https://mrkzgulfup.com/uploads/171156484124551.jpeg

قائمة المستخدمين المشار إليهم

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: لبني آدم طائفتان‏:‏

  1. #1
    عضو ماسي الصورة الرمزية ابو المعتصم بالله
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    الدولة
    محافظة مسقط
    الجنس
    ذكر
    المشاركات
    2,327
    Mentioned
    0 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    مقالات المدونة
    1

    لبني آدم طائفتان‏:‏

    اعلم يا سلطان العالم أن بني آدم طائفتان‏:‏ طائفة نظروا إلى شاهد حال الدنيا وتمسكوا بتأميل العمرالطويل‏.‏

    وطائفة عقلاء جعلواالنفس الأخير نصب أعينهم لينظروا إلى ماذا يكون مصيرهم وكيف يخرجون من الدنيا ويفارقونهاوإيمانهم سالم وما الذي ينزل معهم من الدنيا في قبورهم وما الذي يتركونه لأعدائهم منبعدهم ويبقى عليهم وباله ونكاله، وهذه الفكرة واجبة على الخلق وهي على الملوك وأهلالدنيا أوجب لأنهم كثيراً أزعجوا قلوب الخلائق وأنفذوا إلى الناس الغلمان بالسيئات وأفزعوا الخليقة وأدخلوا في قلوبهم الرعب فإن بحضرة الحق تعالى غلاماً اسمه عزرائيللا مهرب لأحد من مطالبته وتشتيته وكل موكلي الملوك يأخذون جعلهم ذهباً وفضة وطعاماًوصاحب هذا التوكيل لا يأخذ سوى الروح جعلاً وسائر موكلي السلاطين تنفع عندهم الشفاعةوهذا الموكل لا تنفع عنده شفاعة شافع وجميع الموكلين يمهلون من يوكلون إليه اليوم والليلةوالساعة وهذا الموكل لا يمهل نفساً واحداً وعجائب أحواله كثيرة إلا أنّا نذكر من أحوالهخمس حكايات‏.‏

    الحكاية الأولى

    وهو ما رواه وهببن منبه وكان من علماء اليهود وأسلم روى أنه كان ملك عظيم أراد أن يركب يوماً في جملةأهل مملكته ويري الخلق عجائبه وزينته فأمر أمراءه وحجابه وكبراء دولته رتبة بالركوب ليظهر للناس سلطنته فأمر بإحضار فاخر الثياب وأمر بعرض خيوله المعروفة وعتاقه الموصوفة فاختار من جملتها جواداً يعرف السبق فركبه بالمركب والطوق المرصع بالجوهر وجعل يركض الحصان في عسكره ويفتخر بتيهه وتجبره فجاء إبليس فوضع فمه في منخره ونفخ هواء الكبرفي أنف أنفته فقال في نفسه من في العالم مثلي وجعل يركض بالكبرياء ويزهو بالخيلاء ولاينظر إلى أحد من تيهه وكبره وعجبه وفخره فوقف بين يديه رجل عليه ثياب رثة فسلم عليه فلم يرد عليه سلامه‏.‏ فقبض على عنان فرسه فقال له الملك‏:‏ إرفع يدك فإنك لا تدري بعنان من قد أمسكت‏.‏ فقال‏:‏ لي إليك حاجة‏.‏ فقال‏:‏ اذكر حاجتك‏.‏ فقال‏:‏ إنهاسرُ ولا أقولها إلا في أذنك فأصغى إليه بسمعه‏.‏ فقال‏:‏ أنا ملك الموت أريد أن أقبض روحك فقال‏:‏ أمهلني بقدر ما أعود إلى بيتي وأودّع أولادي وزوجتي‏.‏ فقال‏:‏ كلا لاتعود تراهم أبداً فإنك قد فنيت مدة عمرك وأخذ روحه وهو على ظهر الفرس فخر ميتاً‏.‏

    وعاد ملك الموت من هناك فأتى رجلاً صالحاً قد رضي ربه عليه فسلم عليه فرد عليه السلام فقال‏:‏ لي إليك حاجة وهي سر فقال الصالح‏:‏ قل حاجتك في أذني فقال‏:‏ أنا ملك الموت فقال‏:‏ مرحباًبك الحمد لله على مجيئك فإني كنت كثير الترقّب لوصولك ولقد طالت علي غيبتك وكنت مشتاقاًإلى قدومك فقال له ملك الموت‏:‏ إن كان لك شغل فاقضِه فقال‏:‏ ليس لي شغل أهم عنديمن لقاء ربي عز وجل فقال‏:‏ كيف تحب أن أقبض روحك فإني أمرت أنا سجدت فخذ روحي وأناساجد ففعل ملك الموت ما أمره به ونقله الى رحمة ربه جل وعلا‏.‏

    الحكاية الثانية

    روي أنه كان ملك كثير المال قد جمع مالاً عظيماً من كل نوع خلقه الله تعالى من متاع الدنيا ليرفّه نفسه ويتفرغ لأكل ما جمعه فجمع نعماً طائلة وبني قصراً عالياً مرتفعاً سامياً يصلح للملوك والأمراء والأكابر والعظماء وركّب عليه بابين محكمين وأقام عليه الغلمان الأجلاد والحرسةوالأجناد والبوابين كما أراد‏.‏

    وأمر ببعض الأيامأن يصطنع له من أطيب الطعام وجمع أهل مملكته وحشمه وأصحابه وخدمه ليأكلوا عنده وينالوارفده وجلس على سرير مملكته واتكأ عل وسادته وقال‏:‏ يا نفس قد جمعت نعم الدنيا بأسرهافالآن أفرغي بالك وكلي هذه النعم مهنأة بالعمر الطويل والحظ الجزيل‏.‏

    فلم يفرغ مما حدثبه نفسه حتى أتى رجل من ظاهر القصر عليه ثياب رثة خلقة ومخلاته في عنقه معلقة على هيئة سائل يسأل الطعام فجاء وطرق الباب طرقة عظيمة هائلة بحيث تزعزع القصر وتزلزل وخاف الغلمان ووثبوا إلى الباب وصاحوا بالطارق وقالوا‏:‏ يا ضعيف ما هذا الحرص وسوء الأدب اصبر حتى نأكل ونطعمك مما يفضل فقال لهم‏:‏ قولوا لصاحبكم ليخرج إلي فلي إليه شغل مهم وأمر ملم‏.‏

    فقالوا تنح أيهاالضعيف من أنت حتى تأمر صاحبنا بالخروج إليك فقال‏:‏ أنتم عرّفوه ما ذكرت فلما عرّفوه من الطرقة الأولى فنهضوا من أماكنهم بالعصي والسلاح وقصدوه ليحاربوا فصاح بهم صيحةوقال‏:‏ إلزموا أماكنكم فأنا ملك الموت فارتعدت فرائضهم وبطلت عن الحركة جوارحهم ورعبت قلوبهم وطاشت عقولهم فقال الملك‏:‏ قولوا له ليأخذ بدلاً مني وعوضاً عني‏.‏

    فقال‏:‏ ما آخذإلا أنت ولا أتيت إلا لأجلك لأفرق بينك وبين هذه النعم التي خولتها‏.‏

    فقال‏:‏ لعن الله هذا المال الذي غرني وأضرني ومنعني عن عبادة ربي وكنت أظن أنه ينفعني فاليوم صار حسرتي وبلائي وخرجت صفر اليدين منه وبقي لأعدائي‏.‏

    فأنطق الله المالحتى قال‏:‏ لأي شيء تلعنني إلعن نفسك فإن الله تعالى خلقني وإياك من تراب وجعلني فييدك لتتزود بي إلى آخرتك وتتصدّق بي على الفقراء وتتزكي بي على الضعفاء ولتعمر بي الربط والمساجد والجسور والقناطر لأكون لك عوناً فى اليوم الآخر وأنت جمعتني وخزنتني وفي هواك أنفقتني ولم تشكر حقي بل كفرتني فالآن تركتني لاعدائك وأنت بحسرتك وضرائك‏.‏

    فأي ذنب لي حتى تلعنني ثم إن ملك الموت

    الحكاية الثالثة

    قال يزيد الرقاشي‏:‏كان في زمن بني إسرائيل جبار من الجبارة وكان في بعض الأيام جالساً على سرير ملكه فرأى رجلاً قد دخل من باب الدار ذا صورة منكرة وهيئة هائلة فلشدة خوفه من هجومه وهيبة قدومه وثب في وجهه وقال‏:‏ من أنت أيها الرجل ومن أمرك بالدخول إلى داري فقال‏:‏ صاحب الداروأنا الذي لا يحجبني حاجب ولا أحتاج في دخولي على ملك إلى إذن ولا أرهب من سياسة سلطان ولا يفزعني جبار ولا لأحد من قبضتي فرار‏.‏

    فلما سمع هذا الكلام خر على وجهه ووقعت الرعدة في جسده فقال له‏:‏ أنت ملك الموت قال‏:‏ نعم‏.‏

    قال‏:‏ أقسم بالله عليك ألا ما أمهلتني يوماً واحداً لأتوب من ذنبي وأطلب العذر من ربي وأرد الأموال التيأودعتها خزانتي فلا أتحمل مشقة عذابها في الآخرة‏.‏

    فقال‏:‏ كيف أمهلك وأيام عمرك محسوبة وأوقاته مثبوتة مكتوبة فقال‏:‏ أمهلني ساعة‏.‏

    فقال‏:‏ إن الساعات في الحساب وقد عبرت وأنت غافل وقد استوفيت أنفاسك ولم يبق لك نفس واحد‏.‏

    فقال‏:‏ من يكونعندي إذا نقلتني إلى لحدي قال‏:‏ لا يكون عندك سوى عملك‏.‏

    فقال‏:‏ مالي عمل‏.‏

    قال‏:‏ ثم قبضروحه فخر من سريره ووقه وعلا الضجيج من أخل مملكته وارتفع ولو علموا ما يصير إليه منسخط ربه لكان بكاؤهم اكثر وعويلهم أوفر‏.‏

    الحكاية الرابعة

    يقال أن ملك الموت دخل على سليمان بن داود عليهما السلام فجعل يحد نظره ويطيل بصره إلى رجل من ندمائه فلما خرج قال ذلك الرجل‏:‏ يا بني الله من كان ذلك الرجل الذي دخل فقال‏:‏ ملك الموت‏.‏

    فقال‏:‏ أخاف أن يريد قبض روحي فخلصني من يده‏.‏

    فقال‏:‏ كيف أخلصك فقال‏:‏ تأمر الريح أن تحملني في هذه الساعة إلى بلاد الهند لعله يضل عني ولا يجدني‏.‏

    فأمر سليمان الريح فحملته في الوقت والحال فعاد ملك الموت ودخل على سليمان بن داود عليهما السلام فلمادخل عليه قال له‏:‏ لأي سبب كنت تطيل النظر إلى ذلك الرجل قال‏:‏ كنت أتعجب منه لأني أُمرت أن أقبض روحه في أرض الهند وكان بعيداً عنها إلى أن اتفق بحمل الريح له إلى هناك فكان ما قدره الله تعالى‏.‏

    الحكاية الخامسة

    يروى أن ذا القرنين مر بقوم لا يملكون شيئاً من أسباب الدنيا وقد حفروا قبور موتاهم على أبواب دورهم وهم كل يوم يتعمّدون تلك القبور يكنّسونها وينظّفونها وينخرونها ويزورونها ويعبدون الله فيها وما لهم طعام إلا الحشيش ونبات الأرض‏.‏

    فبعث إليهم ذوالقرنين رجلاً فدعا ملكهم فلم يجبه وقال‏:‏ ما لي وله‏.‏

    فجاء ذو القرنين وقال‏:‏ كيف حالكم فإني لا أرى لكم شيئاً من ذهب ولا فضة ولا أرى عندكم شيئاً من نعمالدنيا قال‏:‏ لأن نعم الدنيا لا يشبع منها أحد قط‏.‏

    وقال‏:‏ لم حفرتمالقبور على أبوابكم فقال‏:‏ لتكون نصب أعيننا فننظر إليها ويتجدد لنا ذكر الموت ويبردحب الدنيا في قلوبنا فلا نشتغل بها عن عبادة ربنا فقال‏:‏ ولم تأكلون الحشيش فقال‏:‏لأنا كرهنا أن نجعل بطوننا قبوراً للحيوانات ولأن لذة الطعام لا تتجاوز الحلق‏.‏

    ثم مد يده إلىطاقة فاخرج منها قحف رأس آدمي فوضعه بين يديه وقال‏:‏ يا ذا القرنين أتعرف من كان صاحبهذا قال‏:‏ كان صاحب هذا القحف ملكا من ملوك الدنيا وكان يظلم رعيته ويجور عليهم وعلى الضعفاء ويستفرغ زمانه في جمع حطام الدنيا فقبض الله روحه وجعل النار مقره وهذا رأسه ثم مد يده إلى الطاقة وأخرج قحفاً آخر فوضعه بين يديه وقال له‏:‏ أتعرف من كان صاحب هذا قال‏:‏ كان هذا ملكاً عادلاً مشفقاً على رعيته محباُ لأهل مملكته فقبض الله روحه وأسكنه جنته ورفع درجته ثم انه وضع يده على رأس ذي القرنين وقال‏:‏ ترى أىّ هذين الرأسين يكون هذا الرأس فبكى ذو القرنين بكاء شديداً وضمه إلى صدره فقال‏:‏ هيهات ما لي رغبةفي ذلك‏.‏

    قال‏:‏ ولم قال‏:‏لأن الناس جميعاً أعداؤك بسبب المال والمملكة وكلهم أصدقائي بسبب القناعة والصعلكةفالله تعالى معك‏.‏

    فالآن يجب أن تعرفحكايات النفس الأخير وتتيقن معرفتها‏.‏

    واعلم أن أهل الغفلةالمغتربين لا يحبون استماع حديث الموت لئلا يبرد حب الدنيا في قلوبهم وتتنغص عليهم لذة مأكولهم ومشروبهم‏.‏

    وقد جاء في الخبرأن من أكثر ذكر الموت وظلمة اللحد كان قبره روضة من رياض الجنة ومن نسي الموت وغفلعن ذكره كان قبره حفرة من النار وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يصف أجر الشهداءوثواب السعداء الذين قتلوا في معركة حرب الكفار فقالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ يا رسولالله هل ينال ثواب الشهداء من لم يمت شهيداً فقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏من ذكرالموت في كل يوم عشرين مرة كان له مثل أجر الشهداء ودرجتهم‏)‏‏.‏

    وقال عليه الصلاةوالسلام‏:‏ ‏(‏أكثر من ذكر الموت فإنه يمحو الذنوب ويبرد الدنيا في القلوب‏)‏‏.‏

    سئل عليه الصلاةوالسلام‏:‏ من أعقل الناس وأحزمهم فقال‏:‏ أعقل الناس أكثرهم للموت ذكراً وأحزمهم أحسنهمله استعداداً‏.‏

    له شرف الدنياوكرامة الآخرة فمن عرف الدنيا كما ذكره وكرر في قلبه ذكر النفس الأخير سهلت عليه أموردنياه وقوي أصل شجرة الإيمان في قلبه وأخذ في النمو والزيادة ونمت فروع شجرة الإيمانعنده ولقي الله وإيمانه سالم‏.‏

    والله جلت قدرته وعلت كلمته ينّور بصيرة سلطان العالم ليرى الأشياء على ما هي عليه ويجتهد في آخرتهويحسن إلى عباد الله وبريته فإن في رعيته ألف ألف من الخلائق إذا عدل فيهم كان الكُلشفعاءه ومن شفع فيه من هؤلاء الخلائق من المؤمنين كان آمناً يوم القيامة من العذابوإن ظلمهم كان الكل خصماءه وعاد أمره عظيم الخطر شديد الغرر وإذا صار الشفيع خصماًأشكل الأمر.‏
    مقتبس من كتاب : التبر المسبوك في نصيحةالملوك .

    •   Alt 

       

  2. #2
    متذوقة شعر وقصص وروايات في السبلة العُمانية الصورة الرمزية نوارة الكون
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    40,290
    Mentioned
    50 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    قصص رائعه ومفيده
    اهلا وسهلا فيك اخي الكريم
    سلمت يمناك
    ودمت في حفظ الرحمن

    - اللهم اغفر لى و لوالدى,
    و لأصحاب الحقوق على,
    و لمن لهم فضل على ,
    و للمؤمنين و للمؤمنات والمسلمين و المسلمات
    عدد خلقك و رضا نفسك و زنة عرشك و مداد كلماتك.


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م