https://mrkzgulfup.com/uploads/171156484124551.jpeg

قائمة المستخدمين المشار إليهم

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الدين ما هو؟؟ - د.مصطفى محمود

  1. #1
    إدارة السبلـة العُمانية
    خبير إداري أول بالسبلة الصحية والعلمية وإداري السبلة الإسلامية
    الصورة الرمزية سهل الباطن
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    19,630
    Mentioned
    44 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)

    الدين ما هو؟؟ - د.مصطفى محمود

    *بسم الله الرحمن الرحيم*

    *الدين ما هو؟؟ - د.مصطفى محمود*

    الدين ليس حرفة ولا يصلح لأن يكون حرفة. ولا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين .ومجموعة الشعائر والمناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدى في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور، فلا تكون من الدين في شيء.

    و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي.. والجلباب و السروال والشمروخ واللحية أعراف وعادات يشترك فيها المسلم والبوذي والمجوسي والدرزي.. ومطربو الديسكو والهيبي لحاهم أطول.. وأن يكون اسمك محمدا أو عليا أو عثمان، لا يكفي لتكون مسلما.

    وديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة. والسبحة والتمتمة والحمحمة، وسمت الدراويش وتهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها. و الرايات واللافتات والمجامر والمباخر والجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر والمكر السياسي والفتن والثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب.

    ما الدين إذن...؟!

    الدين حالة قلبية.. شعور.. إحساس باطني بالغيب.. وإدراك مبهم، لكن مع إبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عُليا تدبر كل شيء. إحساس تام قاهر بأن هناك ذاتاً عُليا.. وأن المملكة لها ملك.. وأنه لا مهرب لظالم ولا إفلات لمجرم.. وأنك حر مسئول لم تولد عبثا ولا تحيا سدى وأن موتك ليس نهايتك.. وإنما سيعبر بك إلى حيث لا تعلم.. إلى غيب من حيث جئت من غيب.. والوجود مستمر.

    و هذا الإحساس يورث الرهبة والتقوى والورع، ويدفع إلى مراجعة النفس ويحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئا ذا قيمة ويصوغ من نفسه وجودا أرقى وأرقى كل لحظة متحسبا لليوم الذي يلاقي فيه ذلك الملك العظيم.. مالك الملك.

    هذه الأزمة الوجودية المتجددة والمعاناة الخلاقة المبدعة والشعور المتصل بالحضور تبدا منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت.. والإحساس بالمسئولية والشعور بالحكمة والجمال والنظام والجدية في كل شيء.. هو حقيقة الدين. إنما تأتي العبادات والطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية.. لكن الحالة القلبية هي الأصل.. وهي عين الدين وكنهه وجوهره.

    وينزل القرآن للتعريف بهذا الملك العظيم.. ملك الملوك.. و بأسمائه الحسنى وصفاته وأفعاله آآياته ووحدانيته .

    و يأتي محمد عليه الصلاة والسلام ليعطي المثال والقدوة .وذلك لتوثيق الأمر وتمام الكلمة.

    ولكن يظل الإحساس بالغيب هو روح العبادة وجوهر الأحكام والشرائع، وبدونه لا تعني الصلاة ولا تعني الزكاة شيئا.

    ولقد أعطى محمد عليه الصلاة والسلام القدوة والمثال للمسلم الكامل، كما أعطى المثال للحكم الإسلامي والمجتمع الإسلامي.. لكن محمدا عليه الصلاة و السلام وصحبه كانوا مسلمين في مجتمع قريش الكافر.. فبيئة الكفر، ومناخ الكفر لم يمنع أيا منهم من أن يكون مسلما تام الإسلام.

    وعلى المؤمن أن يدعو إلى الإيمان، ولكن لا يضره ألا يستمع أحد، ولا يضره أن يكفر من حوله، فهو يستطيع أن يكون مؤمنا في أي نظام وفي أي بيئة.. لأن الإيمان حالة قلبية، والدين شعور وليس مظاهرة، والمبصر يستطيع أن يباشر الإبصار ولو كان كل الموجودين عمياناً، فالإبصار ملكة لا تتأثر بعمى الموجودين، كما أن الإحساس بالغيب ملكة لا تتأثر بغفلة الغافلين ولو كثروا بل سوف تكون كثرتهم زيادة في ميزانها يوم الحساب.

    إن العمدة في مسألة الدين والتدين هي الحالة القلبية .ماذا يشغل القلب.. و ماذا يجول بالخاطر؟ وما الحب الغالب على المشاعر؟ ولأي شيء الأفضلية القصوى؟ و ماذا يختار القلب في اللحظة الحاسمة؟ وإلى أي كفة يميل الهوى؟

    تلك هي المؤشرات التي سوف تدل على الدين من عدمه.. وهي أكثر دلالة من الصلاة الشكلية ، ولهذا قال القرآن.. ولذكر الله أكبر.. أي أن الذكر أكبر من الصلاة.. برغم أهمية الصلاة.

    ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام لصحابته عن أبي بكر.. إنه لا يفضلكم بصوم أو بصلاة ولكن بشيء وقر في قلبه.

    وبهذا الشيء الذي وقر في قلب كل منا سوف نتفاضل يوم القيامة بأكثر مما نتفاضل بصلاة أو صيام.

    إنما تكون الصلاة صلاة بسبب هذا الشيء الذي في القلب. وإنما تكتسب الصلاة أهميتها القصوى في قدرتها على تصفية القلب وجمع الهمة وتحشيد الفكر وتركيز المشاعر.

    وكثرة الصلاة تفتح هذه العين الداخلية وتوسع هذا النهر الباطني، وهي الجمعية الوجودية مع الله التي تعبر عن الدين بأكثر مما يعبر أي فعل. وهي رسم الإسلام الذي يرسمه الجسم على الأرض، سجودا ، وركوعا وخشوعا و ابتهالا، وفناء ..

    يقول رب العالمين لنبيه:
    {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}
    وبسجود القلب يتجسد المعنى الباطني العميق للدين، وتنعقد الصلة بأوثق ما تكون بين العبد والرب. وبالحس الديني، يشهد القلب الفعل الإلهي في كل شيء.. في المطر والجفاف، في الهزيمة والنصر، في الصحة والمرض، في الفقر والغنى، في الفرج والضيق.. وعلى اتساع التاريخ يرى الله في تقلب الأحداث وتداول المقادير.

    وعلى اتساع الكون يرى الله في النظام والتناسق والجمال، كما يراه في الكوارث التي تنفجر فيها النجوم وتتلاشى في الفضاء البعيد وفي خصوصية النفس يراه فيما يتعاقب على النفس من بسط وقبض، وأمل وحلم، وفيما يلقى في القلب من خواطر وواردات..

    حتى لتكاد تتحول حياة العابد إلى حوار هامس بينه وبين ربه طول الوقت..حوار بدون كلمات..

    لأن كل حدث يجري حوله هو كلمة إلهية وعبارة ربانية، وكل خبر مشيئة، وكل جديد هو سابقة في علم الله القديم.

    وهذا الفهم للمشيئة لا يرى فيه المسلم تعطيلا لحريته، بل يرى فيه امتدادا لهذه الحرية.. فقد أصبح يختار بربه، و يريد بربه،

    ويخطط بربه، و ينفذ بربه.. فالله هو الوكيل في كل أعماله. بل هو يمشي به، ويتنفس به، ويسمع به، ويبصر به، ويحيا به.. وتلك قوة هائلة ومدد لا ينفد للعابد العارف، كادت أن تكون يده يد الله وبصره بصره، وسمعه سمعه، وإرادته إرادته.

    إن نهر الوجود الباطني داخله قد اتسع للإطلاق.. وفي ذلك يقول الله في حديثه القدسي:

    (( لم تسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن )).

    هذا التصعيد الوجودي، والعروج النفسي المستمر هو المعنى الحقيقي للدين.. وتلك هي الهجرة إلى الله كدحاً.

    (( يا أَيُّهَا الإنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ )).

    ولا نجد غير الكدح كلمة تعبر عن هذه المعاناة الوجودية الخلاقة، والجهاد النفسي صعودا إلى الله.

    هذا هو الدين.. وهو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زياً رسمياً.

    من كتاب ~ الإسلام ما هو؟؟
    كم اشتقت اليك يا أمي
    رحمك الله يا الغالية وطيب ثراك
    ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا

    •   Alt 

       

  2. #2
    إدارة السبلـة العُمانية
    رئيسة طاقم الإداريين والمراقبين والخبراء
    الصورة الرمزية نـــــــقــــــــاء
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    الدولة
    عمان العز
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    78,901
    Mentioned
    120 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    بارك الله فيك ع الطرح أخي سهل
    اللهم حنانا من لدنك يؤنس ارواحنا

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م