https://mrkzgulfup.com/uploads/171156484124551.jpeg

قائمة المستخدمين المشار إليهم

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 22

الموضوع: ضيف العطايا

  1. #1

    ضيف العطايا



    ضيف العطايا

    يكرمنا الله -تعالى- باللحظات التي نعيشها حتّى الآن، والفرص التي تتتابع علينا يوما بعد يوم وكأنّها تريد أن تخبرنا أن فرصة القرب من الله ما زالت متاحة، في حين أنّ كثيرا من البشر تخَطّفهم ريب المنون.

    لا بدَّ أنَّ الضيف الذي سيحل علينا بعد أيامٍ قليلة يستحِقّ منّا حسن استقبال، إنّه الضيف الحالّ علينا ليكرمنا بما عنده من هبات ولم يكن يريد منّا إلا أن نبذل ونجتهد لأجلنا!


    (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ ...)
    [سورة البقرة 185]


    نعم إنّه شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناسِ، ويتعاظم الشوق في القلب، الشوق الذي يدعونا أن لا نخسر شيئا من هذا اللقاء، فلثوانيه قيمة ليست كقيمة باقي الثواني، وليلته التي يحمل ليست كباقي الليالي، إنّها تدعونا-بلا شكّ - أن نتعامل معها تعامل التّاجر الماهر الذي لا يريد أن يخسر شيئا في تجارته، بل يحاول مضاعفة أرباحه بطمع وبلا توقّف، وإن وجد في مشروعه ما يدعوه للتّرقي في سلّم التجارة فإنّه يصعد بقوّة، متحدّيا أي صعب يعترضه في طريقه!

    في: " حفل استقبال" سنجتهد سويا لأن نصل لاستقبال هذا الضيف كما ينبغي، ولنبدأ بنيّة قوِيّة وعزمٍ أكيد، ولندعُ الله أن يسلمنا لرمضان، ويسلّم رمضان لنا، ويتسلّمه منّا متقبلا..


    صفية العيسرية
    ٢. من شعبان.١٤٣٨ه






    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



    •   Alt 

       

  2. #2


    هيئ قلبك


    إنّ أوّل ما يقوم به المُضَيِّفُ إكراما لضيفه تنظيف مجلسه، وتنسيقه وترتيبه وتعطيره بأجمل العطور والبخور، ويحضر له ما يلذ ويطيب مما يملك، وحينها يشعر المُضيِّف بالسعادة البالغة حين يرى رضى ضيفه مرتسما على عينيه.

    إنّ هذا الضيف الذي سيحل علينا يحتاج أن يسكن في قلب نظيف طاهر بالغ صاحبه في تنظيفه، حتّى إذا ما استقرّ في القلب تمَكّن منه واستطاع أن يضفي فيه جوا إيمانيا حقيقيا بعيدا عن الرّبكة والخوف والاضطراب.

    إن رمضان جاء ليمنحنا فُرَص التطهير، تلك الفرص التي لا يمكن أن نسير للجنة دون التمسُّكِ بها، والقلب السليم أهمها، ولنتأمل قول الله تعالى لأجل تخطيط حقيقي لجني أفضل الثمار التي تسوقنا نحو الجنة :
    (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)

    [سورة الشعراء 88 - 89]
    ، فيوم القيامة يفوز من أتى الله بقلب سليم.

    إن كنت تريد أن تقبل على الله بقلب سليم فتفقّده، هل داخله شيء من الرّياء? هل اقتحمه شيء من الحقد أو الحسد أو البغضاء? تفقّده جيّدا، وأصلحه ما استطعت، فلا رابح من هذا الإصلاح كربحك أنت، جرّب معاندة الهوى،ومعاندة أمراضه، تلك المحاولات التي تقوّي بها نفسك قبل الشهر الفضيل وأثناءه ستجعل من قلبك نظيفا سجيةً، وحينها ستستطيع أن تستمر على هذا النقاء حتّى تلقى الله بقلب سليم 💕

    تأكّد بأنّ المحاولات التي تبذلها لتصحيح مسارٍ في القلب ستثمر ولو بعد حين، الأهم أن تكتشف أولا أماكن الإصابة وتسجلها مع نفسك، ثم تمسكها مرضا مرضا وتعالجها إلى أن تقضي عليها جميعا، واستعن باكتشافها بإخوانك ومن حولك، فرب مريض لا يشعر بمرض قلبه حتى ينظر في مرآته .


    صفية العيسرية
    ٣. من شعبان.١٤٣٨هـ




    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



  3. #3


    دعنا نعوّد أنفسنا على اليقين، فلنقل مثلا: ماذا تنتظر من آلة الصّرف عندما تدخل فيها بطاقتك وأنت تعرف رصيدك فيها? إنّك بلا شك ستدخلها وتكتب حاجتك من المال ثم تنتظره ليأتيك بين يديك!
    ولعلّك تسألُ أحد المقربين منّك حاجة ما، وأنت على يقين أن سؤلك منه متحقق الحصول لا محالة!


    إنّ من أجمل المشاعر القلبية التي يعيشها المؤمن مع الدّعاء بين يدي الله تعالى اليقين، فهو يسأل ويوقن في قرارة نفسه أنّ هذا الدّعاء مجاب لا محالة اليوم أو غدا أو ما بعدها، تلك الثقة التي تنمو في قلبه بالله تجعل منه مؤمنا قويا ماضيا في طريقه وأهدافه، منتظرا وقت الاستجابة الذي يختاره له الله، فالإنسان بطبعه يستعجل الخير دائما، ويريد الخير، وتأتي ألطاف الله إليه لتهديه الأفضل وفي الوقت الذي يقدّره الله الكريم بلطفه.

    يقول الله تبارك وتعالى:

    (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ ...َ)
    [سورة غافر 60]


    كم من المرات التي سعى فيها كثير منا لنيل وظيفة، سألها الناس، وسألها أصحاب الواسطات -كما هو مشتهر- ولم يجد سؤله?!
    كم من الناس سعوا لأجل مصالح كثيرة قبل لجوئهم وطلبهم الرزق من الرّازق الأوّل فما وصلوا?
    !

    نعم على الإنسان أن يأخذ بالأسباب، وإلا لما طلب الله تعالى من السّيدة مريم أن تهزّ جذع النخلة، ولكن علينا أن نتذكر أولا :"ادعوني أستجب لكم" فالله تعالى هو مسيّر هذه الأسباب والمهيئ للخير منها.

    جرّب وادع الله بيقين، ادعه ثم انتظر إجابته لدعاك بكل شغف، وكأنّك بانتظار مفاجأة لا تعرف عن موعدها شيء.

    وتذكّر أن لدعاك ثمرات، فإما أن يجاب لك، أو يصرف الله عنك به شرا، أو تجده في حسناتك يوم يبعثك الله، ادع وثق أنّ دعواتك باقية🌱


    ══🌹══
    صفية العيسرية
    ٤. من شعبان.١٤٣٨هـ




    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



  4. #4


    واصل شوقك !


    ☂ (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)
    [سورة فاطر 33 - 35]


    إنها بعض الآيات من القرآن الكريم، والتي تبعث بدواخلنا الحماسات لمواصلة المسير، فالله تعالى يربطنا بالمآل ترغيبا حينا، وترهيبا حينا آخر ..

    ولتقريب المثال: في الحياة الدنيا، نجد الطالب الذي يؤمن بأهميّة ما سيلاقيه إزاء اهتمامه بدراسته يجد ويجتهد وعينه في هدفه، فهو لا يتوقف عن الاجتهاد حتى يحصل على الجامعة التي يطمح لها، أو العمل الذي خطط للوصول إليه، ولو لم يكن عند هذا الطالب هدف من دراسته لما استمر في اجتهاده حتما!

    إن الجنّة تحتفي باستقبال مستحقيها، والله تعالى يزينها ففيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر!

    وفي هذه الاستقبالية حاشا لله أن يغفل عن كل ما يسعد هذا المخلوق الضعيف في الجنة، إن كل حواس الإنسان حينها تتمتع بالعطاء المذهل، فإن نظر متّع ناظريه بما يطيب للعين، وإن سمع متع أذنيه بما يطيب لهما، وإن جلس فإنّ يتكئ على أجمل السرر، وهو مرتاح النفس لا يشغله لغو أو خوف ولا تعب، بل لا يمسّه!


    إنّ هذه الدنيا القصيرة خلقت للعمل، ولم تكن لتخلو من المنغصات والأكدار، ولكن الله- تعالى- جعل في آياته بلسما يدفعنا للاجتهاد للوصول إلى جنته دفعا، فما أجمل أن نتخيل حفل الاستقبال في الجنة، نعمل وأنظارنا نحو الهدية الربانية، حيث نواصل الدرب حتّى الوصول.



    ══🌹══
    صفية العيسرية
    ٥. من شعبان.١٤٣٨هـ




    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



  5. #5


    من ألف شهر!

    تخيل معي: تغرب الشمس ذات يوم، وأنت في وظيفتك، يخبرك مديرك بأن الموظف يجزى في هذه الليلة بعمل الساعة أضعافا مضاعفة، فبعد أن كان يعمل في الليلة الواحدة بمقابل عشرة ريالات سيعطى هذه المرة أضعاف هذا المبلغ، بما يساوي عمل ألف شهر، ألف شهر ليس بلياليها فقط وإنما بلياليها وأيامها، هل تظن أنّك ستفوّت فرصَةَ العمر هذه?

    تخيّل معي: لو أنّ المدير يحاسبك على الحضور للعمل بالدقيقة، وكلما تأخرّت دقيقة أنقص من هذا المال ما يساوي هذه الدقيقة.. هل كنت ستتأخر حينها?

    تخيّل! أن الكثير منّا يغفل عن مثل هذه الهدية العظيمة في رمضان، فتفوته! ثم لا يدري هل سيرزقه الله فرصة أخرى مشابهة أم ستكون الأخيرة!

    انظر مِن حولّك، تأمّل أعداد الرّاحلين جيدا! لقد انتهت فرصهم من هذه الحياة، ولا مجال للعودة إلى العمل، وأنت ما زلت قادرا على الاستعداد الجيّد لها.

    يقول الله -تعالى- (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ)
    [سورة القدر 1 - 5]


    لو تأمّلت في هذه الحياة ستجد قليلا من البشر من يمدّ الله في أعمارهم ليعيشوا حتّى عمر الثمانين، هل تضمن أن تعيش ثمانين سنة? الله تعالى يرزقك بهذه الليلة أجر 83.3 من سنوات العمل خالصة وهي ما تساوي ألف شهر، بل قال في آياته بأنّها خير، فهي لا تساوى في أجورها هذا الرقم فحسب، بل خير منه!

    لعل هذه التأمّلات الرقمية كافية اليوم لشحذ الهمم والتخطيط الجيّد لهذه الليلة، التخطيط لاستغلال ثوانيها وليس دقائقها فحسب، ومحاولة تحريها في هذا الشهر الفضيل، وعسى الله أن يبلغنا رمضان، ويبلغنا إياها إنه سميع مجيب الدعاء.



    ══🌹══
    صفية العيسرية
    6. من شعبان.١٤٣٨هـ




    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



  6. #6


    رَكّز في صلاتك!

    قد تضَع لنفسك خطة لرمضان، تدرّبت عليها وهيّأت لها نفسك، ورَسَمتَ أحلاما جميلة تنتظر تحققها، وعِندما يحين رمضان تتفاجأ بعدم قدرتك على المواصلة، فمن حولك مثلا ليس لهم خُطّة رمضانيّة، ولعلّهم يشتغلون بالقيل والقال، والنوم والأكل والشرب ومشاهدة التلفاز والإدمان على مواقع التواصل الاجتماعية، فتجد نفسك في لحظة من اللحظات منهزما!

    الحل الأمثل أن تُرَكّز في صلاتك من الآن، اجعل منها عبادة، وتأمّلها بكل ما فيها، تأمّل كيف يأمرنا الله أن نترك كل شيء إذا حضرت ونهرع إليه، جرب تلك الانتعاشة التي تقودك لمكان الوضوء فور سماعك للأذان مع تَردادك كلماته، وأنت تترك كل شيء خلفك، لا شيء أهمّ منها،

    تأمّل ردّات فعلك وأنت ذاهب إليها، فتقول لكل من يحدّثك: "أعتذر منك حان موعد الصلاة" إنّها أكبر تدريب عملي على الانضباط، فأنت تتدرب على الالتزام بالوقت خمس مرّات في اليوم،هذا يعني أنّك قادر على اكتساب العادة في اليوم الخامس من صلاتك الأولى فيه، حيث حدد بعض علماء النفس ٢١ يوم لاكتساب عادَةٍ جديدة، أو فلنقل بعد ٢١ يوم من صلواتك المُركّزة الخاشعة.

    (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ)
    [سورة المعارج 19 - 22]،
    تأمّلها، إلا المصلين، المصلّي يبقى قرير العين منشرح الصّدر، ومنشرحو الصدور هم القادرون حتما على مواصلة الطريق نحو الهدف، فلا يثنيهم قلق، ولا يمنعهم اضطراب.

    ستجد نفسك وأنت تؤدي صلاتك بالكيفية المخصوصة وبالإتقان أنّك قادر على إتقان كل ما هو خارج الصّلاة، خططك التي خططت لها ستمضي كما أردت، وستحصد ثمارها.

    من الآن، ونحن في السّابع من شعبان لدينا فرصة تدرّب لأكثر من مئة صلاة، فلنبدأ..لأنّ رمضان لا يحتمل التجربة!


    ══🌹══
    صفية العيسرية
    ٧. من شعبان.١٤٣٨هـ




    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



  7. #7


    ابدأها ب" الحمد لله"

    كيف تبدأ فجرك? تبدأه بأمان يفيض من داخلك، تدخل في صلاتك وأنت تشعر بقيمة هذه الهدية الربانية، والتي تفتح لك أبواب الخير في ساعات يومك القادم، تشعر بضوء الشمس يتسلل تدريجيا إلى قلبك، فتكبر في نفسك معاني العظَمَة لله الكريم.

    الحمد لله تعني أن تفيض رضا وشكرا، الحمد لله على ماذا? ستعدّد نعمه عليك مع نفسك، ومع كل نعمة تذكرها يزيد انبهارك، لماذا اختارها لك أنت وحرمها غيرك? كم أدامها الله عليك ولم يطلب عليها أجرا? أعطاكَ أكثرها دون أن تدعوه بها! وتتزاحم النّعم عليك حتّى تكاد لا تعرف من أين تبدأ الحمّد فتعمّمه أخيرا وتقول: الحمد لله على كل شيء!

    وتذوب مع الحمد الكثير على النّعم الكثيرة كثير من الامتعاضات وكثير من الضيق والكدر على فقد نعمة واحدة مثلا، أو على بلاء واحد، أو فلنقل مجموعة من الابتلاءات، والمنهج القرآني يأمرنا بحمد الله تعالى في كثير من آياته، والعجب أنّ هذا الأمر جاء لمصلحتنا أولا وهذا من لطف الله علينا.

    يقول الله تعالى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)
    [سورة النمل 59] ويقول: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)
    [سورة العنكبوت 63]، ويقول: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)
    [سورة لقمان 25]


    ومن جميل المنهج القرآني قول الله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
    [سورة الضحى 11]، حتّى وإن كنّا نتحدّث بنعمه علينا مع أنفسنا، فإنّ ذلك يُشعرنا بالامتنان، والحبّ الأعمق لله الرّازق، الحُبّ الذي يدفعنا لطاعته والبعد عن معصيته، فما أجمل أن نعمّق هذا الحب بالحمد الدائم، ونتأمّلها آية نتلوها في صلواتنا صبح مساء "الحمد لله رب العالمين" ونحن نستشعر معناها، متذكرين أيضا كرم الله-تعالى- فوق كرمه هذا حين يقول: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ ..ٌ)
    [سورة إبراهيم 7]

    استقبل رمضان وقلبك يفيض حبّا ورضا💕


    ══🌹══
    صفية العيسرية
    8. من شعبان.١٤٣٨هـ




    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



  8. #8


    (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)
    [سورة قريش 3 - 4]


    نعم ..نعتاد على كثير من النعم حتّى نكاد ننسى شكرها، فإذا ما فُجعنا بفقد شيء منها استيقظنا وتنبهنا ..

    فلننظر قليلا في قصّة قريش، لننظر كيف رزقوا نعمة الأمان، وكيفَ كان يَخشى من يريد أن يمَسّهم أو يمَس قوافلهم بسوء حتَّى قالوا : "إنّ لهذا البيت رب يحميه" .

    ولننظر إلى الطعام الذي رزقوه في أرض لا تنبت العشب والكلأ! وينزل الله آيات من كتابه لا لأجل أن ينبّه قريشا فقط، وإنما ليوقظنا من سباتنا حينما اعتدنا على كثير من النعم وقصّرنا في شكرها ..

    لا بُدّ لنا أن نبدأ بالنظر في أنفسنا جيدا، ننظر إليها نظرة المتأمّل الشاكر، وننظر من حولها لنعمّق مبدأ الشكر الذي يزيدنا قربا وحبا لله الكريم.


    قبل أن يبدأ رمضان سيكون من الرائع تغيير عادَة إلف النّعم بدون الشعور بعظمَتِها إلى التّأمّل العميق فيها، وشكر الله تعالى على التّفاصيل الدقيقة التي أكرمنا بها وغفلنا عن شكرها، إنّ هذا الشكر وهذا الامتنان يعمّق علاقتنا بالله تعالى، ويقوّينا في العبادة، ونحن عبيد الله بحاجة بالغة لتعميق هذه العلاقة حتّى يرضى عنّا الملك الكريم ويحفّنا بعنايته ما حيينا.


    ══🌹══
    صفية العيسرية
    9. من شعبان.١٤٣٨هـ




    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



  9. #9


    __ولو ألقى معاذيره__

    ☂(بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ)
    [سورة القيامة 14 - 15]


    ما أعمق هذه الرِّسالة الرّبانية!
    فالإنسان أدرى بنفسه حتما من غيره، يعرف عنها ما لا يعرفه سواه، ولنضرب بعض الأمثلة الحيوية والتي تتكرر مشاهدها دوما..

    🌱يتأخر فلان عن عمله، فيعاتبه مسؤوله عن تأخره عن الموعد، فيبدأ بسرد أعذاره.. حصل لي حادث في الطريق، مرض ابني فجأة واضطررت لأخذه للعلاج، وجدت إطار السيارة خالٍ من الهواء واضطررت لتبديله..

    🌱
    يقصّر في أداء واجب البرّ لوالديه، فيتعذّر بكثرة اشتغالاته، وعدم فراغه لزيارتهما، أو تلمّس حاجاتهما، وعندما تنظر لحاله تجده يفرّغ نفسه لأصحابه ومشاريعه وسفره ..

    ومن هذه الأمثله يكون الإنسان أدرى بنفسه، هل تلك المعاذير التي أتى بها كانت صادقة حقا?أم كان يختلق الأعذار لينجو من عقاب أو عتاب?


    إن الفارق في إلقاء هذه المعاذير في الدنيا والآخرة كبير..فأنت باستطاعتك أن تلقيها على مسامع الناس حولك، قد يصدقك الكثير وقد يكذبك البعض! لكنك على كل حال قادر على إلقائها ، أمّا يوم القيامة يقول الله تعالى:
    (هَٰذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ)
    [سورة المرسلات 35 - 36]
    فهناك من يتكلّم عنك من أعضائك، يقول الله تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
    [سورة النور 24]


    من المهم جدا أن نركّز جميعا على :"بل الإنسان على نفسه بصيره" فهو بصير بما تستطيعه من أعمال وإن حاول عذرها بكسله، وهو بصير بتقصيرها وإن حاول عذرها في أداء واجباتها، وهو بصير بعصيانها وإن حاول عذرها بما اقترفته من ذنوب.

    إنّ الإنسان يستطيع العيش مرتاحا مع هذه الآية، فلا يضره قدح قادح، أو هجوم متهجّم عليه، فهو بصير بنفسه، ولا يسعده مدح وثناء على أمر لم يكن فيه ! إنّه بكل اختصار يعيش عيش المتوازن، شريطة أن لا يقصر أو يخطئ لا في حق نفسه، ولا في حق غيره، ولا في حقّ ربه .

    مع اقتراب رمضان..نحن بحاجة لأن ننظر في أنفسنا جيّدا ونصدق الحديث معها حتى نسمو بها للأفضل.

    ══🌹══
    صفية العيسرية
    ١٠. من شعبان.١٤٣٨هـ




    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



  10. #10


    "خيرا يره"

    قد تبذل في دنياك بذلا كبيرا، وجهدا مضاعفا عن بقية البشر، و لا تجد من يُثَمّن جهدك، ويجزيك على صنيعك خيرا، أو يرد لك جميلا، ولعلك تحزن لذلك كلّه!

    تلك مقاييس وتعاملات البشر مع بعضهم البعض، ينصفوك أحيانا، ويظلموك أخرى، يتذكرون بعض صنيعك، وينسون أكثره، لكنّ الله -تعالى- لا ينسى صنيعك الذي صنعت قليلا كان أو كثيرا، حسنا كان أو سيئا..

    تأمل قول الله تعالى جيدا:فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
    [سورة الزلزلة 7 - 8]

    الله سبحانه وتعالى يحاسبنا على مثقال الذرّه، خيرا فعلنا أو شرا، وهذا الأمر يجعلنا أكثر حرصا في مراقبة أعمالنا، فلا نستصغر شيئا حسنا نقوم به لأنّ فيه أجرا، ولا نستصغر فعلا سيئا قد نقوم به لأنّ الله يحاسبنا عليه أيضا!

    الله سبحانه وتعالى يريد بلطفه هذا أن يعمّ الخير، ويتسابق عليه النّاس قليلا كان أو كثيرا، ويريد بلطفه أيضا أن يصفو جو المؤمن من أي كدر، فهو لا يؤذي غيره مهما كان حجم الإيذاء، ويحافظ على صحيفته بيضاء خشية أن تكَدّر بمثقال ذرّة أو أكثر.

    إنّ هذه الآية تمنح كل إنسان طرقا كثيرة لكسب الأجر، وإن كان فقيرا أو مريضا أو عاجزا، فالتصدّق مثلا بشقّ تمرة فيه أجر عظيم، والكلمة الطيبة أجرها عظيم، وكل ما كان وزنه عندنا مثقال ذره من الخير فهو عند الله مُقَدَّرٌ وعظيم.


    كما أنّها تُحَذّر الإنسان من استصغار أفعال السوء، فهو محاسب على كل مثقال ذرّة .

    باستطاعتنا أن نراقب أنفسنا خلال هذه الأيام القلائل..ونغربل أفعالنا ونصنّفها، ولنتذكّر أن رمضان الشهر الفضيل شهر تتضاعف فيه الحسنات كما تتضاعف فيه السيئات، فلنغتنم الفرص.


    وفقنا الله وإياكم ��

    ══��══
    صفية العيسرية
    11. من شعبان.١٤٣٨هـ




    قال تعالى :
    { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) } صدق الله العظيم



صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م