبا آخر قلعة عربية حصينة للعرب وللمسلمين الآن بعد زوال قوة العراق وليبيا وجزئية من قوة اليمن ؟!
تقول هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وكانت قد شاركت في عهدها بعضا من جوانب هذه النقاشات السرية الخطيرة الخاصة بهذا المخطط :
ـــ كان أكثر شيء يقلقنا ونحن نناقش هذا المخطط هو ( مصر ) .. مصر قوية عسكريا حتى الآن رغم الحالة الاقتصادية والاجتماعية المزرية والمتردية فيها .. ولذلك رأينا أن فكرة ( الدولة الإسلامية ) أو ما عرف لاحقا بـ ( داعش ) فكرة جميلة جدا وكفيلة عند التطبيق بإزالة قوة مصر عن طريق داعش نفسها وكذلك الإخوان والمعارضين في مصر .. سيحتاج الأمر بعض الوقت ريثما نتخلص من كل الأنظمة العربية الحالية ..
والخلاصة التي انتهت إليها هذه النقاشات المغلقة وصلت إلى أهم وأخطر إتفاق سري نهائي على الإطلاق وأدخل في هذا الاتفاق بعض الأصدقاء المخلصين لأمريكا والموثوق تاريخيا فيهم وفي إخلاصهم وولائهم مثل إسرائيل وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى حليفة بعضها دول عربية لم تصرح هيلاري كلينتون بذكر أسمائها في مذكراتها لدواعي عدم الإحراج ولغاية خفية أخرى في نفس يعقوب .. ونص الإتفاق على الآتي :
1 ـــ تكوين دولة ذات طابع إسلامي شكلي بديلة بالمنطقة عن كل الأنظمة العربية الحالية ( أي شرق أوسط جديد ) .
2 ـــ بعد التأكد من مرحلة إنشاء هذه الدولة تسارع دول الإتفاق السري وعلى رأسهم أمريكا ودول أخرى تدور في الفلك الأمريكي للإعتراف رسميا بهذه الدولة الوليدة في هيئة الأمم المتحدة بقصد التمكين لها دوليا على خارطة العالم ككيان واقعي جديد ظهر بالمنطقة ووجب على الجميع أن يعترف به كحقيقة قائمة على الأرض .
3 ـــ يتم التخلص بعد ذلك من الدول والأنظمة العربية المتبقية في المنطقة وعلى رأسها السعودية ودول الخليج العربي واليمن ومن ثم مد التوسع ( الداعشي ) وزحفه إلى هذه الدول .
4 ـــ يتم التخلص من مصــر بنفس الطريقة التي تم التخلص بها من أنظمة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية مع دعم الإخوان المسلمين المتربصين وتزويدهم بالمال والسلاح وبرجال داعش تحت دعاوي ( الجهاد المقدس ) وغيرها من الشعارات السامة والمضللة .
5 ـــ بعد مصــر يمكن لداعش أن تزحف على دول المغرب العربي بعدة وسائل ضغط وإكراه وحيل أيضا أو الزحف عليها عسكريا نظرا لأنها ليست بتلك القوة بعد زوال القوة الليبية فيها .
وبهذه الخطوات المنهجية للمخطط يتولد بالمنطقة شــرق أوســط جديد واسع وممتد من الخليج إلى المحيط بديلا عما كان يسمى سابقا بـ ( الوطن العربي ) .. ويتم بموجب هذا الوضع الجديد الإعتراف رسميا بإسرائيل دولة عبرية وعاصمتها القدس الشريف ..
كان هذا المخطط جاهزا وعلى وشك التنفيذ عام 2010م لـولا أن حــدثا عربيا خطيرا جدا حدث بالمنطقة ونسف أو كاد أن ينسف هذا المخطط من أساسه ..
ففي عام 2011م وعلى نحو لم تتوقعه أمريكا ولا الدول التي شاركتها في رسم مخطط ( الدولة الإسلامية ) وقبيل تنفيذ هذا المخطط بفترة قصيرة إنفجر الوطن العربي كله بثورات شعبية لم تكن في الحسبان وخاصة في مصــر .. فيما عرف بـ ( ثورات الربيع العربي ) ..
تقول هيلاري كلينتون في كتاب مذكراتها ( خيارات صعبة ) :
ـــ لقد كان الاتفاق أن نعلن قيام الدولة الاسلامية يوم 5 / 7 / 2013م وكنا ننتظر بصبر مجيء هذا اليوم لكي نعترف نحن وأوروبا بها فورا وتم الاتفاق كذلك مع بعض الأصدقاء بالإعتراف بهذه الدولة الإسلامية حال إعلانها فورا .. ولكن .. فجأة .. تحطم كل شيء !!
الواقع أن الوضع في مصر في تلك الفترة المصيرية العصيبة في عهد حسني مبارك كان سيئا جدا ويدعو للرثاء .. وبدأت القوى الكبرى في العالم تلحس لعاب مطامعها الجديدة في مصر واقتناص الفرصة خصوصا وأن اوضاع مصر الداخلية ( حسب تصور هذه الدول وبالأخص أمريكا ) كانت مهيأة لضرب وغزو مصر واجتياحها عسكريا في ظل وجود رئيس مسن ومريض وضعيف ولا حول له ولا قوة وتحيط به بطانة حكومية فاسدة يمكن شراء ذممها ورشوها بالمال وبإغراءات الهجرة والإقامة في فردوس العالم الحــر .. فضلا عن كون هذا ( الزعيم المصري ) أيضا ( إمَّـعــة ) قــديمة لأمريكا بشهادة الجميع ..
لقد دخلت أمريكا الحرب العراقية والليبية والسورية وكل شيء كان على ما يرام وجيد جدا في مسار الخطة الأمريكية .. لكن فجأة .. قامت ثورة 25 يناير في مصر ثم امتدت هذه الثورة لتصبح ثورات شعبية عمت كل الوطن العربي من الخليج إلى المحيط .. وساعتها كان كل شيء قد تغير خلال فقط 72 ساعة .. وهو حدث صادم ومهول وبدون سابق إنذار !!
تعترف هيلاري كلينتون بالقول :
ـــ بعد هذا الذي حصل فجأة فكرنا في إستخدام القوة .. ولكن مصر ليست سوريا أو ليبيا ، فجيش مصر قوي للغاية وشعب مصر لن يترك جيشه وحده أبدا !!
الغريب في تصرف أمريكا هذا بعيد ثورة مصر أنها أقدمت على مغامرة عسكرية خطيرة جدا خلال تلك الفترة المصيرية من تاريخ مصر والعرب .. وهي مغامرة أقل أقل وصف لها هو أنها حماقة وغباء مطبق .. فقد تحركت بعدد من قطع أسطولها الأمريكي المتواجد بالبحر الأبيض المتوسط ناحية الإسكندرية وتم رصدها بواسطة غواصات مصرية متطورة جدا وذات تسليح ممتاز وعالي الدقة .. فغيروا الخطة عن طريق مهاجمة مصر بالإقتراب من البحر الأحمر فتفاجأوا بسرب من طائرات ميج 21 ولم تستطع الرادارات الأمريكية أن تكتشفها رغم أنها قديمة .. كيف ومن أين أتت وإلى أين ذهبت .. لا أحد يعرف .. ففضلوا الرجوع .. وإذ ذاك كان التفاف الشعب المصري مع الجيش قد ازداد وتحركت روسيا والصين رافضين هذا الوضع فرجع الأسطول الأمريكي من حيث أتى يجر معه أذيال الخيبة والفشل .. وإلى هذه اللحظة أمريكا حائرة ولاتعرف فعلا كيف تتعامل مع مصــر وجيش مصـــر ..
وللحديث بقية إن شاء الله
بقلمي / ســــعـيد مصــبـح الـغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
يوم قررت أمريكا وعلى مضض البدء بشن غارات جوية على مواقع ومعاقل ما يسمى بـ ( داعـش ) في العراق وسوريا وذلك في الربع الأخير من عام 2014م ، كانت تعلم يقينا أنها تدفع الآن وبشكل محرج الثمن .. ثمن مخططاتها السرية لخلق شرق أوسط جديد بالمنطقة يتماشى مع مصالحها ومصالح أصدقائها ومع متغيرات عالمية كثيرة بدأت تظهر في الأفق منذ عدة سنوات ..
كان المخطط الأمريكي الغربي ينص في صميم وروح فكرته على تفجير منطقة الشرق الأوسط وإغراقها بالدم والعنف وبالثورات الشعبية المسلحة العنيفة تحت دعاوي المطالبة بالحرية وبالعدالة الإجتماعية والمساواة وتوزيع الثروات والقضاء على الفقر والبطالة وهو نفس المخطط بالضبط الذي خططه اليهود ودعاة الشيوعية في روسيا وقادوا فيه الشعب الروسي إلى الثورة البلشفية عام 1917م بزعامة اليهودي لينين ..
كانت أمريكا تطبخ طبخة جهنمية جديدة للعرب الســذّج والذين على نياتهم وكانت تراقب وتدرس أوضاع المنطقة بحرص وباهتمام شديد .. وكانت طبختها الجديدة هذه في بدء بدئها عبارة عن مشروع أمريكي على الورق .. أي نظري برؤية تصورية بلا تطبيق حقيقي على الأرض .. وحين حانت ساعة الصفر رأت أمريكا أن أوضاع المنطقة المتردية داخليا تسمح بتنفيذ هذا المخطط لأسباب وجيهة كثيرة أهمها على الإطلاق ضعف الحكام العرب وعدم قدرتهم على استيعاب واقع مطالب وآمال ومشاكل شعوبهم وتطلعاتهم وما يعانوا في حياتهم اليومية وحاضرهم التعيس وهو وضع يخدم عمليا المخطط الأمريكى ويتوازى بشكل إيجابي وفعال معه ومع أهدافه ..
وكانت الخطة أو المخطط الأمريكي السري ينص في أخطر وأدق تفاصيله على إيجاد دولة جديدة واسعة بالمنطقة ولتكن بداية إنطلاقها أو مدها الجغرافي من بلاد الشام وتحديدا من نفس البلد الذي يكتوي الآن بنار حرب أهلية طاحنة .. وأعني به ســـوريا الشقيقة .. فهنا في سوريا الفرصة كبيرة جدا والذرائع أكثر وفورا لتنفيذ هذا المخطط ومن بعد سوريا يمكن المرور بلبنان والأردن وبالنسبة لفلسطين فإن الاحتلال الإسرائيلي لها قد وفر لأمريكا وللحلفاء متاعب إحتوائها هي الأخرى وبقي على المخطط السري بعد إحتواء بلدان الشام تلك أن يندفع عسكريا نحو العراق ثم السعودية وبقية دول ودويلات شبه الجزيرة العربية حتى ساحل خليج عمان جهة الشرق أي كل شبه الجزيرة العربية وبعدها ينعطفوا على مصر ودول المغرب العربي أي كل الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه .. وليكن إسم هذه الدولة الواسعة إسما رنانا يليق في شكله الظاهري المخادع والمضلل بروح المنطقة ذات الطابع الشرقي بكل ما فيه من تاريخ وإرث وعادات ومعتقدات ومذاهب ودين ، أما الجوهر الأصلي والحقيقي لهذه الدولة فهو كيان جديد ينفذ بالحرف الواحد أهداف ومرامي المخطط ويتناسب مع المصالح والمطامع التي بهذا المخطط الأمريكي .. ( الدولة الإسلامية للعراق والشام ) ومن سوء حظ هذا الإسم أن يصير المختصر الشفهي أو الحرفي له هــو ( داعــش ) !!
كان المخطط الأمريكي جاهزا ومتفقا عليه سرا بين الدول الكبرى التي وافقت حالما تثبت هذه ( الدولة الجديدة ) أقدامها ولو بعض أقدامها وتصبح شبه متكاملة في مرحلتها التأسيسية الأولى فإن أمريكا وأصدقائها سيهرعون على الفور وبدون مضيعة للوقت للإعتراف بها رسميا في هيئة الأمم المتحدة .. وهذا معناه بالتبعية إعتراف بقية دول العالم بها بما في ذلك الدول العربية أو ما سيتبقى من دول عربية ..
على الأرض يسير المخطط الأمريكي هذا بهذه الصورة :
ـــ تقويض الأنظمة العربية الحالية الموجودة بالشام وبشبه الجزيرة العربية عن طريق إستخدام العنف المسلح والثورات الداخلية وخلق حالة من الإضطراب والإنفلات الأمني المتصاعد فيها عن طريق التفجيرات ونشر الذعر بين المواطنين بمختلف الأشكال مع تركيز هذا الضرب المتواصل على السعودية أولا ثم على بقية دول الخليج أو جعل هذه الحالة متزامنة وواحدة وبتوقيت واحد وشامل .. أي تفجير المنطقة من الداخل وبيد أبناءها ويد ( داعش ) مع خلق جو من الكراهية والعداء بين شعوب هذه المنطقة وحكامهم عن طريق ( دعــاة ) يتم دسهم وسط الشعب وهؤلاء التـضـلـيـلـيـيـن يمكن توفيرهم من ( الخــلايا النائمة ) الموجــودة بين الشــعب نفسـه ومن ( داعش ) وكذلك من الإخوان المسلمين ومن ذوي التوجهات والأفكار الأصولية وأيضا من المثقفين اليساريين الشباب المتحررين فكريا .. كل أو بعض هؤلاء يمكن منهم تكوين ( خلية معارضة مبدئية أو أولية ) ويمكن مع الدعم أن يساهموا بشكل أو بآخر في خلق خلية معارضة أكبر تستوعب وعلى نحو مخادع ومضلل كل الشعب في تفكيرها ومخططها وسير أهدافها ..
http://www.begewan.net/wp-content/uploads/2014/08/%D9%87%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D9%83%D9%84%D9%8A%D9%86%D8%AA%D9%88%D9%86-%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B5%D8%B9%D8%A8%D8%A9.gif
ـــ هيلاري كلينتون أثناء حملة الدعاية لكتاب سيرتها الذاتية ( خيارات صعبة )
كان أهــم ســؤال طـرح في المـداولات والنـقــاشــات الســـريـة في الـبيـت الأبيـض والبنتاجــون حــول مخطـط ( الدولة الإسلامية ) هو ( مــصـــر ) .. مصر قوية جدا فكيف سنقضي عليها وهي تقريبا آخر قلعة عربية حصينة للعرب وللمسلمين الآن بعد زوال قوة العراق وليبيا وجزئية من قوة اليمن ؟!
تقول هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وكانت قد شاركت في عهدها بعضا من جوانب هذه النقاشات السرية الخطيرة الخاصة بهذا المخطط :
ـــ كان أكثر شيء يقلقنا ونحن نناقش هذا المخطط هو ( مصر ) .. مصر قوية عسكريا حتى الآن رغم الحالة الاقتصادية والاجتماعية المزرية والمتردية فيها .. ولذلك رأينا أن فكرة ( الدولة الإسلامية ) أو ما عرف لاحقا بـ ( داعش ) فكرة جميلة جدا وكفيلة عند التطبيق بإزالة قوة مصر عن طريق داعش نفسها وكذلك الإخوان والمعارضين في مصر .. سيحتاج الأمر بعض الوقت ريثما نتخلص من كل الأنظمة العربية الحالية ..
والخلاصة التي انتهت إليها هذه النقاشات المغلقة وصلت إلى أهم وأخطر إتفاق سري نهائي على الإطلاق وأدخل في هذا الاتفاق بعض الأصدقاء المخلصين لأمريكا والموثوق تاريخيا فيهم وفي إخلاصهم وولائهم مثل إسرائيل وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى حليفة بعضها دول عربية لم تصرح هيلاري كلينتون بذكر أسمائها في مذكراتها لدواعي عدم الإحراج ولغاية خفية أخرى في نفس يعقوب .. ونص الإتفاق على الآتي :
1 ـــ تكوين دولة ذات طابع إسلامي شكلي بديلة بالمنطقة عن كل الأنظمة العربية الحالية ( أي شرق أوسط جديد ) .
2 ـــ بعد التأكد من مرحلة إنشاء هذه الدولة تسارع دول الإتفاق السري وعلى رأسهم أمريكا ودول أخرى تدور في الفلك الأمريكي للإعتراف رسميا بهذه الدولة الوليدة في هيئة الأمم المتحدة بقصد التمكين لها دوليا على خارطة العالم ككيان واقعي جديد ظهر بالمنطقة ووجب على الجميع أن يعترف به كحقيقة قائمة على الأرض .
3 ـــ يتم التخلص بعد ذلك من الدول والأنظمة العربية المتبقية في المنطقة وعلى رأسها السعودية ودول الخليج العربي واليمن ومن ثم مد التوسع ( الداعشي ) وزحفه إلى هذه الدول .
4 ـــ يتم التخلص من مصــر بنفس الطريقة التي تم التخلص بها من أنظمة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية مع دعم الإخوان المسلمين المتربصين وتزويدهم بالمال والسلاح وبرجال داعش تحت دعاوي ( الجهاد المقدس ) وغيرها من الشعارات السامة والمضللة .
5 ـــ بعد مصــر يمكن لداعش أن تزحف على دول المغرب العربي بعدة وسائل ضغط وإكراه وحيل أيضا أو الزحف عليها عسكريا نظرا لأنها ليست بتلك القوة بعد زوال القوة الليبية فيها .
وبهذه الخطوات المنهجية للمخطط يتولد بالمنطقة شــرق أوســط جديد واسع وممتد من الخليج إلى المحيط بديلا عما كان يسمى سابقا بـ ( الوطن العربي ) .. ويتم بموجب هذا الوضع الجديد الإعتراف رسميا بإسرائيل دولة عبرية وعاصمتها القدس الشريف ..
كان هذا المخطط جاهزا وعلى وشك التنفيذ عام 2010م لـولا أن حــدثا عربيا خطيرا جدا حدث بالمنطقة ونسف أو كاد أن ينسف هذا المخطط من أساسه ..
ففي عام 2011م وعلى نحو لم تتوقعه أمريكا ولا الدول التي شاركتها في رسم مخطط ( الدولة الإسلامية ) وقبيل تنفيذ هذا المخطط بفترة قصيرة إنفجر الوطن العربي كله بثورات شعبية لم تكن في الحسبان وخاصة في مصــر .. فيما عرف بـ ( ثورات الربيع العربي ) ..
تقول هيلاري كلينتون في كتاب مذكراتها ( خيارات صعبة ) :
ـــ لقد كان الاتفاق أن نعلن قيام الدولة الاسلامية يوم 5 / 7 / 2013م وكنا ننتظر بصبر مجيء هذا اليوم لكي نعترف نحن وأوروبا بها فورا وتم الاتفاق كذلك مع بعض الأصدقاء بالإعتراف بهذه الدولة الإسلامية حال إعلانها فورا .. ولكن .. فجأة .. تحطم كل شيء !!
الواقع أن الوضع في مصر في تلك الفترة المصيرية العصيبة في عهد حسني مبارك كان سيئا جدا ويدعو للرثاء .. وبدأت القوى الكبرى في العالم تلحس لعاب مطامعها الجديدة في مصر واقتناص الفرصة خصوصا وأن اوضاع مصر الداخلية ( حسب تصور هذه الدول وبالأخص أمريكا ) كانت مهيأة لضرب وغزو مصر واجتياحها عسكريا في ظل وجود رئيس مسن ومريض وضعيف ولا حول له ولا قوة وتحيط به بطانة حكومية فاسدة يمكن شراء ذممها ورشوها بالمال وبإغراءات الهجرة والإقامة في فردوس العالم الحــر .. فضلا عن كون هذا ( الزعيم المصري ) أيضا ( إمَّـعــة ) قــديمة لأمريكا بشهادة الجميع ..
لقد دخلت أمريكا الحرب العراقية والليبية والسورية وكل شيء كان على ما يرام وجيد جدا في مسار الخطة الأمريكية .. لكن فجأة .. قامت ثورة 25 يناير في مصر ثم امتدت هذه الثورة لتصبح ثورات شعبية عمت كل الوطن العربي من الخليج إلى المحيط .. وساعتها كان كل شيء قد تغير خلال فقط 72 ساعة .. وهو حدث صادم ومهول وبدون سابق إنذار !!
تعترف هيلاري كلينتون بالقول :
ـــ بعد هذا الذي حصل فجأة فكرنا في إستخدام القوة .. ولكن مصر ليست سوريا أو ليبيا ، فجيش مصر قوي للغاية وشعب مصر لن يترك جيشه وحده أبدا !!
الغريب في تصرف أمريكا هذا بعيد ثورة مصر أنها أقدمت على مغامرة عسكرية خطيرة جدا خلال تلك الفترة المصيرية من تاريخ مصر والعرب .. وهي مغامرة أقل أقل وصف لها هو أنها حماقة وغباء مطبق .. فقد تحركت بعدد من قطع أسطولها الأمريكي المتواجد بالبحر الأبيض المتوسط ناحية الإسكندرية وتم رصدها بواسطة غواصات مصرية متطورة جدا وذات تسليح ممتاز وعالي الدقة .. فغيروا الخطة عن طريق مهاجمة مصر بالإقتراب من البحر الأحمر فتفاجأوا بسرب من طائرات ميج 21 ولم تستطع الرادارات الأمريكية أن تكتشفها رغم أنها قديمة .. كيف ومن أين أتت وإلى أين ذهبت .. لا أحد يعرف .. ففضلوا الرجوع .. وإذ ذاك كان التفاف الشعب المصري مع الجيش قد ازداد وتحركت روسيا والصين رافضين هذا الوضع فرجع الأسطول الأمريكي من حيث أتى يجر معه أذيال الخيبة والفشل .. وإلى هذه اللحظة أمريكا حائرة ولاتعرف فعلا كيف تتعامل مع مصــر وجيش مصـــر ..
وللحديث بقية إن شاء الله
بقلمي / ســــعـيد مصــبـح الـغــافـري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ