https://www.gulfupp.com/do.php?img=60867

قائمة المستخدمين المشار إليهم

صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 49

الموضوع: كل يوم قصة من قصص الأنبياء

  1. #1
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    كل يوم قصة من قصص الأنبياء




    كل يوم قصة من قصص الأنبياء
    بالترتيب الزمني





    بإذن سوف أروي لكم كل يوم قصة من قصص الأنبياء بعد بحث دقيق وجمع معلومات صحيحة ودقيقة بمجهودي الخاص وهي من أروع القصص التي وردت في القرآن الكريم وفيها من العضة والعبرة الشيء الكثير ,

    فلو سئلت يوماً هل تعرف جميع قصص الأنبياء ؟ أو رتب لي الأنبياء ترتيباً زمنياً ؟ فهل تستطيع الإجابه ؟

    لمن لا يعرف الإجابة فسوف أبين له ترتيب الأنبياء زمنياً وأروي له قصة كل نبي رحمة الله وسلامه عليهم أجمعين ,,



    وترتيبهم هو :




    1-آدم عليه السلام
    2-شيث عليه السلام
    3-إدريس عليه السلام
    4-نوح عليه السلام
    5-هود عليه السلام
    6-صالح عليه السلام
    7-إبراهيم عليه السلام
    8-لوط عليه السلام
    9-إسماعيل عليه السلام
    10-إسحاق عليه السلام
    11-يعقوب عليه السلام
    12-يوسف عليه السلام . الجزء (1-2-3 )
    13-أيوب عليه السلام
    14-ذو الكفل عليه السلام
    15-يونس عليه السلام
    16-شعيب عليه السلام
    17-أنبياء أهل القرية
    18-موسى عليه السلام
    19-هارون عليه السلام
    20-يوشع بن نون عليه السلام
    21-داود عليه السلام
    22-سليمان عليه السلام
    23-إلياس عليه السلام
    24-اليسع عليه السلام
    25-عزيز عليه السلام
    26-زكريا عليه السلام
    27-يحيى عليه السلام
    28-عيسى عليه السلام
    29-محمد عليه الصلاة والسلام


















    الصور المرفقة الصور المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة ام الهنوف ; 02-11-2016 الساعة 01:32 PM سبب آخر: خطأ مطبعي

    •   Alt 

       

  2. #2
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)



    آدم عليه السلام



    خلق آدم عليه السلام:

    أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكته بأنه سيخلق بشرا يكون خليفة في الأرض - وخليفة هنا تعني على رأس ذرية يخلف بعضها بعضا. فقال الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).

    ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض , أو إلهام وبصيرة , يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق , ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد في الأرض , وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية للوجود . . وهو متحقق بوجودهم هم , يسبحون بحمد الله ويقدسون له, ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته !

    عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبير بمصائر الأمور: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).


    أدركت الملائكة أن الله سيجعل في الأرض خليفة.. وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلا، فقال إنه سيخلق بشرا من طين، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له، والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة، لأن سجود العبادة لا يكون إلا لله وحده.

    جمع الله سبحانه وتعالى قبضة من تراب الأرض، فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر - ولهذا يجيء الناس ألوانا مختلفة - ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالا من حمأ مسنون. تعفن الطين وانبعثت له رائحة.. وكان إبليس يمر عليه فيعجب أي شيء يصير هذا الطين؟

    سجود الملائكة لآدم:

    من هذا الصلصال خلق الله تعالى آدم .. سواه بيديه سبحانه ، ونفخ فيه من روحه سبحانه .. فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له .. ما عدا إبليس الذي كان يقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن منهم، لم يسجد .. فهل كان إبليس من الملائكة ؟ الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكة خلق من نور . . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود.

    أما كيف كان السجود ؟ وأين ؟ ومتى ؟ كل ذلك في علم الغيب عند الله . ومعرفته لا تزيد في مغزى القصة شيئاً..

    فوبّخ الله سبحانه وتعالى إبليس: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) . وبدلا من التوبة والأوبة إلى الله تبارك وتعالى، ردّ إبليس بمنطق يملأه الكبر والحسد: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) . هنا صدر الأمر الإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد : (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) وإنزال اللعنة عليه إلى يوم الدين. ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه (مِنْهَا) فهل هي الجنة ؟ أم هل هي رحمة الله . . هذا وذلك جائز لكن الأرجح رحمة الله تعالى، فلم يكن إبليس في الجنة، وحتى آدم عليه السلام لم يكن في الجنة على الأرجح . ولا محل للجدل الكثير . فإنما هو الطرد واللعنة والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم .

    قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) (ص)

    هنا تحول الحسد إلى حقد . وإلى تصميم على الانتقام في نفس إبليس: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) . واقتضت مشيئة الله للحكمة المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التي أراد. فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين .

    وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميع الآدميين . لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان . لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عن بلوغ غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده ; والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم لله . هذا هو طوق النجاة . وحبل الحياة ! . . وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره في الردى والنجاة . فأعلن - سبحانه - إرادته . وحدد المنهج والطريق:
    (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) .

    فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم , يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين . فأرسل إليهم المنذرين .

    تعليم آدم الأسماء:

    ثم يروي القرآن الكريم قصة السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائن البشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) . سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات . سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الإنسان على الأرض . ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .

    أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم . فلما علم الله آدم هذا السر , وعرض عليهم ما عرض لم يعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . . وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقرار بحدود علمهم , وهو ما علمهم . .
    ( وعلم ءادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين * قالو سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ) ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء . ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم: (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) .

    أراد الله تعالى أن يقول للملائكة إنه عَـلِـمَ ما أبدوه من الدهشة حين أخبرهم أنه سيخلق آدم، كما علم ما كتموه من الحيرة في فهم حكمة الله، كما علم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود.. أدرك الملائكة أن آدم هو المخلوق الذي يعرف.. وهذا أشرف شيء فيه.. قدرته على التعلم والمعرفة.. كما فهموا السر في أنه سيصبح خليفة في الأرض، يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلم والمعرفة.. معرفة بالخالق.. وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان أو الإسلام.. وعلم بأسباب استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيها والسيادة عليها.. ويدخل في هذا النطاق كل العلوم المادية على الأرض.

    إن نجاح الإنسان في معرفة هذين الأمرين
    (الخالق وعلوم الأرض) يكفل له حياة أرقى.. فكل من الأمرين مكمل للآخر.

    سكن آدم وحواء في الجنة:

    اختلف المفسرون في كيفية خلق حواء. ولا نعلم إن كان الله قد خلق حواء في نفس وقت خلق آدم أم بعده لكننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أسكنهما معا في الجنة. لا نعرف مكان هذه الجنة. فقد سكت القرآن عن مكانها واختلف المفسرون فيها على خمسة وجوه. قال بعضهم: إنها جنة المأوى، وأن مكانها السماء. ونفى بعضهم ذلك لأنها لو كانت جنة المأوى لحرم دخولها على إبليس ولما جاز فيها وقوع عصيان. وقال آخرون: إنها جنة المأوى خلقها الله لآدم وحواء. وقال أكثرهم: إنها جنة من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع. وذهب فريق إلى التسليم في أمرها والتوقف.. إن العبرة التي نستخلصها من مكانها لا تساوي شيئا بالقياس إلى العبرة التي تستخلص مما حدث فيها.

    كان الله قد سمح لآدم وحواء بأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعا بكل شيء، ما عدا شجرة واحدة. فأطاع آدم وحواء أمر ربهما بالابتعاد عن تلك الشجرة. غير أن آدم إنسان، والإنسان ينسى، وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف. واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده في صدره، واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في نفسه ويوسوس إليه:
    (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى) . وأقسم إبليس لآدم أنه صادق في نصحه لهم، ولم يكن آدم عليه السلام بفطرته السليمة يظن أن هنالك من يقسم بالله كذا، فضعف عزمه ونسي وأكل من الشجرة هو وحواء.

    ليس صحيحا ما تذكره صحف اليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلها مسئولية الأكل من الشجرة. إن نص القرآن لا يذكر حواء. إنما يذكر آدم -كمسئول عما حدث- عليه الصلاة والسلام. وهكذا أخطأ الشيطان وأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء، وأخطأ آدم بسبب الفضول.

    لم يكد آدم ينتهي من الأكل حتى اكتشف أنه أصبح عار، وأن زوجته عارية. وبدأ هو وزوجته يقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري ليس من شك في أن الجنة التي أسكنها الله آدم : هي جنة الخلد ، وعلى ذلك دلت نصوص الكتاب والسنة واتفق سلف الأمة وأئمتها
    لا تعارض بين ما سبق ، وبين ما أخبرنا الله به من أنّ إبليس أغوى آدم ، ووسوس له بالخلود إن أكل من الشجرة ؛ كما قال الله تعالى :
    ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ) الأعراف /20

    .
    وإنما كان يرد الإشكال في أحوال :
    الأولى :
    أن يكون آدم عليه السلام ، قد علم ـ قبل أن يوسوس له إبليس ـ أن هذه الجنة التي يسكنها ، هي جنة الخلد ، وليس عندنا خبر بأن آدم عليه السلام كان يعلم ذلك .


    الثانية :
    أن يكون آدم عليه السلام قد علم أنها جنة الخلد ، وأن الله وعده ألا يخرج منها ؛ فقد يكون علم أن هذه حقا هي جنة الخلد ، لكن لا يمنع ذلك أن يخرج منها ، ثم يعود إليها بعد أمد ، يعلمه الله ، كما قد حصل ذلك فعلا ، وكان هذا هو ما قدره الله عليه ؛ فحينئذ لا إشكال في إغواء إبليس له ، أنه لن يخرج من هذه الجنة ، بل سيبقى فيها ، إن أكل من هذه الشجرة .
    وقد قال الله تعالى :
    ( فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ) طه/117-119 .
    ففي هذه الآية ضمان أن أمنه ـ في الجنة ـ من الجوع والعري ، والعطش والضَّحَى ؛ لكن ليس فيها أن الله ضمن له الخلود ، من غير موت ، أو ضمن له أن يبقى فيها ، ولا يخرج ، بل في هذه الآيات إشارة إلى أنه سوف يمر بتجربة ابتلاء واختبار ، وحذره من أسباب الخروج من الجنة ، وبين له ما يلقاه ، إن هو خرج منها .


    الثالثة :
    أن يكون آدم عليه السلام ، قد علم أن الخلود مضمون له ، من غير أن يأكل من هذه الشجرة ؛ فقد يكون آدم عليه السلام علم أن هذه الجنة هي جنة الخلد ، لكن الخلود فيها يتطلب سببا آخر ، سوى مجرد دخوله إليه ، فأغواه الشيطان ، ووسوس له أن سبب خلوده فيها ، هو أكله من هذه الشجرة . قال تعالى :
    ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ) طه /120 .
    الرابعة :
    أن يكون على علم بذلك كله ، ثم لا ينساه ؛ فأما إذا نسيه ، أو أنساه الشيطان ذكر ذلك ، فلا مانع أن يغويه ، ويوسوس له في لحظة ذهوله عنه ، ونسيانه له . وقد وصف الله آدم عليه السلام بأنه نسي عهده له ألا يقرب هذه الشجرة ، قال تعالى :
    ( وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) ، وقال تعالى أيضا : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) طه /115 .
    فالحاصل :
    أن الله عز وجل إنما وعد عباده بالخلود في الجنة بلا موت : إذا هم قاموا إليه ، بعد ما مروا بتجربة الاختبار في هذه الدنيا .
    وليس في شيء من نصوص الشرع أن الله وعد آدم بذلك ، من أول الأمر ، ولا أنه ضمنه له ، بل فيها ما يشير إلى أنه قد يخرج منها فعلا ، إذا خالف عهد الله له بعدم الأكل من الشجرة، ولذلك خلقه الله : أن تتم عليه ، وعلى ذريته تجربة الابتلاء والاختبار في هذه الدنيا ، كما قال الله تعالى :
    ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة /30 .
    حتى إذا انقضت هذه الدار ، وقام الناس لرب العالمين : ثبت الخلود في جنة النعيم ، لآدم عليه السلام ، ومن آمن من ذريته ، خلود بلا موت ، ولا خروج ، هذه المرة .
    ولم تكن لآدم تجارب سابقة في العصيان، فلم يعرف كيف يتوب، فألهمه الله سبحانه وتعالى عبارات التوبة
    (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (23) (الأعرف) وأصدر الله تبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة.


    هبوط آدم وحواء إلى الأرض:

    وهبط آدم وحواء إلى الأرض. واستغفرا ربهما وتاب إليه. فأدركته رحمة ربه التي تدركه دائما عندما يثوب إليها ويلوذ بها ... وأخبرهما الله أن الأرض هي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيهما، ويموتان عليها، ويخرجان منها يوم البعث.

    يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة. ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك. وهذا التصور غير منطقي لأن الله تعالى حين شاء أن يخلق آدم قال للملائكة:
    "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة. لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة، وإنما كان هبوط كرامة كما يقول العارفون بالله. كان الله تعالى يعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة. ويهبطان إلى الأرض. أما تجربة السكن في الجنة فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض. ليعلم آدم وحواء ويعلم جنسهما من بعدهما أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنة يمر بطاعة الله وعداء الشيطان.

    هابيل وقابيل:

    لا يذكر لنا المولى عزّ وجلّ في كتابه الكريم الكثير عن حياة آدم عليه السلام في الأرض. لكن القرآن الكريم يروي قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمة قتل في الأرض. وكانت قصتهما كالتالي.

    كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا. فيحل زواج ابن البطن الأول من البطن الثاني.. ويقال أن قابيل كان يريد زوجة هابيل لنفسه.. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما قربانا، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل. قال تعالى في سورة (المائدة):

    وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) (المائدة)

    لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء:

    إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) (المائدة)

    انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخ الطيب نائما وسط غابة مشجرة.. فقام إليه أخوه قابيل فقتله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض. كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثم رأى القاتل غرابا حيا بجانب جثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب.. بعدها طار في الجو وهو يصرخ.

    اندلع حزن قابيل على أخيه هابيل كالنار فأحرقه الندم. اكتشف أنه وهو الأسوأ والأضعف، قد قتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه.

    قال آدم حين عرف القصة:
    (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) وحزن حزنا شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني. صلى آدم على ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه.



    موت آدم عليه السلام:

    وكبر آدم. ومرت سنوات وسنوات.. وعن فراش موته،


    قصة وفاة سيدنا ادم ووصيته لابنه شيث عليهم السلام :


    ومعنى شيث : هبة الله وسمياه بذلك لآنهما رزقاه بعد قتل هابيل.
    قال ابو ذر في حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أنزل مائة صحيفة واربع صحف ، على شيث خمسين صحيفة
    قال محمد بن اسحاق : ولما حضر ت آدم الوفاة عهد الى ابنه شيث . وعلمه ساعات الليل والنهار ، وعلمه عبادات تلك الساعات ، واعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك . قال ويقال إن أنساب بني آدم تنتهي كلها اليوم الى شيث عليه السلام، وغير اولاده انقرضوا وبادوا والله اعلم
    ويوم توفي ادم عليه السلام كان يوم الجمعة - جاءته الملائكه بحنوط وكفن من عند الله عز وجل من الجنة . وعزوا فيه شيثا" عليه السلام، وقال ابن اسحاق : وكسفت الشمس والقمر سبعة ايام بلياليهن.
    ولما حضر الموت سيدنا ادم قال لبنيه: اي بني إني اشتهي من ثمار الجنة -فذهبوا يطلبون له فاستقبلتهم الملائكة
    ومعهم اكفانه وحنوطه ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل فقالوا لهم يابني ادم ماتريدون واين تطلبون
    قالوا : ابونا ابونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم ارجعوا فقد قضى ابوكم
    فجاؤوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم
    فقال اليكي عني فإني انما اتيت من قبلك فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل ، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه
    وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه . ثم ادخلوه قبره فوضعوه فيقبره، ثم حثوا عليه . ثم قالوا يابني ادم هذه سنتكم
    ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كبرت الملائكة على ادم اربعا"................................
    واختلفوا في موضع دفن فالمشهور انه دفن عند الجبل الذي اهبط منه في الهند وقيل بجبل ابي قبيس بمكه ويقال ان نوحا" عليه السلام في زمن الطوفان حمله هو وحواء في تابوت فدفنهما في بيت المقدس ويقال ايضا" ان رأسه عند مسجد ابراهيم عليه السلام ورجلاه عند بيت المقدس، وماتت حواء بعده بعام، واختلف بعمره عليه السلام
    فقدمنا في الحديث عن ابن عباس وابي هريرة رضي الله عنه عليهما مرفوعا" :
    ان عمره اكتتب في اللوح المحفوظ الف سنه وفي التوراة من انه عاش تسعمائة وثلاثون سنه وهذا يخالف المحفوظ ومطعون فيه اذا كان التوراة محفوظا"محمول على مدة مقامه بالارض بعد الاهباط وذلك تسعمائة وثلاثون سنة شمسيه وهي بالقمرية (957) سنه ويضاف عليها (43) سنه مدة مقامه في الجنه قبل الاهباط فالمجموع (1000) سنه فلما مات ابونا ادم بكت عليه الخلائق سبة ايام برواية ابن عساكر
    فتولى الامر من بعده ابنه شعث وكان نبيا"بنص الحديث عن ابي ذر : أنه أنزل عليه خمسون صحيفة
    وبعده ابنه انوش ثم ابنه قنين ثم ابنه مهلابيل وهو زعيم الاعاجم من الفرس ( ملك الاقاليم السبعة) وهو اول من قطع الاشجار وبنى المدن والحصون الكبار وهو من بنى مدينة بابل ومدينة السوس الاقصى وانه قهر ابليس وجنوده وشردهم بالارض الى اطرافها وشعاب جبالها وانه قتل خلقا" من مردة الجن والغيلان وكان له تاج عظيم وكان يخطب بالناس ودامت دولته (40) سنه فلما مات استلم الامر ولده يرد فلما حضرته الوفاة اوصى الى ابنه خنوخ وهو ادريس عليه السلام

    وفي موته يروي الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ قال هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود، قال: رب وكم جعلت عمره؟ قال ستين سنة، قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت، قال: أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال فجحد فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطىء آدم فخطئت ذريته
    ".
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  3. #3
    مميز السبلة
    تاريخ التسجيل
    Jun 2014
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    11,087
    Mentioned
    1 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    السلام عليكم
    ••الراقيه أم الهنووف••
    ماأرووع ما تضعين في بساتين
    القسم الإسلامي من غراس
    جعلك الرب للصلاح نبراااس
    سنرتششف فيه سير خير الأنام
    وخير من وطأ على الأرض وصلى وقام
    صلوات ربي وسلامه عليهم
    وجمعنا بهم يوم الزحام
    طرح يسمو لأعلى مرااتب الفوائد
    يستحق التثبيت
    بارك الرحمن فيك وعليك
    شكرا لك
    •••

  4. #4
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)










    شيث عليه السلام



    لما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكان نبياً.


    هو نبي الله شيث ابن سيدنا ءادم عليهما الصلاة والسلام من صلبه، وقد ولدته حواء عليها السلام بعد أن قتل قابيل أخاه هابيل.


    ومعنى شيث: هبة الله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قُتِلَ هابيل.

    جعل الله تعالى شيثًا نبيًّا بعد موت سيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام، وأنزل عليه خمسين صحيفة،

    روى أبو ذر الغفاريّ رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:
    "أُنزل على شيث خمسون صحيفة" رواه ابن حبان.

    ولقد ذُكر أن ءادم عليه السلام قبل موته ، كتب وصيته ثم دفع كتاب وصيته إلى شيث

    وأمره أن يخفيه عن ولده قابيل وولده،

    لأن قابيل كان حسودًا ولذلك قيل: إن شيثًا كان وصيّ أبيه ءادم عليه السلام في مخلّفيه.



    قام سيدنا شيث بالأمر بعد سيدنا ءادم عليه السلام

    وصار يدعو إلى طاعة الله وتطبيق شريعة الله، وقد كان الناس في زمانه على دين الإسلام

    يعبدون الله تعالى وحده ولا يشركون به شيئًا، وأنزل الله عليه شرعًا جديدًا وهو

    تحريم زواج الأخ من أخته غير التوأم بعد أن كان حلالاً في شرع ءادم.



    وصار الناس يمتثلون إلى شريعته وشريعة أبيه عليهما السلام، ومما شرع لهم تحريم الاختلاط بقوم قابيل،

    لما كان من فساد أمرهم، وسوء أخلاقهم، والتزموا بأمره بعدم التوجه إلى السهول والاختلاط بقوم قابيل،

    امتثالاً لهذا التشريع الرباني من نبي الله شيث، الذي بقي الناس ممتثلين له،

    أقام سيدنا شيث بمكة يحج ويعتمر إلى أن مات،

    فإن مكان البيت كان معلوماً لآدم عليه السلام، وقيل إنه هو الذي وضع قواعده،

    أما حج الأنبياء كلهم للبيت منذ آدم عليه السلام فقد ورد في عدد من الأحاديث والآثار،

    فمن ذلك ما رواه
    البيهقي في شعب الإيمان

    عن
    أنس بن مالك رضي الله عنه

    أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان موضع البيت في زمن آدم عليه السلام شبراً أو أكثر

    علماً فكانت الملائكة تحج إليه قبل آدم، ثم حج آدم فاستقبلته الملائكة فقالوا: يا آدم من أين جئت؟

    قال: حججت البيت، فقالوا: لقد حجته الملائكة من قبلك.


    وقد جاء منصوصاً عليه في أثر عروة بن الزبير رضي الله عنهما، أنه قال: ما من نبي إلا وقد حج البيت،

    إلا ما كان من هود وصالح، ولقد حجه نوح فلما كان من الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض،

    وكان البيت ربوة حمراء، فبعث الله هوداً عليه السلام فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله إليه، فلم يحجه حتى مات،

    فلما بوأه الله لإبراهيم عليه السلام حجه، ثم لم يبق نبي بعده إلا حجه.
    أخرجه البيهقي
    في السنن.


    حين وفاة سيدنا شيث، قيل إن شيثًا لما مرض أوصى إلى ابنه أنوش، وقيل دفن مع أبويه ءادم وحواء عليهما السلام

    في غار بأبي قبيس في مكة، ويقال إنه دفن بقرب مسجد الخيف بمنى.

    فعُهد أمر الناس بعده إلى ابنه أنوش، ولم يبعث الله تعالى نبيا بعده مباشرة، بل بقي الناس دون نبي،

    متبعين ما شرع لهم هذا النبي الكريم، وأبوه آدم عليهما سلام من الله
    .

    قال المؤرخون: قام أنوش بعد وفاة أبيه شيث على منهجه من غير تبديل ولا تغيير ثم بعده ولد قَيْنَان،

    ثم من بعده ابنه مهلاييل وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملَك الأقاليمَ السبعة،

    ثم بعده ابنه يَرْد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده أخنوخ وهو إدريس عليه السلام على المشهور.

    ويروى إلى انه شيث يرجع أنساب بني ءادم كلهم اليوم، وذلك أن نسل سائر ولد ءادم غير نسل شيث انقرضوا وبادوا

    ولم يبق منهم أحدٌ، والله أعلم.



    بداية العصيان

    مع غياب الأنبياء بعد وفاة أنوش، أراد الشيطان أن يوقع المعاصي في بني آدم، ويستميلهم ليعصوا الله تعالى، ويطيعوا هوى أنفسهم، ليكون ذلك بداية العصيان في الأرض، والخروج عن أمر الله تعالى، فذهب إلى قوم قابيل في السهول لِما يُعرف عنهم من ميل للباطل، وبعدٍ عن القوم الصالحين، فتشكل لهم بهيئة غلام، وعمل أجيراً لدى رجل منهم، وبعدها بزمن أخذ يبتكر لهم الأمور الغريبة..
    وأشكال اللباس المتنوعة، فكان كما يقال في عصرنا الحالي «من يبتكر لهم الموضة»، ثم جعل لهم عيداً يجتمعون فيه، فتتبرج النساء للرجال، وصنع لهم مزماراً كمزامير الرعاة، وأخذ يزمر فيه بصوت جميل لم يُسمع مثله من قبل.
    في تلك الأثناء أخذ الصوت ينتقل في الهواء، حتى اقترب من الجبال، فسمعه بعض قوم آدم من ضعيفي النفس، ولفتت غرابته انتباههم، فأخذوا يقتربون من ديار قوم قابيل، ويراقبونهم من بعيد، ويستمعون إلى مزاميرهم، لكنهم انتهوا عن عصيان ما في شريعة شيث عليه السلام، واكتفوا بالاستماع والمشاهدة من بعيد.



    أول معصية زنا

    وفي إحدى المرات تجرأ رجل من قوم شيث عليه السلام، ودخل بين قوم قابيل في عيدهم، فتعجب من حسن نسائهم، وطريقة تبرجهن، حيث كانت نساء السهول من قوم قابيل صَباح الوجوه، وفي رجالهم دمامة، فيما كان رجال الجبال من قوم آدم صباح الوجوه وفي نسائهم دمامة، ثم رجع ذلك الرجل إلى رفاقه، وأخبرهم بما رأى من حسن وجمال وتبرج، حتى أغراهم بما قال ووصف، فعصوا شيثاً عليه السلام، ودخلوا في عيدهم، واختلطوا بنسائهم، وافتتنوا بحسنهن، وافتتنت النساء بحسنهم، فتحلقوا حولهم، وحدث اللقاء بينهم، ليكون ذلك أول زنا يقع في تاريخ البشرية.
    بعد تلك الحادثة تسامع ضعفاء الإيمان من قوم شيث ما حدث، فهفت نفوسهم إلى المعاصي والافتتان بالنساء، وأخذوا يهاجرون من الجبال إلى السهول، حتى بدأ يقل عدد أصحاب شيث عليه السلام مقابل زيادة عدد قوم قابيل، ودب الفساد والفسق والفواحش في قوم قابيل ومن هاجر إليهم، وامتد فحشهم إلى خارج قراهم، فأخذوا يهجمون على المؤمنين فيؤذونهم ويقتلون منهم.

    الصور المرفقة الصور المرفقة

  5. #5
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)







    أدريــــس عــــليه الــــــــسـلام




    ادريس هو نبي الله بعد ادم عليه السلام فبعد موت ادم ورث الوصية ابنه شيث .وشيث هو جد جد ادريس وبينهم اربع او خمس اجيال ففي كتب السيرة يذكر ادريس ابن يرد ابن مهلائيل ابن قينان ابن يانش ابن شيث ابن ادم عليه السلام .وشيث لم ياتيه الرسالة ولكن ورث اباه في العلم والحكمة وظل الناس على التوحيد لمدة 15 قرنا

    إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز، قال تعالى:
    وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية.


    نـــــــــســــــــــبـــــــــــه:

    هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم عليه السلام واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد نوح عليه السلام. وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة.
    وعن القرطبي انه سمى ادريس لكثرة درسه لكتاب الله تعالى وانزل الله عليه 30صحيفة كما في حديث ابا ذر


    حـــــــــيــــــاتـــــــــــــــــه:

    وادريس اول رسول بعد ادم وقد قيل إن إدريس ولد ببابل، وقال آخرون إنه ولد بمصر, وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة (آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم
    فقالوا له، وأين نجد إذا رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا رزقنا الله غيره،
    فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله،
    وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق.

    وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم.
    وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن،
    فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة
    وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله (خير الدنيا حسرة، وشرها ندم)
    وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة)
    وقوله (الصبر مع الإيمان يورث الظفر).


    فعمل طفقة حضارية فهو اول من خطا بالقلم وخاط الثياب ولبس المخيط وكان خياط ومع كل غرزة يسبح الله ويذكره واول من بشر بالقران وعلمه الله علم النجوم والافلاك وتعلم مفاتيح العلوم علم الناس الكتابة بالقلم وكان رجل متاني في كلامه كثير الصمت وكثير الحكمة والفكر وهذه الصفات كتبها في اسفاره .





    قـــــــــــــــــــــصــــــة وفـــــــاتـــــــــــــــه:



    قال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا

    وعن وفاته.. سأل ابن عباس كعباً فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس
    {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً
    عَلِيّاً}
    ؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل عمل جميع بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه الله خليل له من الملائكة، فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا وكذا , فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه: كم بقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك.

    فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}.
    ســــــــــــــــــبــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــحــــــــــــــــــان الــــلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــه







    ****
    نبذة عن ما قيل في حياة سيدنا إدريس عليه السلام


    ****

    كان النبي أدريس يسكن في قرية يحكمها طاغية متجبر ، رآى هذا الجبار أرضا خضراء فأعجبته ، فسأل وزراءه : لمن هذه الارض ؟ قالوا : لعبد من عبدالملك فلان الرافضي ، فدعا أن يأتونه به فقال له : أعطيني أرضك هذه ، فقال له : أبنائي أحوج إليها منك ، قال : فسمني بها أثمنها لك ، قال : لا أعطيك ولا أسومك دع عنك ذكرها ، فغضب الملك عند ذلك وأسف وانصرف إلى أهله وهو مغموم مفكر في أمره ، وكانت له امرأة من الازارقة وكان بها معجبا يشاورها في الأمور كلها إذا نزل به أي شيء ، فلما استقر في مجلسه بعث إليها ليشاورها في أمر صاحب الارض فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب ، فقالت له : أيها الملك ما الذي دهاك حتى بدأ الغضب في وجهك فأخبرها بخبر الارض ومن قول صاحبها له فقالت : أيها الملك إن ما يغتم ويأسف من لا يقدر على التغيير والانتقام وإن كنت تكره أن تقتله بغير حجة فأنا أكفيك أمره واصير الأرض لك , فبعثت بقوم من رجالها إليه وهم الأزارقة وقتلوه وأخذ ذلك الطاغي الجبار تلك الأرض ، فغضب الله عند ذلك فأوحى الله إلى إدريس عليه السلام أن ائت عبدي هذا الجبار فقل له : أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك فأحوجت عياله من بعده و أجعتهم ؟ أما وعزتي لانتقمن له منك في الآجل ، ولاسلبنك ملكك في العاجل ، ولاخربن مدينتك ، ولأ ذلن عزك ، ولا طعمن الكلاب لحم امرأتك ، فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك .
    فأتاه إدريس عليه السلام برسالة ربه وهو في مجلسه وحوله أصحابه .
    فقال : أيها الجبار إني رسول الله إليكم وهو يقول لك : وقال له ما أوحي أليه من ربه , فقال الجبار : اخرج عني يا إدريس فلن تسبقني بنفسك ، ثم أرسل إلى امرأته فأخبرها بما جاء به إدريس فقالت : لا يهولنك رسالة إله إدريس ، أنا ارسل إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه وكل ما جاءك به ، قال : فافعلي ، وكان لادريس أصحاب من الرافضة مؤمنون يجتمعون إليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم ، فأخبرهم إدريس بما كان من وحي الله عزوجل إليه ورسالته إلى الجبار وما كان من تبليغ رسالة الله إلى الجبار ، فأشفقوا على إدريس وأصحابه وخافوا عليه القتل ، وبعثت امرأة الجبار إلى إدريس أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوه فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع إليه فيه أصحابه فلم يجدوه ، فانصرفوا وقد رآهم أصحاب إدريس فحسوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوه فقالوا له : خذ حذرك يا إدريس فإن الجبار قاتلك ، قد بعث اليوم أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية ، فتنحى إدريس عن القرية من يوم ذلك ومعه نفر من أصحابه ، فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال : يا رب بعثتني إلى جبار فبلغت رسالتك ، وقد توعدني هذا الجبار بالقتل ، بل هو قاتلي إن ظفر بي ، فأحى الله إليه أن تنح عنه واخرج من قريته وخلني وإياه ، فوعزتي لا نفذن فيه أمري ، ولا صدقن قولك فيه وما أرسلتك به إليه .
    فقال إدريس : يا رب إن لي حاجة ، قال الله : سلها تعطها ، قال : أسألك أن لا تمطر السماء على أهل هذه القرية وما حولها وما حوت عليه حتى أسألك ذلك ، قال الله عزوجل : يا إدريس إذا تخرب القرية ويشتد جهد أهلها ويجوعون ، فقال إدريس : وإن خربت و جهدوا وجاعوا ، قال الله : فإني قد أعطيتك ما سألت ولن امطر السماء عليهم حتى تسألني ذلك وأنا أحق من وفى بعهده ، فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله عزوجل من حبس المطر عنهم وبما أوحى الله إليه ووعده أن لا يمطر السماء عليهم حتى أسأله ذلك ، فاخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية إلى غيرها من القرى ، فخرجوا منها وعدتهم يومئذ عشرون رجلا فتفرقوا في القرى ، وشاع خبر إدريس في القرى بما سأل الله تعالى ، وتنحى إدريس إلى كهف في الجبل شاهق فلجأ إليه ووكل الله عزوجل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء وكان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء ، وقد نفذ الله وعده للملك عند ذلك فقتله وأخرب مدينته وأطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن ، وظهر في المدينة جبار آخر عاص فمكثوا بذلك بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء قطرة من مائها عليهم ، فجهد القوم واشتدت حالهم وصاروا يمتارون الاطعمة من القرى من بعد ، فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض فقالوا : إن الذي نزل بنا مما ترون بسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو ، وقد خفي إدريس عنا ولا علم لنا بموضعه والله أرحم بنا منه ، فأجمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله ويدعوه ويفزعوا إليه و يسألوه أن يمطر السماء عليهم وعلى ما حوت قريتهم ، فقاموا على الرماد ولبسوا المسوح ، وحثوا على رؤوسهم التراب ورجعوا إلى الله عزوجل بالتوبة والاستغفار والبكاء و التضرع إليه ، وأوحى الله عزوجل إليه : يا إدريس أهل قريتك قد عجوا إلي بالتوبة والاستغار والبكاء والتضرع ، وأنا الله الرحمن الرحيم أقبل التوبة وأعفو من السيئة وقد رحمتهم ، ولم يمنعني إجابتهم إلى ما سألوني من المطر إلا مناظرتك فيما سألتني أن لا امطر السماء عليهم حتى تسألني ، فاسألني يا إدريس حتى اغيثهم وامطر السماء عليهم .
    قال إدريس : اللهم إني لا أسألك ذلك ، قال الله عزوجل : ألم تسألني يا إدريس فسلني ، قال إدريس : اللهم إني لا أسألك ، فأوحى الله عزوجل إلى الملك الذي أمره أن يأتي إدريس بطعامه كل مساء أن احبس عن إدريس طعامه ولا تأته به ، فلما امسى إدريس في ليلة ذلك اليوم فلم يؤت بطعامه حزن وجاع فصبر ، فلما كان في اليوم الثاني فلم يؤت بطمامه اشتد حزنه وجوعه ، فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده وجوعه وحزنه وقل صبره فنادى ربه : يارب حبست عني رزقي من قبل أن تقبض روحي ؟ ! فأوحى الله عزوجل إليه : يا إدريس جزعت أن حبست عنك طعامك ثلاثة أيام ولياليها ، ولم تجزع ولم تنكر جوع أهل قريتك وجهدهم منذ عشرين سنة ؟ ! ثم سألتك عن جهدهم ورحمتي إياهم أن تسألني أن امطر السماء عليهم فلم تسألني وبخلت عليهم بمسألتك إياي فأذقتك الجوع فقل عند ذلك صبرك وظهر جزعك ، فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى حيلك ، فهبط إدريس من موضعه إلى غيره يطلب اكلة من جوع ، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة وهي ترقق قرصتين لها على مقلاة فقال لها : أيتها المرأه أطعميني فإني مجهود من الجوع ، فقالت له : يا عبدالله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا - وحلفت أنها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية ، قال لها : أطعميني منا امسك به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب ، قالت : إنهما قرصتان : واحدة لي والاخرى لابني فإن أطعمتك قوتي مت ، وإن أطعمتك قوت ابني مات ، وما هنا فضل اطعمك إياه ، فقال لها : إن ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى بها ويجزيني النصف الآخر فأحيى به وفي ذلك بلغة لي وله ، فأكلت المرأة قرصها وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها ، فلما رأى ابنها إدريس يأكل من قرصه اضطرب حتى مات ، قالت امه : يا عبدالله قتلت علي ابني جزعا على قوته ؟ ! قال إدريس : فأنا احييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي ، ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال : أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله وأنا إدريس النبي ، فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله فلما سمعت المرأة كلام إدريس وقوله : أنا إدريس ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت : أشهد أنك إدريس النبي ، وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية : ابشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم ، ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الاول و هي على تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له : يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جهدنا فيها مسنا الجوع والجهد فيها ؟ فادع الله لنا أن يمطر السماء علينا ، قال : لا حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك ، فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس ، فأتوه فقالوا له : إن الجبار بعث إليك لتذهب إليه فدعا عليهم فماتوا ، فبلغ الجبار ذلك فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فقالوا له : يا إدريس إن الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه ، فقال لهم إدريس : انظروا إلى مصارع أصحابكم ، فقالوا له : يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت ! أمالك رحمة ؟ فقال : ما أنا بذاهب إليه ، ولا أنا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتيني جباركم ما شيا حافيا وأهل قريتكم ، فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه وبقول إدريس واسألوه أن يمضي معهم وجميع أهل قريتهم إلى إدريس حفاة مشاة ، فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل الله لهم أن يمطر السماء عليهم ، فقال لهم إدريس : أما الآن فنعم ، فسأل الله تعالى إدريس عند ذلك أن يمطر السماء عليهم و على قريتهم ونواحيها فأظلتهم سحابة من السماء وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم حتى ظنوا أنها الغرق فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء .

    الصور المرفقة الصور المرفقة

  6. #6
    vip السبلة الصورة الرمزية البوسعيدي2012
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    الدولة
    نـــــزوى
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    24,202
    Mentioned
    0 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    ما شاء الله

    طرح في قمة الروعة

    تسلمي

    في ميزان حسناتك بإذنه تعالى
    وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا
    إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا

  7. #7
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)




    نـــوح عـــلـيـه الـــــســـلام





    حـــــــــــــــــال الـــــــــــنــاس قـــــبــــل بـــعـــثـــة نـــــــوح:

    قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح، عاشوا زمنا ثم ماتوا،

    كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا).

    بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت.. ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبنائهم..

    ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة..

    واستغل إبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل
    .



    ســـــــــــيـــــــــــرتــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــه:

    نوح عليه الصلاة والسلام لقّب بأبي البشر الثاني، وهو أوّل رسول أرسله الله إلى الناس؛ لدعوتهم إلى توحيد الله عزّ وجلّ، وهو نوح بن لامك بن

    متوشلخ بن أخنوخ أي أدريس وينتهي نسبه إلى شيث عليه السلام بن آدم أبي البشر، وعرف قبل النبوّة بالصلاح، والسيرة الحسنة، والاستقامة،

    والخلق الرفيع، ومحبّته بين الناس، وذكر نوح عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم في 43 موضعاً، وذكرت في القرآن الكريم سورة باسمه

    "سورة نوح"؛ لأنّه تحمل الأذى الكبير من قومه؛ صنّفه الله سبحانه وتعالى مع الرسل أولي العزم .




    بعثة نوح عليه السلام:

    بعث النبي نوح عليه الصلاة والسلام إلى قوم "بني راسب"، وكانوا من عبدة الأصنام؛ فأمر الله سبحانه وتعالى النبيّ نوح عليه الصلاة والسلام بتبليغ رسالة الوحدانيّة

    كان سيدنا نوح عليه السلام على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم. وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ. فاختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته:

    يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

    بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث. هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث

    ثم يوم للقيامة. يوم عظيم، فيه عذاب يوم عظيم.شرح "نوح" لقومه أنه يستحيل أن يكون هناك غير إله واحد هو الخالق. أفهمهم أن الشيطان قد

    خدعهم زمنا طويلا، وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع، حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان. كيف خلقه، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل،

    وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق للعقل
    .

    تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته. لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء

    والأقوياء والكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضد نوح
    .

    في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم:

    فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا

    قال تفسير القرطبي: الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليئون بما يقولون.

    قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح.

    رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك، وأكد أنه مجرد بشر.. والله يرسل إلى الأرض رسولا من البشر، لأن الأرض يسكنها البشر، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة لأرسل الله رسولا من الملائكة.. استمرت الحرب بين الكافرين ونوح.

    في البداية، تصور الكفرة يومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ وحدها، فلما وجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجوم على نوح من هذه الناحية. هاجموه في أتباعه، وقالوا له: لم يتبعك غير الفقراء والضعفاء والأراذل.

    هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه. ولجأ الذين كفروا إلى المساومة. قالوا لنوح: اسمع يا نوح.

    إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك. إنهم ضعفاء وفقراء، ونحن سادة القوم وأغنياؤهم..

    ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة مع هؤلاء
    .

    واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون، ورغم ذلك كان طيبا في رده.
    أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين، لأنهم أولا ليسوا ضيوفه، إنما هم ضيوف الله..

    وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه من يشاء، إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء
    .

    كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه.

    وهو منطق الفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة
    .

    قال لهم إن الله قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة. ولم يروا هم ما آتاه الله، وهو بالتالي لا يجبرهم على الإيمان برسالته وهم كارهون.

    إن كلمة لا إله إلا الله لا تفرض على أحد من البشر. أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته، لا يطلب منهم مالا فيثقل عليهم،
    إن أجره على الله، هو الذي يعطيه ثوابه.

    أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله، وأن له حدوده كنبي. وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين: أنهم سيلقون الله مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟ ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله، ويجازي من طردهم،

    فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم؟ وهكذا انتهى نوح إلى أن مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم
    .

    وعاد نوح يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق، وأخبرهم بتذللـه وتواضعه لله عز وجل، فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله،

    وهي إنعامه على من يشاء من عباده، وهو لا يعلم الغيب، لأن الغيب علم اختص الله تعالى وحده به. أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا. بمعنى أن منزلته

    ليست كمنزلة الملائكة.. قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل.. إن هؤلاء المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع

    لاحتقاركم لهم، الله أعلم بما في أنفسهم. هو الذي يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.. أظلم نفسي لو قلت إن الله لن يؤتيهم خيرا
    .

    وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح.. حكى الله موقفهم منه في سورة (هود):

    قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) (هود)

    أضاف نوح إغواءهم إلى الله تعالى. تسليما بأن الله هو الفاعل في كل حال. غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ حريتهم وكامل إرادتهم.. فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه إلى ربه. بهذه النظرة يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله. كل ما في الأمر أن الله ييسر كل مخلوق لما خلق له، سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر.. وهذا من تمام الحرية وكمالها. يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى طريق ما اختاره. اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره الله لهم.

    وتستمر المعركة، وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه إذا انهارت كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال، بدءوا يخرجون عن حدود الأدب ويشتمون نبي الله:

    قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)

    ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:

    قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62) (الأعراف)

    ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعد ساعة. ويوما بعد يوم. وعاما بعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه. كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا وجهرا، يضرب لهم الأمثال. ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله في الكائنات، وكلما دعاهم إلى الله فروا منه، وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق. واستمر نوح يدعو قومه إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما.

    وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد، بينما يزيد عدد الكافرين. وحزن نوح غير أنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويجادلهم، وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح. وحزن نوح على قومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس. ظل محتفظا بالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة، وربما يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له.

    وجاء يوم أوحى الله إليه، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم. ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك:

    وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) (نوح)

    برر نوح دعوته بقوله:

    إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (26) (نوح)



    الـــــطــــــــــوفـــــــــــــــــــان:




    ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان. أخبر الله تعالى عبده نوحا أنه سيصنع سفينة (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) أي بعلم الله وتعليمه، وعلى مرأى

    منه وطبقا لتوجيهاته ومساعدة الملائكة. أصدر الله تعالى أمره إلى نوح:
    (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) يغرق الله الذين ظلموا مهما

    كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي، وينهى الله نبيه أن يخاطبه أو يتوسط لهم
    .

    وبدأ نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفينة. انتظر سنوات، ثم قطع ما زرعه، وبدأ نجارته. كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانة،

    بدأ نوح يبني السفينة، ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة، والجفاف سائد، وليست هناك أنهار قريبة أو بحار. كيف ستجري هذه

    السفينة إذن يا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟ أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ لقد جن نوح، وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم

    من نوح. وكانوا يسخرون منه قائلين: صرت نجارا بعد أن كنت نبيا
    !


    إن قمة الصراع في قصة نوح تتجلى في هذه المساحة الزمنية، إن الباطل يسخر من الحق. يضحك عليه طويلا، متصورا أن الدنيا ملكه، وأن الأمن

    نصيبه، وأن العذاب غير واقع.. غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان. عندئذ يسخر المؤمنون من الكافرين، وتكون سخريتهم هي الحق
    .

    انتهى صنع السفينة، وجلس نوح ينتظر أمر الله. حتى أوحى الله إلى نوح أنه إذا فار التنور هذا علامة على بدء الطوفان. قيل في تفسير التنور أنه

    بركان في المنطقة، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح، إذا خرج منه الماء وفار كان هذا أمرا لنوح بالحركة
    .


    وجاء اليوم الرهيب، فار التنور. وأسرع نوح عليه السلام يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به، قال للذين آمنوا إركبوا في السفينة إركبوا فيها ،

    بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ,وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض. حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين

    اثنين، بقرا وثورا، فيلا وفيلة، عصفورا وعصفور، نمرا ونمرة، إلى آخر المخلوقات. كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة. وساق

    جبريل عليه السلام أمامه من كل زوجين اثنين، لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض، وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها، فلولا

    ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير. وبدأ صعود السفينة. صعدت الحيوانات والوحوش والطيور، وصعد من آمن بنوح، وكان عدد المؤمنين قليلا
    .




    لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان معه ثلاثة أبناء "سام، وحام، ويافث"، أمّا الابن الرابع كنعان فلم يتبعه.وكان هذا الابن الرابع يخفي

    كفره ويبدي الإيمان أمام والده سيدنا نوح، فلم يصعد هو الآخر. وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى، فلم تصعد. وصعد المؤمنون.

    قال ابن عباس، رضي الله عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسانا
    .


    ارتفعت المياه من فتحات الأرض. انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض. فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وصارت ترتفع

    ساعة بعد ساعة. فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسح الأرض. وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه
    .

    ارتفعت المياه أعلى من الناس. تجاوزت قمم الأشجار، وقمم الجبال، وغطت سطح الأرض كله. بدأت الامواج تتساقط والناس يهربون و يغرقون

    ويستغثون ويصرخون وأهل الايمان تطفوا سفينتهم ، سفينة النجاة سفينة نوح عليه السلام والذين آمنوا به ، بدأ الماء يرتفع شيئا فشيئا ، بلغت

    الامواج رؤوس الجبال ، والناس يصرخون ويبكون ، ويسرع كل منهم إلى رؤوس الجبال .



    نوح عليه السلام في هذه اللحظات تذكر أحد أبنائه " كنعان "بدأ يبحث عنه بين المؤمنين ، أين إبني أين فلدة كبدي ،

    يسأل أبنائه أين أخوكم " كنعان " قالوا يا أبانا لم يركب معنا ، أخذ وهو على السفينة ينظر في الناس ،

    من غرق ومن هرب ومن يصعد الجبال ، فرأى إبنه من بعيد رأى إبنه وفلدة كبده

    رأى إبنه بعيدا عن الكفار ، الكفار في جانب وهو بعيد عنهم ،

    فظن نوح أنه ربما قد أخفى إيمانه
    { وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ } كان بعيدا عن الكفار

    { يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا } يابناي إدركنا يابناي تعال في السفينة ،

    لازال في الامر مُتَّسع يابني إدرك نفسك {
    يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ } نوح عليه السلام في هذه اللحظات لم يتاملك نفسه ،

    إنه أب وهذا إبنه إنها العاطفة إنها الرحمة في القلب لم يستطع أن يتمالك نفسه ينادي إبنه ، لكنه العِناد في إبنه لكنه الكبر ، قبح الله الكبر والعناد ،

    فإذا بإبنه يقول قال
    { سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء } لا زالت هناك جبال لم يغطيها الماء ، قال سأوي إلى جبل يحمني من الغرق

    يحميني من الماء ، فرد نوح عليه السلام لأنه يعلم هذا ليس بمطر هذه ليست مياه عادية ، بل إنه عذاب الله نزل ، قال له نوح عليه السلام قال

    يابني
    { لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ } فإذا بنوح عليه السلام يرقب إبنه ، إبنه يفر إلى الجبل ويرقى الجبل والماء تحته ويصعد الجبل

    والماء تحته ونوح يرقبه ويرقبه ويناديه ، لكنه لايبالي ، قال الجبل سيحمني الجبل سيحمني ،

    حتى إذا بالماء يلفظ إبنه إذا بالماء يُغرِق إبنه
    { وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ } كم حزن كم حزن نوح عليه السلام على إبنه ،

    ولكن هذا أمر الله عز وجل ، لا شفاعة إنه إبن نبي ، أمر الله إذا نزل لا يشفع فيه أحد ويرد أمر الله عز وجل أحد ، أما أهل الايمان

    فقد حمدوا الله عز وجل

    وقالوا
    { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }


    ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار بين نوح عليه السلام وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة.

    نادى نوح ابنه قائلا : يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ

    ورد الابن عليه : قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء

    عاد نوح يخاطبه : قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ


    وانتهى الحوار بين نوح وابنه:

    وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ


    انظر إلى تعبير القرآن الكريم
    (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموج حوارهما فجأة. نظر نوح فلم يجد ابنه. لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع وترفع معها السفينة، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه. وشاءت رحمة الله أن يغرق الابن بعيدا عن عين الأب، رحمة منه بالأب، واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور أن الجبل سيعصمه من الماء، فغرق.

    واستمر الطوفان. استمر يحمل سفينة نوح. بعد ساعات من بدايته، كانت كل عين تطرف على الأرض قد هلكت غرقا. لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذا الجزء الخشبي من سفينة نوح، وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض. وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية. ومن الصعب اليوم تصور هول الطوفان أو عظمته. كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق.

    كانت السفينة تجري بهم في موج كالجبال. ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم إن انفصال القارات وتشكل الأرض في صورتها الحالية، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار، ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة. حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض، وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.

    استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره. ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن تكف عن الإمطار، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء، وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودي، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق. طهر الطوفان الأرض وغسلها.
    قال تعالى في سورة (هود):

    وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود)

    (وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض. (وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه، يعني هلك الكافرون من قوم نوح تماما. ويقال أن الله أعقم أرحامهم أربعين سنة قبل الطوفان، فلم يكن فيمن هلك طفل أو صغير. (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه، وقيل كان ذلك يوم عاشوراء. فصامه نوح، وأمر من معه بصيامه. (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم. طهر الطوفان الأرض منهم وغسلها. ذهب الهول بذهاب الطوفان. وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح.. تذكر ابنه الذي غرق.

    لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر. كان يتصور أنه مؤمن عنيد، آثر النجاة باللجوء إلى جبل. وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم.. فلم يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان. تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة.
    قال تعالى في سورة (هود):

    وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) (هود)



    أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين.



    وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين. قال الله سبحانه وتعالى، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة


    الأولى
    :

    يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) (هود)

    قال العلماء ، أنه لم يكن نوح يقول لربه:
    (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) إلا وأنه يظنه كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل في إنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان. فأخبر الله تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب.

    أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت. وكان الله حين يعظه أن يكون من الجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور أن يكون ابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين
    .

    وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه. أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله، لأنه لم يؤمن بالله، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس. ابن النبي هو ابنه في العقيدة.

    هو من يتبع الله والنبي، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه. هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب. لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض
    .

    واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته. وهبط نوح من سفينته. أطلق سراح الطيور والوحش فتفرقت في الأرض، نزل المؤمنون بعد ذلك.




    بقي نوح عليه السلام بعد الطوفان لسنوات يدعو أهل الايمان يعلمهم دين الله عز وجل ، ويبلغ رسالة الله سنوات ، إنها لحياة طويلة وهو يعلم الناس ويصدع بالحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
    { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }

    لم يبقى في الارض إلا أهل الايمان ولكن لكل شيء نهاية ، إقتربت نهاية نوح عليه السلام في اللحظات الاخيرة ،

    مرض نوح عليه السلام وهو على فراش المرض بالقرب منه إبنه ، قال يابني إني موصيك وصية ،

    قال أوصني يآأبي قال إسمع يابُني ،
    لو أن السموات السبع والارضين في كفة ولا إله إلا الله في كفة أخرى لرجحت بهن لا إله إلى الله ، يابني لو أن السموات السبع والارضين حلقة لقسمتهن لا إله إلا الله { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ }

    دعوة الانبياء بها بدأوا دعوتهم وبها تختم دعوتهم ، ظل أهل الايمان أهل التوحيد بعد وفاة نوح عليه عليه السلام لِسنوات الله أعلم بها ،

    لكن ما الذي حصل هل ظل التوحيد على حاله ، هل ظل أهل الايمان على إيمانهم هل ظل الموحدون وتركهم إبليس وتركتهم الشياطين أبدا
    { يَا بَنِي آدَمَ } الله عز وجل ينادي بني آدم يُذكرهم بالتوحيد فيقول لهم { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ } دَبَّ الشرك في الارض مرة أخرى ،

    وبدأت الشياطين تحرف الناس عن دين الله عز وجل ، نعم توفي نوح نعم أدى الامانة نعم بلغ الرسالة وأهل الايمان بقوا ولم تبقى إلا ذرية نوح عليه السلام ،

    ولكن أهل التوحيد جاءت الشياطين إليهم وبدأ الشرك يبدأ صغيرا وصغيرا وشيئا فشيئا بدأ الشرك الخفي يَدُبُّ في قلوب الناس حتى إنتشر شيئا فشيئا ، حتى كبر الشرك وانتشر في الناس وعَظُمَ وبدأ الشرك الاكبر في الارض مرة أخرى

    ولقد
    { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْك لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَنَّ عَمَلك , وَلَتَكُونَن مِنْ الْخَاسِرِينَ }




    لكن السؤال ما الذي حصل بعد نوح عليه السلام أولُوا العزم من الرسل ؟،

    ومن الذي أتى ومن دعا الناس إلى التوحيد مرة أخرى ؟

    ومن أرجعهم إلى دين الله جل وعلا ؟

    وهل يترك الله البشر هكذا بغير كتاب يُنزل أو رسول يُرسل إليهم ،؟



    *********

    هذا ما سوف نعرفه بالقصة القادمة إنشاء الله من قصص الانبياء ,,

    أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ,,


    *********






    الصور المرفقة الصور المرفقة

  8. #8
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)



    سيدنا هـــــــــــــــــــود عليه السلام




    عبادة الناس للأصنام:

    بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام، قام من آمن معه ونجى بعمارة الأرض.

    فكان كل من على الأرض في ذلك الوقت من المؤمنين. لم يكن بينهم كافر واحد. ومرت سنوات وسنوات. مات الآباء والأبناء وجاء أبناء الأبناء.

    نسى الناس وصية نوح، وعادت عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة الله وحده، وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة
    .

    قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان. وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها،

    وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل، فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة، وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة مع الله.

    وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية.




    كان هناك قبيلة اسمها
    "عاد"وسميت بهذا الاسم نسبة الى عاد بن إرم وهي أول من عبد الأصنام بعد نوح

    عليه السلام
    وكانت هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى الأحقاف..

    والأحقاف جمع حقف وهي ما استطال واعوج من الرمل العظيم

    ولا يبلغ أن يكون جبلا،
    وهي صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر.

    أما مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قومهم من أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام،

    والطول والشدة..

    كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم

    عقول مظلمة. فلم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة
    .


    « إرَم » المدينةُ العجيبة



    كانَ قوم عادٍ قد بَنَوا في تلكَ الفترةِ أعظمَ مدينةِ في العالَمِ
    ،
    هي مدينةُ إرمَ

    قال الله تعالى:

    " ألم ترَ كيف فعلَ ربُّكَ بعاد ( 6 ) إِرَمَ ذاتِ العِماد ( 7 ) التي لم يُخلَق مِثلُها في البلاد ( 8 )"، سورة الفجر،

    إرم التي لَم يُخْلَقْ مِثلُها في البِلاد

    المدينة التي بنيت من الصخور وتكثر فيها الأعمدة وقد وصف الله مدينة إرم بأنه لم يوجِد مدينة أخرى مثلها وأنها ذات أعمدة،

    وأنها كانت ذات مزراع كجنان وجدت على الأرض، وعيون ماء لتزدهر هذه الأراضي،

    كانت مليئةً بالقُصورِ والحَدائقِ والبساتينِ.. وقد رزقهم الله بالأولاد، فتكاثروا وأصبحوا ذوي عدد مما أمدهم بالقوة العددية،

    ورزقهم بقوة جسدية وعقلية شديدة، قال تعالى:
    "وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً" سورة الأعراف،

    أي فضلهم الله وزادهم على باقي الخلق بالقوة الجسدية والعقلية وقد ظهر ذلك من بناء مدينتهم


    وكان رد فعلهم على هذه النعم هي الجحود والنكران لها، فقد كانوا لايعبدون الله عز وجل، فقد قاموا بعبادة الأصنام كما فعل قوم نوح من قبل.

    ولم يكتفوا بهذا بل قامو بإفساد الأرض وأنتشرت بينهم العداوة والبغضاء.

    ولكن حكمة الله كبيرة فالبرغم من كل ذلك أرسل الله عليهم النبي هود عليه السلام حتى يقوم بهدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور. .


    إرسال هود عليه السلام:

    أرسل الله عز وجل سيدنا هود عليه السلام نبياً عربياً وهو أول نبي عربي أرسل الى قوم عاد ،

    ويرجع نسبه على أنه

    هود بن شالخ أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك متوشالح بن أخنوخ ( إدريس ) عليه السلام بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام ,,,والله أعلم

    وهود هو أحد أفراد قوم عاد، وهم في الترتيب القرآني قوم أتوا بعد قوم نوح كما تقول الآيات الكريمة وقد ذكر ذلك صراحة

    في الآية الكريمة:

    " أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ

    وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ

    لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)" سورة الأعراف،

    فهم قوم استخلفهم الله في الأرض بعد قوم نوح ليعبدوه ويصلحوا الأرض.


    أرسله الله عز وجل لقوم عاد الذين طغوا في الأرض وتجبروا فيها ،

    كان هود عليه السلام رجلاً فاضلاً في قومه، كان أرجح قومه عقلاً. أمر الله هود عليه السلام أن يذهب برسالته إلى قوم عاد، فأطاع هود ربه،

    وذهب إليهم وقال لهم انه نبي من الله وقد جاء لهدايتهم. وقال لهم أن هناك إلهاً واحداً للكون وليس هناك غيره وهو الذي يجب أن تعبدوه وتتجهوا

    إليه بالدعاء طالبين منه الهداية، فالأصنام التي تعبدوها لايمكن أن تنفع أو تضر. فمن آمن وعمل صالحاً كافأه الله بالجنة ومن كفر به فعقابة جهنم

    وبأس المصير، وقد حذرهم من إغلاق آذانهم عن الحق والأستماع إلى مايقوله حتى لايصيبهم مثل ما أصاب قوم نوح عليه السلام
    .

    قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده
    (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ).

    وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟

    إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.

    أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة. حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم

    نوح، كيف أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع. كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به

    الأرض. وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد
    .

    قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟

    {
    فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً }

    قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود إلى الحياة؟

    قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.

    انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس الكافرون من قومه.

    إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب.

    كيف يعود هذا كله إلى أصله؟!

    ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟


    استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة..

    أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس.

    قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة.

    إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض.

    إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها.

    فليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي..

    وكثيرا ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام والسلطة.

    فأين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم في التراب بعد الموت؟

    إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة. أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير.

    فهل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟

    ولقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم للقيامة والحساب والجزاء.

    ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى.

    ويحكم فيها رب العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة الله ذاته
    .

    وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه.

    إن الاعتقاد بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب،

    ثم تلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض،

    فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود،

    وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع

    لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا،

    والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.

    دعاهم هود بعبادة الله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات..

    وتعجبوا أن يبعث الله من في القبور، ونكروا أن يعيد الله خلق الإنسان بعد

    تحوله إلى التراب،

    رغم أنه خلقه من قبل من التراب. وطبقا للمقاييس البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان

    من التراب والعظام أسهل من خلقه الأول.

    لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟!

    إن الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشري غير مقياسٍ بشري ينطبق على الناس،

    أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة بالنسبة إليه سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر
    .




    موقف الملأ من دعوة هود:


    قال تعالى: إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ

    يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام.

    سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم اللذين يقفون ضد الأنبياء.

    يصفهم الله تعالى بقوله:
    (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)

    من مواقع الثراء والغنى والترف، يولد الحرص على استمرار المصالح الخاصة.

    ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة، يولد الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون:

    أليس هذا النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب؟

    بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. كيف يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر ..

    كيف نطيع بشرا مثلنا؟ ثم.. لماذا اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟


    قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟!

    تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم لأحذركم. إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث، لقد هلك الذين كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا أقوياء.

    قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟

    قال هود: الله .

    قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا
    .

    وقال لهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي تبعدهم عن الله.

    و أن الله هو وحده الذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع
    .

    واستمر الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زاد قوم هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم.

    وبدءوا يتهمون "هودا" عليه السلام بأنه سفيه مجنون
    .

    قالوا له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.

    انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم. إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها قوى على من صنعها. لها تأثير على الإنسان مع أنها لا تسمع ولا ترى

    ولا تنطق. لم يتوقف هود عند هذيانهم،

    وهود لم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان، ولكنه توقف عند قولهم:

    (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).

    بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي.

    لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده.

    لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم..

    قال تعالى
    :

    إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55)

    إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ

    وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود)


    إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه قوما غلاظا شدادا وحمقى. يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء.

    إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له بغير إبطاء أو إهمال،

    فهو على استعداد لتلقي كيدهم، ما يعني انه على استعداد لحربهم فقد توكل على الله. والله هو القوي بحق، وهو الآخذ

    بناصية كل دابة في الأرض. سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز الله
    .

    بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين كفروا من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع

    الأمن الحقيقي ويبلغ عن الله رسالته و يأدى الأمانة.

    فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين.

    فاستكبروا وتفاخروا بقوتهم وقالوا لهود :
    ( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً )
    وأخذوا يسخرون منه ويستعجلون العذاب والعقوبة في سخرية واستهزاء فقالوا
    ( فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ )
    قال هود عليه السلام

    :
    ( قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )

    و من هنا تبين أن عليهم أن ينتظروا العذاب.


    هلاك عاد:

    وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه.

    هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة
    .

    انتظر هود وانتظر قومه وعد الله.

    ﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ



    وبدأ الجفاف في الأرض.

    لم تعد السماء تمطر.

    وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟

    قال هود: إن الله غاضب عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم.

    قال سيّدُنا هودٌ و وَعظَ قومَهُ. َ

    قال تعالى :
    (( يا قومِ استَغفِروا ربَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إلَيه يُرسِلِ السَّماءَ علَيكُم مِدْراراً ويَزِدْكُم قُوَّةً إلى قُوَّتِكُم .

    فسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر.

    زاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء
    ومات الزرع.

    وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء.

    وفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون:

    (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).

    تغير الجو فجأة من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس.

    بدأت الرياح تهب.

    ارتعش كل شيء،

    ارتعشت الأشجار والنباتات

    والرجال والنساء والخيام.

    واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم.

    كل ساعة كانت برودتها تزداد.

    وبدأ قوم هود يفرون،

    أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها،

    اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام،

    واختبئوا تحت الأغطية،

    فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية.

    كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره.

    لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم.



    لم يفكّروا بكلماتِ سيّدِنا هودٍ، لم يُفكّروا بمَواعِظهِ ونَصائحهِ،

    كانوا يَنظُرونَ إلى تلكَ التماثيلِ الحَجَريةِ فقط..

    كانوا يَعتقدَونَ أنّ تلكَ الحجارةَ الصَّمّاءَ هي التي تَرزُقُهم وتَمنَحُهم الخيرَ والبركةَ و النَّماء.

    قالَ سيّدُنا هودٌ وهو يَرى نُذُرَ العذاب:

    كلاّ، بل هو ما استَعجَلتُم به، ريحٌ فيها عَذابٌ ألِيمٌ تُدمِّرُ كلَّ شيء.

    أوى سيّدُنا هودٌ إلى الجبلِ ولجأ اليه المؤمنونَ...

    استمرت الرياح مسلطة عليهم

    سبع ليال وثمانية أيام

    لم تر الدنيا مثلها قط.

    قال الله تعالى في سورة الحاقة :

    وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)

    سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا

    فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ

    أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)

    فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ
    (8)




    وظَلَّت تَعصِفُ الرياح بِعُنفٍ شديد

    لم تَهدأ ولم تَتوقّفْ ليال متتالية ..

    لم تَهدأ الاّ بعدَ أن طَمَرت الوادي الخَصيبَ بالرّمالِ،

    ... تَحطَّمَت المَنازلُ وتَهاوَت الأعِمدةُ المَرمَريةُ الهائلةُ

    أمّا أُولئكَ الرجالُ الذين كفَروا برسالةِ هُود عليهِ السّلام، فقد سَقَطوا فوقَ الرِّمالِ...

    كانوا طُوالَ القامةِ، لهذا بَدَوا مثِلَ جُذوعِ النَّخلِ اليابسة..

    أيام الحسوم لأنها حسمت أمر قوم بكاملهم وجعلتهم غثاء)،

    فدمرت الريح كل شيء في المدينة وجعلته رميما،

    ولم يبق إلا بيوتهم ومساكنهم ذات الأعمدة لتكون شاهدة على وجودهم بعد موتهم.


    كانت الريح ترفع أفراد القوم العمالقة الأشداء في السماء

    ثم ترميهم على الأرض كأصول النخل (فقط الساق دون الأوراق أو فروع، كناية عن قطع رؤوسهم)

    الخاوية والمنقعرة (أي ساق النخيل التي تم نزعها من الأرض فتترك في الساق حفرة لها قعر، كناية عن قطع رؤوسهم وإخراج أحشائهم)،

    ثم تقع على الأرض جوفاء بالية، فحسرتهم فلم تبق منهم أحدا.

    وكم هو وصف دقيق لهذا العذاب الشديد، تخيلوا معي؛ ريح قوية وشديدة ترفع أجسادا بشرية عملاقة وقوية في السماء،

    تتباعد أيديهم وأرجلهم عن بعضها لطيرانهم في الهواء وفي محاولة بائسة منهم للنجاة مما هم فيه، فترفعهم،

    ثم ترطمهم بالأرض مراراً، وتدخل من أفواههم إلى أجوافهم فتنزع أحشاءهم وأعضاء بقوتها وبردها لمدة سبع ليال

    وثمانية أيام، حتى أصبحوا جثثا محطمة وخاوية وفارغة؛ بغير أدمغة ولا أمعاء ولا دماء ولا رؤوس ولا أيدٍ لكثرة

    ارتطامهم بالأرض وقوة الريح وبرودتها.




    أمّا التَّماثيلُ فسَقَطَت على وُجوهِها وتَحَطّمَت، وتَحَوّلَت تلكَ المَعابدُ الوَثنيّةُ إلى أنقاض..
    لقد حَلَّت اللعنةُ عليهم..


    ثم توقفت الريح بإذن ربها.


    لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من النخل الميت.
    مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في الهواء.

    نجا هود ومن آمن معه..
    وهلك الجبابرة..

    قال تعالى
    ( فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ )

    لحق النبي هود عليه السلام ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا.

    وكانت اعمار قوم هود عليه السلام بحدود اربعمائة سنة. وتوفي النبي هود عليه السلام وله من العمر مائة وخمسين سنة



    وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته.
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  9. #9
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)




    صـــــالــــح عـــليه الـــسـلام






    بـــــداية ,,,

    جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، و قوم ثمود هم عرب سكنوا في منطقة الحجر، وهي شمال غرب المدينة،

    وتسمى اليوم مدائن صالح، وتعود أصول هؤلاء القوم إلى نفس اصول قبيلة عاد، ولكنهم سكنوا منطقة مختلفة،

    كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى،وقد كانوا ذوي قدرة جسمانية هائلة

    فحفروا البيوت في الجبال وبنوا القصور فيها،

    فلك أخي القارئ أن تتخيل هذه الحضارة في قوم ثمود، فكانت أراضيهم تمتلئ بالعيون والأنهار والمزارع الخضراء.

    كما ذكرنا أن قوم ثمود جاء بعد قوم نوح وعاد أصحاب العذاب السابقيين ، لكنّهم لم يعتبروا من قصصهم

    بل عادو للكفر والعصيان .


    فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم..

    وهو صالح بن عبيد بن هشام ينتسب الى ثمود بن عاد بن آرم بن سام،

    فقد كان نبينا صالح قبل أن يبعث للرسالة من أشراف قوم ثمود
    إنساناً طيّباً وحكيماً

    فقد كان يتصف بالعقل والحكمة،

    وكانوا يرجعون اليه في خصوماتهم، ويسترشدون برأيه في مشاكلهم،

    وفي تلك الفترة التي عاشَ سيّدنا صالح عليه السّلام بين أناسُ يُحبّونه كثيراً

    لِما عُرِف عنه من الخِصال الحَميدة والصفات الحَسَنة...

    وكانَ بعضُ أفرادِ القبيلة يفكّرونَ بأنّ صالحاً سيكون له شأنٌ ومنزلة،

    وربّما سَيَرأس قبيلةَ ثَمود القويّة.

    اللهُ سبحانه اختارَ سيّدَنا صالح ليكونَ رسولاً إلى قبيلتِه ثمود، لينهى الناسَ عن عبادةِ الأوثان ويعبدوا الله وحدَه.

    سيّدنا صالح كان يَعرِفُ أنّ عبادةَ الأوثان مُتأصِّلة في قلوبهم؛ لأنها عبادةُ الآباءِ والأجداد..

    وكان يَعرِفُ أنّ زُعَماءَ القبيلةِ أُناسٌ مُفسِدون لا يُحبّون الخير...

    وهم يَبطِشون بكلِّ مَن يدعو الناسَ إلى الانصرافِ عن عبادةِ الأصنام.

    ولكن سيّدنا صالح عليه السّلام هو نبيُّ الله ورسولُه وهو لا يخاف أحداً غير الله عزّوجلّ.

    لهذا أعلَنَ سيّدُنا صالح دعوتَهُ وبَشّر برسالته، ومِن هُنا بدأ الصراع.

    وعندما أعطي الرسالة النبي صالح عليه السلام إلى توحيد الله والايمان به، وترك الأصنام وعبادتها،

    دعاهم وذكرهم بأنعم الله عليهم وأن الله حكمهم في الأرض، وأسبغ عليهم برحمته الواسعة،

    وحذرهم من خسران تلك النعم كما حدث لقوم عاد.



    وقال صالح لقومه:
    (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير،

    كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.

    فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. فقد
    كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم..

    وكان له مكانة مرموقة بين أقرانه، وكان يحظى باحترام الكبير والصغير


    وقال قوم صالح له:

    قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) (هود)


    هذا ردهم على دعوة نبيهم الذي أرد لهم الخير
    فهم كانوا جاحدين كما عرف عنهم؛

    فلم يصغوا لدعوة نبيهم صالح -عليه السلام-، وأخذوا يتهمونه بالكذب وأنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة،

    وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده،

    فكانت لدعوته صدى كبير وهزت كبيرهم وصغيرهم،


    تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك.

    كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك..

    أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها..

    وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويندهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده.

    وطالبوه بمعجزة تثبت أنه نبي من عند الله، فاستجاب الله لرغبتهم،

    وأرسل إليهم معجزة خرجت من الصخر، الذي كانوا يصنعون بيوتهم منه.




    النـــاقة معــجــرة صالح عليه السلام


    (26)إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ(27)وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ(28)

    المعجزة التي أرسلها الله لهم ناقة خرجت من صخرة من جبل بعد أن انشقت، لتكون معجزة قوية يصدقونها،

    هذه الناقة التي ولدت بغير الطريقة المعروفة، مما جعلهم يندهشون من ذلك،

    الذي زاد دهشتهم أن حليبها كان يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال.

    قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:

    وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) (هود)

    والآية تدل ان الناقة كانت هي المعجزة فقد طلب منهم نبي الله صالح أن يتركوها تأكل من الأرض،

    وأن لا يمسها أحد بسوء، ومن يفعل ذلك سوف يلاقي عذاباً أليماً، هذا ما كان واضحاً في الآية الكريمة.


    ولأن الناقة ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة

    ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه

    وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس.

    كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله:
    (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله.

    وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها،

    أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء،

    وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.

    في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة.

    كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله.

    وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر.

    وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به،

    وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.

    كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده،

    ويخبرهم أن الله قد أخرج لهم معجزة هذه الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته.

    وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة بسلام تأكل في أرض الله، وكل الأرض لله.

    وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم.

    155)وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ(156

    وذكرهم بنعم الله عليهم وأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد..

    وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة.

    لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.

    يسألونهم سؤال استخفاف وزراية:

    أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟!

    قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح:
    إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ

    فقَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ :

    إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ .

    هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.


    قال تعالى:

    "
    وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ(61)قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ(62)قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ(63)وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ(64)فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ(65)فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ(66)وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ(67)كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ(68)


    صدق الله العظيم





    تآمر الملأ على الناقة:

    وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليها الكراهية على ناقة الله،

    وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا.

    وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم،

    وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته

    تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس
    للتوحيد، ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده.

    أخذ رؤساء
    القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح.

    فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة

    ومن ثم قتل صالح

    لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة،

    وهددنا بالعذاب القريب.

    فقال أحدهم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة.

    ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم.

    وهم المذكورون في قوله تعالى
    :

    (47)وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ(48)

    وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض،و الويل لمن يعترضهم.

    اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة.

    وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام.

    انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم،

    فهجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة.

    امتدت الأيدي الآثمة بقتلها
    (28)فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ(29)

    وعقروها وسالت دمائها.

    قال الله تعالى


    (76)فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ(77


    علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه

    قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟

    قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله..

    ألم تقل أنك من المرسلين؟

    (64)فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ(65)

    قال صالح لقومه:

    تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ

    بعدها غادر صالح قومه تركهم ومضى.

    انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.

    ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون،

    اليوم الموعود بهلاك ثمود

    و من رحمة الله تعالى أمهلهم ثلاثة أيام ليتوبوا قبل أن يحل عذابه ،و لكن من دون فائدة

    وبعد ثلاثة أيام في فجر اليوم الرابع

    ا
    نشقت السماء

    وأرسل الله تعالى جبريل عليه السّلام و صاح صيحةً واحدة ,

    صيحة جبارة واحدة ، أهلكت قوم ثمود بأكملها

    نعم هي صرخة واحدة كالصاعقة ،

    قطعت أوتار قلوبهم

    و توقفت قلوبهم عن الحياة

    و هم في بيوتهم جاثمين ,

    صيحة جبارة واحدة انقضت على الجبال فهلك فيها كل شيء حي.

    هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء

    حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.

    فسبحان الله عما كانو يشركون

    هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث.


    أما صالح والجماعة الذين اتبعوه فقد فانجاهم الله جميعاً من الصيحة التي قضت على المستكبرين الكافرين من ثمود،

    وماكان من نبي الله صالح(ع) إلاّ أن رحل من الأرض التي حلَّ عليها غضب الله

    مصطحباً معه جماعته، وتوجهوا شمالاً باتجاه فلسطين، وحطوا رحالهم في مدينة الرملة...

    ويذكر أن نبي الله صالحاً(ع) ذهب وحجَّ بيت الله ملبيّاً وقد مرَّ بوادي عسفان، الذي مرَّ فيه قبله النبي هود(ع).

    ويروى أنه (ع) ترك بلاد فلسطين ماراً بأرض الشام قاصداً إلى مكة المكرمة، فوصلها،

    وظلَّ فيها يعبد الله حتى وافاه الأجل.

    ويقال: إنه ذهب إلى حضرموت من أرض اليمن إذ إنَّ أصله من هناك، وتوفي فيها وفيها دفن.


    فسلام الله على صالح إنه كان من المرسلين.

    الصور المرفقة الصور المرفقة

  10. #10
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)





    إبراهيم عليه السلام





    تعتبر قصة سيدنا إبراهيم من أجمل وأطول القصص بين قصص الأنبياء والرسل، فهي غنية بالعديد من الأحداث الكثيرة والمؤثر، لذلك سوف نجزئها ليسهل لنا ان شاء الله قراءتها والاستفادة منها،
    فقط علينا أن نركزعلى أجزاء الأحداث، فهل أنت مستعد لتقرأ قصة من
    أجمل قصص الأنبياء والرسل؟



    نبذه عن خليل الله ابراهيم عليه السلام



    هو خليل الله، اصطفاه برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم عليه السلاميعيش في قوم يعبدون الكواكب، فلم يكن

    يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته، هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ

    الله منهم ميثاقا غليظا، وهم:
    سيدنا نوح وسيدما إبراهيم وسيدنا موسى وسيدناعيسى وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..

    بترتيب بعثهم. وهو النبي الذي ابتلاه الله ببلاء مبين، بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب، ورغم حدة الشدة، وعنت

    البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى، وزاد على الوفاء بالإحسان.

    وقد كرم الله تبارك وتعالى سيدنا إبراهيم تكريما خاصا، فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب، وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه.




    وكان من فضل الله على إبراهيم عليه السلام أن جعله الله إماما للناس، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، فكل الأنبياء من بعد

    إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده، حتى إذا جاء آخر الأنبياء
    محمد صلى الله عليه وسلم، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة

    إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم.


    قال تعالى ((
    رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)).

    ويذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق.

    فيقول الله عز وجل في محكم آياته: (
    وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي،

    اتخذه الله خليلا غير إبراهيم. قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني الآية: واتخذ الله إبراهيم حبيبا.

    فوق هذه القمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

    إن منتهى أمل السالكين، وغاية هدف المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل.

    أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله، أن يفرده بالحب، أن يختصه بالخُلَّة وهي شدة المحبة..

    فذلك شيء وراء آفاق التصور. كان إبراهيم هو هذا العبد الرباني الذي استحق أن يتخذه الله خليلا

    ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة.




    نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم. إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين. نبي هو أول من سمانا المسلمين، نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله الذين جاءوا بعده، ونبي هادئ متسامح حليم أواه منيب





    لا يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته ولا يتوقف عند عصره صراحة , ولكنه يرسم صورة لجو الحياه في أيامه , فتدب في عصره, وترى الناس قد إنقسموا إلى ثلاث فئات:

    - فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية
    - فئة تعد الكواكب والنجوم والشمس والقمر
    - فئة تعبد الملوك والحكام



    في هذا الجو ولد سيدنا إبراهيم في أسرة لم يكن رب الاسرة كافراً عادياً من عبدة الأصنام بل كان كافراً مميزاً بصناعة تماثيل

    الآلهة التي كانو يعبدونها . وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه وكان له بمثابة الأب وقيل أن أباه لم يمت وكان آزر هو

    والده حقاً . وآزر هو إسم صنم إشتهر أبوه بصناعته عرف آزر أنه أعظم نحات في ذاك الزمان يصنع تماثيل الآلهه ومهنته

    كانت تضفي عليه قداسهفي قومه وتجعل لأسرته كلها مكاناً مميزاً في المجتمع من الصفوف الحاكمة.


    ومن هذه الاسرة ولد سيدنا أبراهيم وقدر له ان يقف ضد أسرته وضد النظام وضد الاوهام وظنون الكهنة وضد العروش

    القائمة وعبدة النجوم والكواكب وضد أنواع الشرك كله الذي إنتشر في زمانه.

    مرت الايام وكبر أبراهيم عليه السلام وكان قلبه يمتلئ منذ طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده آزر ,,

    فلم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالاً فيعبده ثم يسجد لما صنع بيديه ,

    لاحظ أبراهيم أن التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو إنقلبت على جنبيها ,

    فكيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع ؟

    ولما كبر إبراهيم وشبَّ أخذ يفكر في هذا الأمر، ويبحث عن الإله الحق

    الذي يستحق العبادة،



    مواجهة عبدة الكواكب والنجوم والاصنام



    خرج ذات يوم إبراهيمُ ققرر مواجهة هذا الجهل ليتبين له حقيق الإلاه الحق

    ويبحث عن آثار قدرة الله تعالى في السماوات والأرض،

    وشاء الله أن يلفت نظر إبراهيم إلى آيات الكون

    (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماواتِ والأرض وليكونَ من الموقنين)

    إبراهيم الخليل عليه السلام، لم يعتمد في احتجاجه على المشركين الأدلة العقلية البحتة، وإنما اعتمد الأدلة المحسوسة المعقولة

    في إقامة الحجة عليهم، فقرر أن يحتج على قومه ويناظرهم من واقع معرفتهم وإدراكهم


    بدايتاً، بدأ ينظرُ إلى آياتِ الله تعالى في الكون وعندما رأه القوم الذين كانو يعبدون الكواكب اطمأنوا له، وحسبوا أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب.

    وكانت الملاحة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك.



    أظلم على إبراهيم عليه السلام الليل وغطَّاه ,

    بدأ ينظر الى السماء مع قومه الذين كانو يعبدون النجوم والكواكب

    فرأى إبراهيم عليه السلام كوكبًا, قال: ﴿
    هَذَا رَبِّي ﴾،

    لكن
    الكوكب أفل وغاب فلما رأه غاب قال: أفل ,

    و ناظر قومه ليثبت لهم أن دينهم باطل مستدرجا قومه

    لإلزامهم بالتوحيد فقال لهم : ﴿
    لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ، لا أحب الآلهة التي تغيب.

    قال ذلك جرياً على معتقد قومه الذين يعبدون الكواكب،

    ليصل بهم إلى نقض اعتقادهم فما دام هذا الكوكب الذي

    التحقت بديانته بالأمس قد ظهر ثم أفل وغاب،

    فلا يمكن أن يكون هو ربي وخالقي ومدبري.

    لما رأى إبراهيم أن قومه لم يكونوا على درجة كافية من

    الذكاء حتى يفهموا قصده هذا في المرة الأولى،

    كرر ذلك مرة أخرى لما بزغ القمر، فأخذ ينظر الى القمر

    ﴿ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ :
    هَذَا رَبِّي

    لكن القمر كأي كوكب من الكواكب يظهر ثم يختفي،

    فلما أفل قال إبراهيم موجها الكلام لقومه بحلم وحكمة

    ﴿
    لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ


    ﴿
    لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي ﴾، يُفهم قومه أن له ربا غير ما يعبدون،

    وفي ذلك تنبيه لهم للنظر في معرفة الرب الحق الواحد

    الأحد، المنعم على عباده بفضله وإمداده وخيره والذي يجب أن يعبد حق العبادة،

    غير أن قومه مرة أخرى لم يستوعبوا قصده،

    فيعاود إبراهيم محاولته الأخيرة في إقامة الحجة عليهم،

    ﴿
    فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ : هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ

    فيعلن أن الشمس ربه، لأنها أكبر من الكوكب والقمر..

    ولكن الشمس أفلت وغابت عند الغروب،

    وما إن غابت، حتى أعلن إبراهيم براءته من عبادة ما يعبدون...




    فالكواكب والنجوم، مخلوقات تظهر ثم تختفي،

    ولا يمكن لها على عظمتها أن تكون رباً، إذ ان الرب لا

    يغيب، ولا ينقطع نظره عن مخلوقاته، ولو أنه انقطع طرفة

    عين لزالت المخلوقات كلها وانمحت جميعها ولم يبق لها

    أثر.

    إذا كان الرب يظهر ويغيب...يتغير بتغير الأحوال،

    فمن ذا الذي يرعى أو يدبر أمر الكون؟ إنه الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم.

    إبراهيم عليه السلام يوجه قومه أن عبادة الكواكب والنجوم باطلة لأنها لا حياة لها..

    • فكل من سُبِقت حياته بعدم واعتراه الخلل والضعف ولحقه الزوال والفناء والموت، عبادته باطلة...

    العبادة الحق لا يستحقها إلا من كان حيا بالحياة الدائمة الأبدية...

    وحيث لا حي بهذه الحياةِ إلا الله الواحد الأحد، فلا يستحق العبادة إلا هو سبحانه.

    فلما رأى إبراهيم أن قومه أصحابُ عقول سقيمة وقلوب مظلمة مستكبرة، أظهر براءتَه من عبادة ما يعبدون، وأشعر قومه بالعجز والاستعانة والافتقار إلى الله

    فقال: ﴿
    يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

    بريء مما تشركون مع الله الذي خلقني وخلقكم، بريء مما تشركون مع الله في عبادتكم من كواكب ونجوم، ووجهت وجهي في عبادتي إلى الذي خلق السموات والأرض، خالقُ كل شيء ومدبر أمرَ هذا الكون، الدائمُ الباقي الذي لا يتغير ولا يزول ولا يفنى ولا يموت، لا إله إلا هو ولا رب سواه.






    استطاعت حجة إبراهيم أن تظهر الحق. وبدأ صراع قومه معه. لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده.

    ورد إبراهيم عليهم قال:

    قال تعالى :

    ﴿
    وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ


    لا نعرف رهبة الهجوم عليه. ولا حدة الصراع ضده، ولا أسلوب قومه الذي اتبعه معه لتخويفه. تجاوز القرآن هذا كله إلى

    رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل.

    كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟

    أي الفريقين أحق بالأمن؟

    بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب، استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام. آتاه الله الحجة في المرة

    الأولى كما سيؤتيه الحجة في كل مرة.

    الله سبحانه وتعالى كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض. لم يكن معه غير إعتقاده حين بدأ صراعه مع عبدة

    الكواكب, هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم حدة. عبدة الاصنام و أبوه في الموضوع.. هذه مهنة الأب وسر مكانته

    وموضع تصديق القوم.. وهي العبادة التي تتبعها الأغلبية.

    كان إبراهيم يحترم عمّه (آزر)، حتى أنه كان يناديه: (يا أبي)! وقد أحبّ آزرُ ولد أخيه حباً شديداً.

    وكان يدفع إليه (آزر) بعض الأصنام التي كان قد نحتها، ويأمره أن يبيعها، كما يبيع أُخوته.


    لكن إبراهيم، كان نبياً عظيماً، يعلم إنّ هذه الأصنام ليست بآلهة، وإنما هي أشياء منحوتة.


    فكان يعلّق في أعناقها الخيوط.. ويجرّها على الأرض ويقول:

    من يشتري ما لا يضرُّه ولا ينفعُه؟

    وكان يستهزئ بالأصنام.. فيُغرّقها في الماء والوحل..

    ويقول لها: اشربي.. تكلمي




    * * *



    وفي ذات يوم، واشى أُخوتُه خبر ما يفعلُ إبراهيمُ بالأصنام إلى (آزر) فنهاهُ آزرُ عن هذا العمل..

    فلم ينته إبراهيم، عند ذلك، اغتاظ آزر فحبس إبراهيمَ في منزله ولم يدَعْهُ يخرج.

    ولما انكشف أمرُ إبراهيمَ عند (آزر) وأنه يعبد الله تعالى ولا يعبد الأصنام، التي كان (آزر) يعبدها،

    ذهب إبراهيم إليه، ليدعُوه إلى الله، وأخذ يدعوه بكلّ أدبٍ ولطفٍ،

    قال: (يا أبتِ لم تعبدُ ما لا يسمعُ ولا يبصرُ ولا يغني عنك شيئاً)؟

    (يا أبتِ إني قد جاءني من العلم ما لم يأتِك)

    وقد علمت أن هذه الأصنام ليست بآلهة،

    وإنما الإلهُ هو الله الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما (فاتبعني أهدِكَ صراطاً سوياً).

    (يا أبتِ لا تعبدْ الشيطان) فانك إذا عبدتَ الأصنامَ، كنت عبدتَ الشيطان لأنك قبلت قوله،

    وخالفت أوامر الله (إن الشيطان كان للرحمن عصيّاً).

    (يا أبتِ إني أخاف أن يمسّك عذاب من الرحمن).

    وهكذا أخذ إبراهيم، ينصح عمّه (آزر) بكلّ أدب ولطف،

    لكن عمّه اغتاظ من مقالة إبراهيم،

    و(قال أراغِب أنت عن آلهتي يا إبراهيم)؟! وتعبدُ إلهاً آخر؟!

    (لئنْ لم تنتَهِ) عن مقالك هذا، (لأرجمنَّكَ) بالحجارة، حتى تموتَ.

    ثم طرده، (و) قال له: (اهجرني ملياً): أي تغيّب عني مدة مديدة، حتى لا أراك.

    ولما رأى إبراهيم هذه الخشونة والتهديد من آزر، ودّعه وداع متأدب،

    (قال سلام عليك) سلامُ وداع.

    (سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً) وأطلب منه أن يغفر لك

    (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربّي شقياً)

    وانصرف إبراهيم من عنده كئيباً.


    قال تعالى :
    واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا [ سورة مريم


    * * *


    وشرع إبراهيم يدعو إلى الله تعالى، ويأمر قومه بنبذ الأصنام،

    ولكن.. القوم لم يستجيبوا لإبراهيم دعوته وأصرّوا على الشرك

    (وحاجّة قومه) في ألوهيّة الأصنام..

    قالوا: إن الأصنام هي الآلهة، واللازم عليك أن تعبدها انت .

    (قال أتحاجّوني في الله) وتدعوني إلى أن اترك الله

    (وقد هدانِ ولا أخاف ما تشركون به)

    فإني لا أخاف من آلهتكم،

    وأي ضرر يمكن أن يضرّني به الصنم أو الكوكب والقمر والشمس؟

    كلاّ! إنها لا تضر ولا تنفع (إلا أن يشاء ربي شيئاً) فانّ ربي هو الذي يضر

    وينفع، وأن أصنامكم لا تعلم شيئاً (وسع ربي كلّ شيءٍ علماً) يعلم كل شيء (أفلا تتذكرون)؟

    ثم خوفهم إبراهيم من عذاب الله،

    قال: (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله) وجعلتم له شريكاً كذباً،

    لكنّ القوم أصرّوا في العناد.. ولم ينفعهم كلام إبراهيم. ثم أخذ ينصحهم مرّة ثانيةً.

    (إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون)؟

    (قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين).

    (قال هل يسمعونكم إذ تدعون)؟

    قالوا: لا.. إنها أصنام من جماد لا تسمع دعوتنا.

    قال: هل (ينفعونكم أو يضرّون)؟

    قالوا: لا.. إنها لا تتمكّن من جلب نفع أو دفع ضرر.

    قال: فكيف تعبدون ما لا يسمع.. ولا ينفع.. ولا يدفع؟

    (قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) وإنا نتبع آباءنا تقليداً لهم.

    (قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدوّ لي إلا رب العالمين)

    إن الأصنام أعداء الإنسان، إنها توجب للإنسان شرّ الدنيا وشرّ الآخرة.

    أمّا الله تعالى فهو الذي يدبّر أمور الإنسان كلها

    (الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين).

    ولكنّ القوم لم يقبلوا كلام إبراهيم، وركبوا رؤوسهم، ولم يؤثر فيهم نصحه ومنطقه.


    * * *


    أقبل العيد وخرج القوم كلهم.. وخرج الملك الجبّار (نمرود) وأهل المدينة إلى الصحراء، للاحتفال بعيدهم الكبير ولأداء مراسيم العيد هناك , أما سيدنا أبراهيم فلم يخرج معهم .


    وعندما ذهب الجميع وانصرف، انتهز هذه الفرصة

    وأحضر فأسًا ثم ذهب إلى المعبد الذي فيه الأصنام دون أن يراه أحد

    فوجد أصنامًا كثيرة ورأى أمامها طعامًا كثيرًا وضعه قومه قربانًا لها

    وتقربًا إليها .

    فأقبل إليها إبراهيم وتقدم منها ثم قال لها مستهزئًا : ألا تأكلون ؟!

    وانتظر قليلا لعلهم يردون عليه لكن دون جدوى

    فعاد يسأل ويقول : ما لكم لا تنطقون ؟!

    ثم أخذ يكسر الأصنام واحدًا تلو الآخر حتى صارت كلها حطامًا

    إلا صنمًا كبيرًا تركه إبراهيم ولم يحطمه وعلق في رقبته الفأس ثم خرج من المعبد.


    * * *


    ولما عاد القوم من الاحتفال مرُّوا على المعبد ودخلوا فيه ليشكروا الآلهة على عيدهم وفوجئوا بأصنامهم محطمة ما عدا صنمًا واحدًا في رأسه فأس معلق ,
    فكثر فيهم اللغو والصياح ,




    فتساءل القوم : من تجرّأ على مسّ كرامة مقدساتهم ؟

    من فعل هذا بآلهتنا ؟

    (قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنّه لمن الضالمين)؟

    (قالوا سمعنا فتى يذكرهم) يذكر الأصنام بسوء (يقال له إبراهيم).

    أي سمعنا فتى بالأمس اسمه إبراهيم كان يسخر منها ويتوعدها بالكيد والتحطيم وأجمعوا أمرهم على أن يحضروا إبراهيم ويسألوه

    (قالوا فأتوا به على أعين الناس) لنحقق معه فيما حدث وفي لحظات ذهب

    بعض القوم وأتوا بإبراهيم إلى المعبد .

    ولما وقف أمامهم بمجمع الناس. نظر القوم إليه في غضب واستنكار،

    وسألوه : أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟!

    فرد إبراهيم: بل فعله كبيرهم هذا ثم أشار بإصبعه إلى الصنم الكبير المعلق في رقبته الفأس

    ورأى إبراهيم الموقع مهيئاً، لنشر الدعوة فأشار إلى كبير الأصنام، الذي كان الفأس في عنقه،

    وقال: فسألوهم إن كانوا ينطقون ..

    وأراد بهذا الكلام أن يرشدهم إلى أنّ الصنم لا يتكلم فكيف تتخذونه رباً؟

    فرد عليه بعض الناس وقالوا له : يا إبراهيم أنت تعلم أن هذه الأصنام لا تنطق ولا تسمع فكيف تأمرنا بسؤالها ؟

    وقال لهم : ( قَالَ أَفتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ )

    ووقع كلام إبراهيم في قلوبهم: كيف يُعبد صنم لا يكلم؟

    (فرجعوا إلى أنفسهم أن إبراهيم ليس ظالماً..

    إنه أراد هدايتهم، وأنهم هم اللذين يزيدون عناداً وإصراراً.

    (ثم نكسوا على رؤوسهم) فلم يرفعوها خجلاً.

    وأخذوا يتمتمون في أنفسهم:

    (لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) فكيف نتخذهم رباً؟

    ومع ذلك أرادوا الانتقام منه لأنه حطم أصنامهم وأهان آلهتهم




    * * *


    استشار (نمرود) قومه في أمر إبراهيم

    فقال: ما جزاء من ذلك بآلهتكم وما عقابه الذي يستحقه ؟

    قالوا : إحرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين.

    فحبس إبراهيم، وأمر بجمع الحطب ـ ولقد كان في قليل من الحطب كفاية

    لحرق إنسان ـ ولكن القوم من كثرة غضبهم على محطّم آلهتهم.

    أخذوا يجمعون الحطب من كل مكان، حتى صار الحطب كجبل عظيم..

    ثم أشعلوا ناراً عظيمة.. انتشرت حرارتها في الفضاء

    بحيث لم يكن يحلّق طائر في تلك الأجواء، إلا سقط محترقاً..

    ولم يتمكن ذو روح من الدنو وحينذاك صعب عليهم الأمر،

    فكيف يلقون إبراهيم في تلك النار التي لا يتمكن من اقترابها بشر؟

    وإذ هم في حيرة من أمرهم.

    أشار شخص أن يصنعوا المنجنيق، وهي آلةٌ حربية، تقذف بما يوضع فيها من إنسان أو حجر أو غيرهما.

    فاستصوبوا رأيه، وأمر الملك الطاغي، بصنع الآلة..

    فصنعت ثم وضعوا فيها إبراهيم.

    وهناك جاء (آزر) عمّه، فلطم إبراهيم،

    وقال له: ارجع عما أنت عليه.. إشفاقاً على إبراهيم من الحرق.

    لكن (إبراهيم) كان أربط جأشاً، من أن يضعضع إيمانه خوف أو تهديد..

    فلزم جانب الحق، ولم يرجع، بل أصرّ على مبدئه، وإن حرق بالنار.


    * * *


    وحينذاك أمر (نمرود) الرّماة، أن يقذفوا إبراهيم في النار!

    فحركوا عجلة (المنجنيق) فرمت بإبراهيم في الفضاء نحو النار..

    وعند إطلاق إبراهيم قال إبراهيم : حسبي اللَّه ونعم الوكيل ,

    فأمر الله تعالى النار: (قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم)،

    فانقلبت النيران بإذن ربها روضةً غناءً، يغلب عليها البرد،

    أصبحت النار بردًا وسلامًا عليه

    ولم تحرق منه شيئًا سوي القيود التي قيدوه بها .


    (وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين).


    فنظر نمرود وأصحابه، من بعيد إلى هذه المعجزة متحيرين!!

    وفلتت من لسان نمرود كلمةٌ، ما أراد أن يقولها..

    ولكنها في غمرة التعجب، أخذت مكانها في الفضاء،

    قال: من اتخّذ إلهاً، فليتخذ مثل إله إبراهيم!

    لكن أحد المتملقين أراد تدارك الأمر، ليقربه إلى نمرود زلفى..

    فقال: إني عزمت على النار أن لا تحرقه.

    فتطاير شررٌ من النار إلى ذلك المتزلّف.. حتى أبان كذبه

    فإن من لا يقدر على أن يرد الشرر عن نفسه، كيف يتمكن أن يعزم على النار أن لا تحرق أحداً؟

    ونظر نمرود إلى آزر، عم إبراهيم..

    وقال: يا آزر، ما أكرم ابنك على ربه؟

    ثم خرج إبراهيم من النار،

    وجاء إلى نمرود، ليدعوه إلى الله من جديد.




    * * *




    قال نمرود: يا إبراهيم، من ربك؟

    (قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت).

    (قال أنا أحيي وأميت).

    قال إبراهيم: كيف تُحيي وتُميت؟

    قال نمرود: اطلب رجلين ممن وجب عليهم القتل، فأطلق واحداً، وأقتل واحداً، فأكون قد أمتّ وأحييت.

    وكان هذا الكلام من (نمرود) خطأً، إذ معنى كلام إبراهيم (عليه السلام)

    أن الله يعطي الحياة، ويقبض الأرواح. أما كلام نمرود أنه يطلق سراح

    الجاني، فليس هذا إحياءً..

    فقال له إبراهيم: إن كنت صادقاً، فأحْي الذي قتلته.. لكن نمرود لم يحر جواباً.

    ثم أن إبراهيم أعرض عن مقالة نمرود وأراد أن يلزمه بحجةٍ أخرى..

    فقال: (إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من الغرب)..

    فإن كلّ يوم صباحاً، تطلع الشمس من المشرق، وذلك من صنع الله تعالى..

    فإن كنت أنت إلهاً، فاعكس الأمر، وائتِ بالشمس من طرف المغرب.

    (فبهت الذي كفر) .

    وانقطع نمرود عن الحجة، فلم يتمكن أن يجيب إبراهيم.

    وظهر على الكل أن نمرود كاذبٌ في دعواه الألوهية.

    قرر إبراهيم الهجرة من هذه المدينة لأنه لم يؤمن به سوى زوجته سارة

    وابن أخيه لوط عليه السلام فهاجر معهم وأخذ ينتقل من مكان إلى مكان آخر

    حتى استقر به الحال في فلسطين فظل بها فترة يعبد الله ويدعو الناس

    إلى عبادة الله وإلى طريقه المستقيم ومرت السنوات ونزل قحط بالبلاد فاضطر

    إبراهيم إلى الهجرة بمن معه إلى مصر وبعد فترة رجع إبراهيم إلى فلسطين

    مرة أخرى وأثناء الطريق استأذنه ابن أخيه لوط في الذهاب إلى قرية سدوم

    ليدعو أهلها إلى عبادة الله فأعطاه إبراهيم بعض الأنعام والأموال وواصل هو

    وأهله السير إلى فلسطين حتى وصلوا إليها واستقروا بها وظل إبراهيم عليه

    السلام في فلسطين فترة طويلة.

    وأحب الله إبراهيم عليه السلام واتخذه خليلاً من بين خلقه

    قال تعالى :

    (
    وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيل )

    وذات يوم أراد إبراهيم أن يرى كيف يحيي الله الموتى فخرج إلى الصحراء يناجي ربه ويطلب منه أن يريه ذلك


    * * *


    وذات يوم مر إبراهيم على ساحل البحر، فرأى جيفةً على الساحل
    بعضها في الماء، وقد اجتمع عليه بعض الأسماك تأكله..

    وبعضها في البر، وقد اجتمع عليه بعض السباع تأكله.

    عند ذاك تفكّر إبراهيم في كيفية إعادة الأموات، يوم القيامة.

    فطلب من الله، أن يريه إحياء الأموات، حتى يصير علمه عياناً.

    فقال: (رب أرني كيف تحيي الموتى)؟

    (قال) الله تعالى: (أو لم تؤمن)؟

    (قال) إبراهيم: (بلى) إني مؤمن (ولكن ليطمئن قلبي).

    (قال) الله تعالى: (فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل

    جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم).

    فأخذ إبراهيم الديك.. والحمامة.. والطاووس.. والغراب..

    فذبحهن، وقطّعهن، وخلطهنّ، ثم جعل على كلّ جبل من الجبال التي حوله

    جزءاً وكانت عشرة أجزاءا من تلك الأجزاء المخلوطة،

    وجعل مناقير هذه الطيور الأربعة بين أصابعه.

    ثم دعا الطيور بأسمائهن ـ ووضع عنده ماءاً وحبّاً ,,

    فتطايرت تلك الأجزاء، وانضمّت بعضها إلى بعض،

    حتى كملت الأبدان وجاء كل بدنٍ حتى لحق برأسه ومنقاره،

    فخلّى إبراهيم (عليه السلام) سبيلهنّ، فطرن، ثم وقعن، فشربن من ذلك

    الماء والتقطن من ذلك الحب.

    قال تعالى :

    ((
    وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ))

    صدق الله العظيم .













    سوف نتوقف هنا بهذا الجزء

    لنكمل القصة بالجزء الثاني

    الى ذلك الحين أحبتي في الله

    دمتم على الخير


    الصور المرفقة الصور المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة ام الهنوف ; 14-11-2016 الساعة 12:58 PM

صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م