شقاء صفاء
شقاء صفاء
عبد الله المغلوث
أصيبت صفاء النقبي قبيل تخرجها في المرحلة الثانوية العامة بسرطان في الدماغ، كانت صدمة كبيرة لها ولأسرتها. أثناء تلقيها العلاج أخبرت طبيبها أن حلمها أن تعود إلى مقاعد الدراسة ثم تدخل كلية الطب. عارض الطبيب توجهها تماما. تعاطف مع عودتها إلى الدراسة، لكنه رفض دخولها الطب؛ كونه سينهب تفكيرها، ولن يعطيها الراحة التي تحتاج إليها كمريضة. اختلفت معه صفاء. رأت أن دراستها للطب ستسعدها وتبهج روحها وتساعدها على مواجهة المرض. أكملت العام الأخير في الثانوية بتفوق، ودخلت الطب متسلحة بعزيمتها وإرادتها. عاشت صفاء أياما غير صافية. حافلة بمواعيد المستشفى ومتطلبات الدراسة. تخضع للعلاج وتدرس معا. انكبابها على الدراسة لم يجعلها تفكر في مرضها ومصيرها. شغلها عن نظرات الشفقة التي كانت تحاصرها ريب المنون، وأنساها ألم التفكير الذي يدب في رأسها. راحت تتابع علاجها بحرص وتدرس بجدية. كانت النتائج مذهلة على الصعيدين الصحي والدراسي. شفيت من السرطان تماما بعد توفيق الله وتخرجت طبيبة. لم يصدق أحد ما حدث. كيف نجت صفاء من هذا المرض المتوحش؟ وليس ذلك فحسب، بل تخرجت طبيبة.
تحولت من مصدر شفقة إلى أيقونة أمل. قصتها أصبحت تتصدر مجالس أقاربها وغير أقاربها.
صفق لها كل من عارض خطوتها وفي مقدمتهم طبيبها. بيدك أن تحول كل معارضيك إلى مشجعين لك إذا أثبت قوتك وجدارتك وأظهرت بسالتك.
إنه الحب يا رفاق. يفتت جبال التحديات ويحوله إلى أحجار صغيرة ندوسها لنواصل الطريق. الحب الذي يحول كل ما حولنا إلى قصائد. لم تنج صفاء فحسب بل صعدت وحلقت عاليا؛ لأنها آمنت أن الأعمار بيد الله، وأن الأحلام لا يطفئها سوانا.
بعضنا لو تعرض لأزمة عاطفية أو مشكلة مادية لتحولت حياته إلى جحيم. استغنى عن أحلامه وطموحاته المتبقية بسهولة. عش حلمك لتعيش. فمتى ما فارقته ذبلت وانهرت. أحلامنا هي السعادة والطاقة التي تحركنا وتقودنا. بوسعها أن تبدل مشاكلنا وتغير أحوالنا. إنها ليست ترفا أو إكسسوارا هي الماء والهواء.
ثمة مغالطة كبيرة تقول إن الأحلام تستقر في نهاية الطريق. الأحلام هي الطريق. فإذا سلكناه أضأنا وتوهجنا.
عندما تتمسك بحلمك ستنعم وتغنم، وعندما تتخلى عنه حتما ستندم.
وتذكر يا صديقي أن ألذ لحظات الصفاء هي التي تأتي بعد الشقاء.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميران القمر
