مصادر أمريكيّة وإسرائيليّة رفيعة: نتنياهو سيعرض اليوم على بوتين صفقةً إسرائيليّةً-سعوديّةً-إماراتيّةً بموجبها تُلغى العقوبات الأمريكيّة على روسيا مُقابل إخراج إيران من سوريّة
July 11, 2018

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
ما زال تقدّم الجيش العربيّ السوريّ باتجاه الجولان يقُضّ مضاجع صنّاع القرار في تل أبيب، وارتفع منسوب التوتّر لدى كيان الاحتلال، بسبب انضمام قوّاتٍ إيرانيّةٍ ومن حزب الله للجيش في انتصاراته، حيثُ باتت إسرائيل تستجدي روسيا في الحدّ من الانتشار الإيرانيّ في سوريّة، وبحسب مصادر سياسيّةٍ وُصفت بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، فإنّ قضية التمركز الإيرانيّ في سوريّة، ستكون في صلب المحادثات التي سيُجريها رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، في موسكو مع الرئيس الروسيّ، فلاديمير بوتين.
صحيفة (هآرتس) العبريّة، تناولت في عددها الصادر اليوم الأربعاء هذه القضية المفصليّة، وشدّدّت، نقلاً عن المصادر عينها، على أنّ اللقاء بين بوتين ونتنياهو يُعقد في ظلّ تصريح وزير الخارجيّة الروسيّ، سيرغي لافروف، والذي أكّد فيه على أنّ المطلب بسحب كلّ القوّات الإيرانيّة من سوريّة هو ليس واقعيًا بالمرّة، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ روسيا أوضحت لإسرائيل في عدّة مُناسبات بأنّها قادرة على الأكثر أنْ تُبعد الإيرانيين والميلشيات التابعة لها، بما في ذلك حزب الله، بشكلٍ كبيرٍ من الحدود مع الدولة العبريّة، ولكنّها بمُوازاة ذلك، أكّدت للإسرائيليين على أنّها غيرُ قادرةٍ على إخراج الإيرانيين كاملاً من سوريّة، مُضيفة أنّ تعهدها بسحبٍ جزئيٍّ للقوّات الإيرانيّة من سوريّة لم يخرج إلى حيّز التنفيذ، بحسب المصادر في تل أبيب.
وقال مُحلّل الشؤون العربيّة في الصحيفة العبريّة، د. تسفي بارئيل، إنّه خلافًا للاتفاق المُسبق، فإنّ الإيرانيين وعناصر حزب الله يُشاركون مع الجيش السوريّ في معارك استعادة درعا، لافتًا إلى أنّ القلق الإسرائيليّ من التواجد الإيرانيّ ليس وليد اليوم، بل أنّ هذا الشعور يُلازم إسرائيل منذ أكثر من سنتين، حتى قبل انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المُتحدّة الأمريكيّة، واستفحل هذا التوجّس بعد انتخاب ترامب، على حدّ قول بارئيل.
وتابعت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ الصحيفة الأمريكيّة (The New Yorker Magazine)، كشفت اليوم النقاب عن أنّ المملكة السعودية والإمارات العربيّة المُتحدّة وإسرائيل اقترحوا على ترامب معادلة بحسبها تُلغي واشنطن العقوبات التي فرضتها على روسيا قبل أربعة أعوامٍ بسبب الحرب في أوكرانيا واحتلال جزيرة القرم، وبالمُقابل تعمل موسكو على إخراج القوّات العسكريّة الإيرانيّة من سوريّة.
وأوضحت الصحيفة أنّه قُبيل الانتخابات الأمريكيّة التقى وليّ عهد الإمارات، محمد بن زايد، مع وسيطٍ أمريكيٍّ وقدّم له الاقتراح، وشدّدّت المجلّة الأمريكيّة على أنّ هذا العرض نوقش خلال اجتماعاتٍ عقدها العديد من المسؤولين الإسرائيليين والسعوديين مع نظرائهم في البيت الأبيض مؤخرًا، وحثّ هؤلاء الإدارة الأمريكيّة على الموافقة على العرض: إزالة العقوبات عن روسيا، مُقابل قيام الأخيرة بـ”طرد” الإيرانيين من سوريّة.
بالإضافة إلى ذلك، نقلت الصحيفة عن مصدرٍ رفيعٍ في الإدارة الأمريكيّة، قوله إنّ سفير تل أبيب في واشنطن، رون دريمر، أكّد في جلسةٍ مُغلقةٍ على أنّ إسرائيل معنية بتحسين العلاقات الأمريكيّة الروسيّة، وتحديدًا بين بوتين وترامب من أجل إبعاد الإيرانيين من سوريّة، وأعرب مسؤول إسرائيليّ رفيع المُستوى عن أمل بلاده في أنْ تتوصّل واشنطن وموسكو لاتفاقٍ حول سوريّة يقضي بإخراج إيران نهائيًا من سوريّة، لافتًا إلى أنّه إذا تحقق الأمر، فإنّ ذلك سيكون فاتحةً ممتازةً لعهدٍ جديدٍ في العلاقات بين موسكو وواشنطن، على حدّ قوله.
ولكنّ المصادر الرفيعة في واشنطن، كما أكّدت المجلّة الأمريكيّة، أعربت عن خشيتها من عدم خروج الصفقة إلى حيّز التنفيذ لسببين: الأوّل أنّ الرئيس الروسيّ بوتن ليس قادرًا على إخراج الإيرانيين من سوريّة، والثاني أنّ ترامب، الذي يخضع للتحقيق بسبب شبهاتٍ حول علاقاته مع بوتين، لن يسمح لنفسه قبول هذه الصفقة، التي من شأنها أنْ تؤكّد عمق العلاقات الوديّة والوطيدة مع روسيا، وتمسّ مسًا سافرًا بقيادته لأمريكا، على حدّ قول المصادر.
وعلى الرغم من الصعوبات، شدّدّت (هآرتس) العبريّة في تقريرها على أنّه من غير المُستبعد بتاتًا أنْ يقوم نتنياهو اليوم بعرض الصفقة على بوتين، لافتةً إلى أنّ القضية ستُناقش أيضًا في القمّة المُقررة بين بوتين وترامب في السادس عشر من الجاري، أيْ يوم الاثنين القادم، في هلسنكي.
ولكنّ المُحلّل بارئيل، قال نقلاً عن مصادره في تل أبيب، إنّ إيران ستكون على استعدادٍ لسحب قوّاتها من سوريّة، مُقابل إلغاء العقوبات المفروضة عليها، ولكنّ أمريكا وإسرائيل والسعوديّة والإمارات تُعارض وبشدّةٍ هذا التوجّه، وبالتالي ما تبقّى للدولة العبريّة كحدٍّ أقصى، أضافت المصادر نفسها، هو التمنّي بالحصول على مسارٍ روسيٍّ مُريحٍ لها، يقضي بإعادة هضبة الجولان لسيادة الدولة السوريّة، بدون تواجد قوّاتٍ من الجيش، والعمل على العودة إلى اتفاق فضّ الاشتباك الذي تمّ التوقيع عليه بين الدولتين في العام 1974، أيْ بعد سنةٍ من انتهاء حرب أكتوبر 1973.