كشف الدكتور شريف إبراهيم رئيس معهد الدراسات الإستراتيجية في كندا، أن نقد الحكومة الكندية لانتهاك السعودية لحقوق الإنسان، ورفضها تسليم نشطاء حقوقيين وسياسيين معارضين إلى السعودية السبب الرئيس في الأزمة بين الرياض وأوتاوا، مؤكداً أن حصار قطر والموقف الكندي منه جزء من الأزمة بين السعودية وكندا. وأوضح في حوار مع "الشرق" أن الحكومة الكندية تعتبر سياسات وإجراءات السعودية تزعزع الاستقرار الإقليمي والدولي، مشددًا على أن رد الفعل الكندي على الإجراء السعودي سيكون ناضجًا ومؤلمًا. وبين أن الدبلوماسية الكندية تتسم بالهدوء لكنها لا تتساهل مع انتهاكات حقوق الإنسان، لافتاً إلى أن السعودية تحتاج إلى كندا في كافة النواحي، وليس العكس.وإلى نص الحوار..*دكتور شريف، ما هي الأسباب الحقيقية للأزمة التي اندلعت بين السعودية وكندا وهل هناك جوانب خفية في القضية؟ في الحقيقة، فإن الخطوة العنيفة دبلوماسيا التي اتخذتها الرياض وتمثلت بطرد السفير الكندي وسحب سفيرها من أوتاوا لها أسباب متعددة تتمثل في الآتي:السبب الأول: لجوء وانتقال فاعلين وناشطين سعوديين إلى كندا، ومن ثم تفعيل الملفات الحقوقية للمواطنين والناشطين داخل أروقة المؤسسات المدنية والحكومية الكندية.السبب الثاني: رفض كندا تسليم هؤلاء الناشطين، ووقفها أيضا تسليم أجهزة الأمن والمعلومات السعودية لأنواع محددة من الأجهزة والمعدات الأمنية والمحركات ووسائل المراقبة، خوفاً من سوء استخدامها من قبل السلطات السعودية، علماً أن كندا من أكبر الدول المنتجة والمصنعة للمحركات والمعدات وأدوات التكنولوجيا الأمنية والعسكرية في العالم، لكنها في الوقت ذاته تشترط العديد من المعايير والتدابير والضمانات لعدم الاستخدام السيئ لها. وهو الأمر الذي لا يُرضي بعض الدول مثل السعودية والإمارات فتعلق الصفقات أو تلغيها.السبب الثالث: تحرك كندا على المستوى البرلماني والحقوقي والإنساني لرفع الحصار عن دولة قطر، من خلال إقامة الفاعليات والأنشطة المدنية، ومطالبتها الإدارة الأمريكية بالضغط على حكومتي السعودية والإمارات لإنهاء الأزمة.السبب الرابع: تفكيك كندا بعض قواعدها العسكرية نهائيا في دول الخليج، وتحفظها الشديد على بعض بنود التعاون العسكري مع إدارة المملكة.السبب الخامس: ارتفاع لغة النقد والتعليق على الملف الحقوقي في السعودية، إضافة إلى أن اعتراض الحكومة الكندية على دفع الإمارات للرياض للتصعيد ضد كندا، كشف حقيقة الإدارة الفعلية الإستراتيجية الإماراتية للسعودية، ووقوف أبوظبي خلف تصعيد الأزمة بين الرياض وأوتاوا.الدبلوماسية الكندية:*امتازت الدبلوماسية الكندية بالهدوء والاتزان بينما صعدت لهجتها الحادة مع الرياض.. ما تفسيركم؟ بالفعل، الدبلوماسية الكندية عريقة وتتسم بالهدوء والاتزان، لكنها في الوقت ذاته لا تتهاون أو تتساهل مع انتهاكات حقوق الإنسان، ولا تقبل السياسات والإجراءات المزعزعة للاستقرار والسلم الدولي والإقليمي، التي تقوم بها أي دولة كالسعودية والإمارات، وبالتالي لا أعتقد أن كندا ستتراجع عن نقدها للسعودية قيد أنملة.علمًا أن السعودية تحتاج إلى كندا في كافة النواحي، خاصة في مجال التعليم حيث إن عدد المبتعثين السعوديين إلى كندا تجاوز الـ20 ألف مواطن بكافة مستوياتهم العلمية، كما أن السعودية تحتاج لكندا في التدريب ونقل التكنولوجيا، وغير ذلك من المجالات.التصعيد السعودي:*كيف تلقى الشارع الكندي القرار السعودي؟الشارع الكندي تلقى القرار السعودي باندهاش شديد، لأن لغة الفوقية والتعالي التي حاولت السعودية التعامل بها غير مقبولة من كل أطراف المجتمع الكندي حكومة ومجتمعاً ومؤسسات. لذلك كان الأولى بالسعودية أن تبدي اعتراضها على النقد الكندي في ملف حقوق الإنسان في حدود اللياقة الدبلوماسية. وفي تقديري أن التصعيد السعودي تجاه كندا مؤشر ودليل واضح على سوداوية ملف حقوق الإنسان لديها، كما أنه في المقابل يتناقض مع الانفتاح الحاصل في المملكة.*أعلن السفير السعودي أنه تلقى عشرات المكالمات من شخصيات كندية تنتقد موقف حكومتها.. ما صحة ذلك؟ أعتقد أن هذا الأمر غير صحيح، لو صح ذلك الأمر فالسفير السعودي مطالب بكشف أسماء هذه الشخصيات!.وإذا افترضنا جدلاً صحة ما أعلنه السفير السعودي، فهذا دليل على أن المجتمع الكندي مجتمع ديمقراطي حر، بسياسييه وإعلامييه، والنقد داخل الحزب الحاكم في بعض الملفات الداخلية والدولية يفوق نقد الأحزاب المنافسة، التي تجتمع على منظومة قيمية كندية جامعة مهما تعددت الرايات السياسية، وهذا عكس السياسات السعودية القائمة على القمع والتسلط.*على ضوء ما ذكرت، ما الرد المتوقع كندياً على الإجراء السعودي؟ في الواقع، فإن رد فعل الدبلوماسية الكندية تجاه الإجراء غير المتوازن من قبل السعودية، لن يكون فورياً ولا مرتفع الضجيج.. فأروقة المحافل الدولية عديدة، وألوان الردود ستكون متنوعة، لكنها في الوقت ذاته ستكون ناضجة ومؤلمة، وعلى السعودية أن تنتظر مفاجآت من النوع الثقيل.وقف الرحلات:*أوقفت السعودية رحلاتها إلى كندا.. هل تتخذ كندا نفس الإجراء؟* أعتقد أن الرياض ستتراجع عن هذا القرار في أقرب وقت ممكن، لأنه في الحقيقة قرار عفوي وطائش، وسيتضرر منه العشرون ألف طالب سعودي المبتعثون في كندا.* كمواطنين كنديين.. هل تدعمون موقف حكومتكم تجاه الإجراء السعودي؟ بكل تأكيد، فنحن ندعم موقف حكومة كندا الذي يعكس المنظومة القيمية العليا للمجتمع الكندي، وتقديرها لحقوق الإنسان والتعاون الدولي والاحترام للآخر.. ونحن في معهد الدراسات الإستراتيجية نراقب الموقف عن كثب، ونحرص على منع الانفجار الدبلوماسي، ونتواصل مع البرلمان والخارجية الكندية لمعرفة تداعيات ومآلات القرار. وقد دعونا رئيس الوزراء الكندي ووزير خارجيته للخروج في مؤتمر صحفي للتعليق على الأزمة.*كمنظمة حقوقية.. ما مطالبكم من السلطات السعودية؟نحن نطالب السلطات السعودية بعدم المساس بحقوق المواطن الكندي المقيم في المملكة والحفاظ على أمنه وأمن أسرته، كما نطالبها بالاستجابة لنداء الحكومة الكندية ووقف انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية والإفراج عن كافة المعتقلين وسجناء الرأي، وأن تقترن إصلاحات القيادة الجديدة بإجراءات تهيئ المناخ لحياة سياسية حقيقية، تقبل النقد وتستجيب لتطلعات الشعب السعودي.كما نطالب بسرعة حل الأزمة الخليجية ورفع الحصار عن قطر في أقرب وقت، خاصة بعد أن تبين أن الأزمة مفتعلة وأن المجتمع الدولي غير مقتنع بادعاءات دول الحصار.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ســـعـيد مصــبـح الغــافــري
