https://up.h2adi.com/do.php?imgf=171586452030431.jpeg

قائمة المستخدمين المشار إليهم

صفحة 4 من 5 الأولىالأولى ... 2345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 49

الموضوع: كل يوم قصة من قصص الأنبياء

  1. #31
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)



    حياة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل بعد غرق فرعون،


    لقد مات فرعون مصر,, غرق أمام عيون المصريين وبني إسرائيل.
    ورغم موته،
    فقد ظل أثره باقيا في نفوس المصريين وبني إسرائيل.
    من الصعب على سنوات القهر الطويلة والذل المكثف
    أن تمر على نفوس الناس مر الكرام.
    لقد عوّد فرعون بني إسرائيل الذل لغير الله.
    هزم أرواحهم وأفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا شديدا بالعناد والجهل.

    كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم،

    أثناء سير موسى بقومه جاءه التكليف الرباني بأن يتجه هو وقومه إلى جبل الطور
    ليتلقي التوراة والتعاليم التي سيتبعونها ,,

    وهنا يستعجل موسى لقاء ربه فيسبق بني إسرائيل ويأمرهم أن يلحقوا به

    وما أن سبق حتى تكاسل بنو إسرائيل
    وتوقفوا عن السير وقرروا أن ينتظروا مكانهم حتى يعود إليهم موسى ..

    انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى عليه السلام،

    وهي تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والتعذيب على يد فرعون وجنده.

    والمهمة الثانية هي السير بهم إلى الديار المقدسة.
    لكن القوم لم يكونوا على استعداد للمهمة الكبرى،
    مهمة الخلافة في الأرض بدين الله.

    وكان الاختبار الأول أكبر دليل على ذلك.

    فأثناء سيرهم مروا على قوماً يعبدون صنماً،
    فاهتزت عقيدة التوحيد في نفوسهم،
    وطلبوا من موسى أن يجعل لهم وثنا يعبدوه.

    يقول المولى عز وجل :

    ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا

    يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)

    إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140)

    وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141
    )

    فكان لا بد من رسالة مفصلة لتربية هذه الأمة وإعدادها لما هم مقبلون عليه.
    من أجل هذه الرسالة كانت مواعدة الله لعبده موسى ليلقاه.
    وكانت هذه المواعدة إعداد لنفس موسى لتهيأتها للموقف الهائل العظيم.
    فاستخلف في قومه أخاه هارون عليه السلام.

    قال الله تعالى :

    «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً

    وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ

    وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)

    وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ

    قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ

    قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي

    فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا

    وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ

    قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)



    كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة، أضيف إليها عشر، فبلغت عدتها أربعين ليلة.

    يروض موسى فيها نفسه على اللقاء الموعود؛
    وينعزل فيها عن شواغل الأرض؛
    فتصفو روحه وتتقوى عزيمته.

    "فذكر تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة؛

    قال المفسرون: فصامها موسى -عليه السلام- وطواها، فلما تم الميقات استاك بلحاء شجرة،
    فأمره الله تعالى أن يكمل العشرة أربعين".

    كان موسى بصومه -أربعين ليلة- يقترب من ربه أكثر.

    وكان موسى بتكليم الله له يزداد حبا في ربه أكثر.

    فطلب موسى أن يرى الله.

    ونحن لا نعرف أي مشاعر كانت تجيش في قلب موسى عليه الصلاة والسلام حين سأل ربه الرؤية.
    أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري الناس إلى طلب المستحيل.

    فما بالك بالحب الإلهي،
    وهو أصل الحب؟ إن عمق إحساس موسى بربه، وحبه لخالقه،
    واندفاعه الذي لم يزل يميز شخصيته. دفعه هذا كله إلى أن يسأل الله الرؤية.

    وجاءه رد الحق عز وجل:

    (( قَالَ لَن تَرَانِي ))

    غير أن الموقف هنا موقف حب إلهي من جانب موسى.
    موقف اندفاع يبرره الحب
    ولهذا أدركت رحمة الله تعالى موسى.
    أفهمه أنه لن يراه، لأن لا أحدا من الخلق يصمد لنور الله.
    أمره أن ينظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف يراه.

    قال تعالى:
    ((وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا))

    لا يصمد لنور الله أحد. فدكّ الجبل،
    وصار مسوّى في الأرض.

    وسقط موسى مغشيا عليه غائبا عن وعيه.

    فلما أفاق قال سبحانك تنزهت وتعاليت عن أن ترى بالأبصار وتدرك.
    وتبت إليك عن تجاوزي للمدى في سؤالك!

    وأنا أول المؤمنين بك وبعظمتك.

    ثم تتداركه رحمة ربه من جديد. فيتلقى موسى -عليه السلام- البشرى.
    بشرى الاصطفاء.

    مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه بعد الخلاص.

    قال تعالى:

    (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)

    إذا إن الله سبحانه وتعالى يحدثنا أنه فضل بعض النبيين على بعض،

    ورفع درجات بعضهم على البعض.

    غير أن هذا التفضيل ينبغي أن يكون منطقة محرمة علينا، ولنقف نحن في موقع الإيمان بجميع الأنبياء لا نتعداه.

    ولنؤد نحوهم فروض الاحترام على حد سواء.

    لا ينبغي أن يخوض الخاطئون في درجات المعصومين المختارين من الله.

    ليس من الأدب أن نفاضل نحن بين الأنبياء. الأولى أن نؤمن بهم جميعا.

    ثم يبين الله تعالى مضمون اللوح الذي كتبه الله له

    (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ)

    ففيها كل شيء يختص بموضوع الرسالة وغايتها من بيان الله وشريعته والتوجيهات المطلوبة

    لإصلاح حال هذه الأمة وطبيعتها التي أفسدها الذل وطول الأمد


    ******************************************


    عندما خرج بني إسرائيل من مصر كان معهم ذهب

    هذا الذهب كانوا قد استعاروه من المصريين
    وخرجوا به قبل أن يردوه

    فأمرهم هارون أن يلقوا هذا الذهب
    لأنه ليس من حقهم

    وكان فيهم رجل يدعى السامري،

    كان فيه خبث ونفاق وتظاهر بالإيمان ولكن قلبه لم يكن مؤمنا بالله جل وعلا،

    يقال انه لما رأى الملائكة عندما أغرق فرعون،

    رأى فرس الملائكة فأخذ من أثره على الأرض واحتفظ به،

    فجائهم السامري

    فقال:أين الذهب، كي أخلصكم منه،

    وأخذ الذهب وصنع منه عجل له خوار

    أي يصدر صوتا كلما دخل الهواء من فتحات صنعها له

    وما أن رأى بني إسرائيل العجل حتى انبهروا به

    وقالوا هذا إلهنا

    وبدأوا يعبدون العجل

    فقال لهم هارون:

    اتقو الله، ماذا تفعلون،

    وأخذوا يطوفون حول هذا العجل،

    عابدين إياه من دون الله جل وعلا،

    قال هارون : إن ربكم الرحمن!

    فاتبعوني وأطيعوا أمري،

    فهددوه، وكادوا أن يقتلوه،

    قالوا: اذهب، فإنا لن نبرح وسنظل عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى،





    وحاول هارون منعهم ولكنهم هددوه بالقتل إن لم يتوقف عن نهيهم ,
    فانتظر هارون رجوع موسى


    ثم يقول الله عز وجل :


    (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ

    أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ

    وَكَانُوا ظَالِمِينَ

    وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا

    قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ

    وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا

    قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي

    أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ و

    َأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ

    قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ))


    وقد أخبر الله سبحانه وتعالى موسى من قبل ما حل ببني إسرائيل بقوله :

    (( وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى ))

    (( قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ))

    فقال تعالى لموسى :

    ))قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ))

    فغضب موسى غضباً شديداً وجعل يسرع إلى قومه ،

    وكان بيده الألواح، كان فيها هدى ورحمة، لقوم يؤمنون،

    و لما رجع موسى ورأى المشهد وما هو عليه

    اشتد غضبه وفقد السيطرة على نفسه،

    فألقى الألواح وأخذ برأس أخيه ولحيته يجره إليه ،

    "قال موسى وهو غضبان لأخيه هارون :

    يا هارون! ألم أُأَمرك عليهم، ألم أقل لك أن تهديهم،

    فرد عليه هارون كما ورد في الآية بأن اليهود استضعفوه وكادوا يقتلونه؛

    وقال: يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي،

    إنهم هددوني، وكادوا أن يقتلوني،

    وإني خشيت أن تقول قد فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي،
    فلا تشمت بي الأعداء، ثم تركه موسى،

    فذهب موسى واسقط العجل فصهره ، ثم نفره في البحر،


    قال تعالى :

    (( وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا
    قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))

    فلما رأو القوم ما حل بالعجل الذي إتخذوه الهاً إستغفرا الله وقالوا لئن لم يرحمنا الله ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين .

    وواجه موسى بعدها السامري،

    فقال: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ

    قال :

    (( قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ))


    فاعترف، فحكم عليه موسى إن لك في الحياة أن لا تمس أحدا ولا يمسك أحد،
    وإن جزاءك عند ربك،

    وانظر إلى الهك الذي عبدت الناس إياه، ماذا حل به

    وكانت عقوبته هي عزلته عن مجتمعه والأمر بقطيعته وهجرانه

    وتلك أشدُّ وقعاً على قلبه من قتله،

    ذلك لأنَّه كما يظهر من سلوكه انَّه كان يطمح في التميُّز والوجاهة بين بني أسرائيل فإذا به يجد نفسه منبوذاً مستحقَراً بينهم.

    من قوله تعالى: ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ﴾ (8)

    انَّ عزلة السامري كانت شاملة بحيث لا يقربه من أحد، فهو محرومٌ من تمام صور الإقتراب منه والمخالطة له،

    فلا يُؤاكل ولا يُباع ولا يُزوَّج ولا يُكلَّم ولا يأويه من أحد في دارٍ أو ظلال.



    وأما ما فعله موسى مع أخيه هارون فلم يكن عقوبة إذ لم يكن هارون مستحقاً للعقوبة ،

    نعم ما فعله كان إنسياقاً مع الغضب الذي انتابه مما إجترحه بنو أسرائيل لذلك ألقى ألواح التوراة ،

    فكان كلُّ ذلك مخالفاً لما هو الأولى ولم يكن معصية،

    وعذره فيما فعل انَّ الأمر الذي شاهده كان عظيماً شديداً على قلبه ،

    فنفَّس عن ذلك بتلويم أحبِّ الناس إليه وأقربهم إلى قلبه كما يفعل المحبّون

    إذا انتابهم خطب جليل لذلك حين هدأ الغضبُ عن موسى ناجى ربه بقوله



    (( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ))


    أما بني إسرائيل فكانت عقوبتهم الموت

    حكم الله عليهم أن يتوبوا إليه ويقتل بعضهم بعضا،

    فأصدر موسى القرار على بني إسرائيل بأن يقتلوا أنفسهم أي أن من لم يعبدوا العجل يقتلوا من عبدوه


    قال تعالى :

    (( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ))

    (( إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ))


    هذه صفة توبته تعالى على بني إسرائيل من عبادة العجل ،

    قال الحسن البصري ، رحمه الله ، في قوله تعالى : (

    وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل )

    فقال ذلك حين وقع في قلوبهم من شأن عبادتهم العجل ما وقع

    حين قال الله تعالى :
    ((ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا ))



    قال : فذلك حين يقول موسى : ( يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل )

    وقال : فتوبوا إلى بارئكم أي إلى خالقكم .

    تنبيه على عظم جرمهم ، أي : فتوبوا إلى الذي خلقكم وقد عبدتم معه غيره .


    وقيل : إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم كل من لقي من ولد ووالد فيقتله بالسيف ،

    ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن .

    فتاب أولئك الذين كانوا خفي على موسى وهارون ما اطلع الله من ذنوبهم ،

    فاعترفوا بها ، وفعلوا ما أمروا به فغفر الله تعالى للقاتل والمقتول .


    : فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم


    قال : أمر موسى قومه - من أمر ربه عز وجل - أن يقتلوا أنفسهم

    قال : واحتبى الذين عبدوا العجل فجلسوا ، وقام الذين لم يعكفوا على العجل ،

    فأخذوا الخناجر بأيديهم ، وأصابتهم ظلة شديدة ، فجعل يقتل بعضهم بعضا ،

    فانجلت الظلة عنهم ، وقد أجلوا عن سبعين ألف قتيل ،

    كل من قتل منهم كانت له توبة ، وكل من بقي كانت له توبة .





    فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم ، فكان من قتل منهم من الفريقين شهيدا ، ومن بقي مكفرا عنه ؛
    فذلك قوله : ( فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم )

    وقيل لما أمرت بنو إسرائيل بقتل أنفسها ، برزوا ومعهم موسى ،
    فاضطربوا بالسيوف ، وتطاعنوا بالخناجر ، وموسى رافع يديه ،
    حتى إذا أفنوا بعضهم ،
    قالوا : يا نبي الله ، ادع الله لنا .
    وأخذوا بعضديه يسندون يديه ، فلم يزل أمرهم على ذلك ،
    حتى إذا قبل الله توبتهم قبض أيديهم ،
    بعضهم عن بعض ، فألقوا السلاح ،
    وحزن موسى وبنو إسرائيل للذي كان من القتل فيهم ،
    فأوحى الله ، جل ثناؤه ، إلى موسى :
    ما يحزنك ؟ أما من قتل منكم فحي عندي يرزقون ، وأما من بقي فقد قبلت توبته .
    فسر بذلك موسى ، وبنو إسرائيل .


    فأخذ يبحث عن الألواح التي رماها، فردها اليه، ففيها هدى للناس.

    يقول الله تعالى :

    (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)

    وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ

    قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ

    أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)

    وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ

    فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)

    الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ

    وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ

    فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)



    لما ذهب الغضب عن موسى أخذ الألواح وقوله تعالى:" في نسختها "

    اختلف المفسرون فيه وكثير منهم يقول المراد أن الألواح تكسرت فأعطاه الله تعالى نسخة أخرى بدلا عن التي تكسرت ،

    وهذا المعنى هو الذي مجده في الكتاب الكقدس عند النصارى، ومنهم من يقول لم تتكسر والمراد الألواح ذاتها.





    ثم يبدأ موسى عليه السلام رحلة جديدة


    اختار موسى من بين بني إسرائيل سبعين رجلاً هؤلاء هم صفوة بني إسرائيل

    فأخذهم موسى وذهب بهم للقاء ربه ليستغفروه وعندما وصلوا وصعدوا على الجبل

    ارتج الجبل من غضب الله فبدأوا يستغفرون الله وبدأوا يستغفروا لقومهم وهم يقولون

    إنا هدنا أي تبنا وعدنا ولذلك سمو بيهودا

    كما ذكر بن مسعود رحمه الله أنهم سموا باليهود لأنهم استغفروا ربهم بقولهم '' إنا هودنا ''

    فاستقر الجبل وبدأ موسى يكلم ربه وإذا بهؤلاء السبعين " الصفوة ''

    تخيلوا هذا حال أفضل من فيهم يقولون لموسى بعد أن رأوا كل هذه المعجزات
    لن نؤمن لك إيمان كامل حتى نرى الله جهرة .

    فغضب الله عليهم وأنزل عليهم الصاعقة فماتوا جميعاً

    ولكن موسى بدأ يتذلل لربه ليحييهم مرة أخرى

    فهؤلاء هم أفضل من في بني إسرائيل فأحياهم الله من جديد

    وعاد موسى ومن معه إلى بني إسرائيل واستكمل بهم المسير وأثناء سيرهم

    نفذ طعامهم وشرابهم

    فأرسل الله عليهم غمامة من السماء تظلهم وأنزل عليهم المن

    وهو سائل كالعسل جميل الطعم والرائحة وأنزل عليهم أيضاً السلوى

    وهي نوع من أنواع الطيور كالسمان لذيذة الطعم

    ثم ضرب لهم موسى الأرض ففجر لهم إثنتي عشرة عينا علي عدد قبائل بني إسرائيل

    لتشرب كل قبيلة من عين وعلى الرغم من أن الله أنزل عليهم أشهى الطعام

    إلا أنه لم يعجبهم وذهبوا لموسى

    ليدعو لهم الله أن ينبت لهم الفول والبصل والثوم والعدس فكان رد موسى عليهم :

    '' اتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير '' .

    قال تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)

    فلم يشكروا نعم الله بل لم يعترفوا بها؛ إذ كلما جاءتهم نعمة لم يقنعوا بها واحتقروها أو طمعوا في غيرها،

    قال تعالى :

    ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا

    قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ

    وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)

    ثم جاء التكليف الجديد لموسى...

    ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ )

    يعني: أرض بيت المقدس التي كانت مقدسة بمساكنة من مضى من الأنبياء. ثم تلوثت بمساكنة الأعداء من جبابرة الكنعانيين.

    فأراد تطهيرها بإخراجهم وإسكان قومه التي كتب الله لكم

    أي: التي وعدكموها على لسان أبيكم إبراهيم، بأن تكون ميراثا لولده بعد أن جعلها مهاجره

    ولا ترتدوا على أدباركم أي: لا تنكصوا على أعقابكم مدبرين من خوف الجبابرة

    جبنا وهلعا فتنقلبوا خاسرين أي: فترجعوا مغبونين بالعقوبة.

    أرسل الله إلى موسى أن يأخذ بني إسرائيل ويدخل بهم الأرض المقدسة ليحاربوا هؤلاء الجبارين
    الذين يعيشون فيها ويبدأ موسى في تنفيذ تكليف ربه
    وأمر بني إسرائيل أن يتجهوا نحو بيت المقدس ليدخلوه ويحاربوا من فيه
    وهنا يأتي الرد الجاحد

    '' قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ''

    لما طلب موسى عليه الصلاة والسلام من بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم،
    وحذرهم من عاقبة الفرار من الزحف بالخسران،
    فما كان منهم إلى أن رجعوا على أعقابهم،
    وامتنعوا عن نصرة الحق،

    فعاقبهم الله بالتيه في الصحراء أربعين سنة، مقابل فسقهم، وسخريتهم،


    قال الله تعالى:

    "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ
    وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ، يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ،

    قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ،

    قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ،

    قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ،

    قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ،

    قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ " .

    قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ الله تعالى، مشجعين لقومهم، منهضين لهم على قتال عدوهم واحتلال بلادهم.

    أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا
    بالتوفيق، وكلمة الحق

    في هذا الموطن المحتاج إلى مثل كلامهم، وأنعم عليهم بالصبر واليقين.

    ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ}

    أي: ليس بينكم وبين نصركم عليهم إلا أن تجزموا عليهم،

    وتدخلوا عليهم الباب، فإذا دخلتموه عليهم فإنهم سينهزمون،

    ثم أمَرَاهم بعدة هي أقوى العدد، وهي التوكل على الله

    فقالا: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ}

    فإن في التوكل على الله -وخصوصا في هذا الموطن- تيسيرا للأمر، ونصرا على الأعداء.

    ودل هذا على وجوب التوكل، وعلى أنه بحسب إيمان العبد يكون توكله، فلم ينجع فيهم هذا الكلام، ولا نفع فيهم الملام،



    ( قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )[13]،

    أي: إن من عقوبتهم أن يتيهون في واد سيناء
    وأن حرم الله عليهم دخول هذه الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم، مدة أربعين سنة، وبتلك المدة يتيهون في الأرض،
    لا يهتدون إلى طريق ولا يبقون مطمئنين، فكانوا كلما سلكوا طريق عادوا إلى المكان
    الذي كانوا فيه ظلوا على ذلك أربعين سنة وهذه عقوبة دنيوية.

    بقي موسى عليه السلام في فترة التيه يدعو ويأمر قومه بالمعروف وينهاهم عن المنكر،
    وحصلت عدة معجزات منها قصة البقرة،


    ما الذي حدث أثناء التيه وما قصة الرجل الصالح ؟!



    هذا ما سنعرفه في القصة التالية

    تابعو معنا

    ****
    ***
    **
    *
    *

    الصور المرفقة الصور المرفقة
    • نوع الملف: jpg 267.jpg‏ (96.6 كيلوبايت, 13 مشاهدات)

    •   Alt 

       

  2. #32
    إدارة السبلة العُمانية
    كاتبة خواطر والخبيرة الإدارية بالسبلة الإسلامية
    الصورة الرمزية تباشيرالأمل
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    63,012
    Mentioned
    161 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    السلام عليكم
    جهد مبارك وطرح قيم
    نسأل الله ان يكتب اجرك وينفعنا واياكم بما طرح
    جزاك الله خيرا

    .
    يارب ..
    واجعلنا من الذين يُبقون أثرًا طيباً في قلوب الناس بعد الرحيل 🌿🕊



  3. #33
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تباشيرالأمل مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    جهد مبارك وطرح قيم
    نسأل الله ان يكتب اجرك وينفعنا واياكم بما طرح
    جزاك الله خيرا
    تعليقك تشريف لي إستاذة تباشير
    والشكر لك أستاذة على دعمك تشجيعك لي

    تسلمين على دعواتك الطيبة
    كما ارجوا لجميع زوار هذه الصفحة ان يذكروني بدعوة صادقة

    دمتم بود ,,

    أختكم في الواحد الاحد

    أم الـــهـنــــــــــــــــوف

  4. #34
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)


    قصة الخضر مع سيدنا موسى عليه السلام








    بدأت حكاية موسى عليه السلام مع الخضر،


    حينما كان عليه الصلاة والسلام يخطب يوماً في بني إسرائيل،


    فقام أحدهم سائلاً:

    هل على وجه الأرض أعلم منك؟

    فقال موسى:
    لا،

    إتكاءً على ظنه أنه لا أحد أعلم منه،

    فعتب الله عليه في ذلك، لماذا لم يكل العلم إلى الله،

    وقال له: إنَّ لي عبداً أعلم منك وإنَّه في مجمع البحرين،

    وذكر له أن علامة مكانه هي فقد الحوت،

    فأخذ حوتاً معه في مِكْتَل وسار هو وفتاه يوشع بن نون،

    وحكت لنا سورة الكهف كيف التقى مع العبد الصالح الخضر،
    إذ بدأت الحكاية في القرآن الكريم

    بعزم موسى عليه السلام على الرحلة إلى مَجْمع البحرين في طلب العلم ،

    وصل الاثنان إلى صخرة جوار البحر..

    غـفى موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا..

    وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ

    فــدبـت فــيه الحياة وقــفــز إلى البحر..

    (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا)..

    وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل

    الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه.

    نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر..

    ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت..

    وسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما..

    ثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب..

    (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا)..

    ولمع في ذهن الفتى ما وقع.

    فتذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك..

    وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع،

    رغم غرابة ما وقع،

    فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا)..

    كان أمرا عجيبا ما رآه يوشع بن نون ،

    لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على الرمال.

    سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر

    و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا ما كنا نريده..

    إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم..

    ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين..

    انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض، مبهمة أعظم الإبهام.

    أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت..

    وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر..


    وهناك وجد هذا الرجل .

    وهو الخضر , الصمت المبهم ذاته،

    إنه لا يتحدث،

    وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة..

    فهناك تصرفات كان يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى

    حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث..

    وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى..

    وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته..

    وبرغم علم موسى ومرتبته،

    فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنه علما.


    يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه..

    وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.

    فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه

    وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟

    قال موسى: أنا موسى.

    قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.

    قال موسى: وما أدراك بي..؟

    قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟


    قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير:


    (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).


    قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟


    فقال يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا).


    نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب..

    ورد الخضر الحاسم،

    الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه،

    كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر..

    يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله..


    ولن تطيق عليه صبرا،

    لأن الظواهر التي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا،

    وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له سببا أو تدري له علة..

    وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.

    احتمل موسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه

    أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه..

    وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.

    تأمل كيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.

    قال الخضر لموسى -عليهما السلام-

    إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه

    وهو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه..

    فوافق موسى على الشرط وانطلقا..

    انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر..

    مرت سفينة،

    فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما،

    وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر،

    إكراما للخضر،

    وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها..

    فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها،

    لم يكد أصحابها يبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة..

    اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا.

    فاستنكر موسى فعلة الخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر..

    أكرمونا..

    وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها..

    كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا..


    وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه،

    كما حركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه

    وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه:


    (قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).

    وهنا يلفت الخضر نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه،

    لأنه لن يستطيع الصبر عليه

    (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)،

    ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه

    (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا).

    سارا معا.. فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان..

    حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس..

    فوجئ موسى بأن الخضر يقتل غلاما..

    ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا..

    يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه

    (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا)..

    ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة

    وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه

    (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا).

    ومضى موسى مع الخضر..

    فدخلا قرية بخيلة..

    لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية،

    ولا يعرف لماذا يبيتان فيها، نفذ ما معهما من الطعام،

    فاستطعما أهل القرية ف

    أبوا أن يضيفوهما.. وجاء عليهما المساء،

    وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض..

    جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط..

    وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض

    ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد..

    ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه،

    إن القرية بخيلة، لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني

    (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا)..

    انتهى الأمر بهذه العبارة..

    قال عبد الله لموسى:

    (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ).

    لقد حذر الخضر موسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..

    إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته

    لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره..

    إنما كان ينفذ أمر ربه ..

    وكانت لهذه الاوامرالعليا حكمتها الخافية،

    وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة،

    بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية..


    وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة،

    وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر،

    وهكذا يتناقض ظاهر الأمر وباطنه،

    ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم هذا العبد ،

    ولا يعلم الخضر من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر،

    من ماء البحر..

    كشف الخضر لموسى شيئين في الوقت نفسه..

    كشف له أن علمه - أي علم موسى - محدود..

    كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقع على الأرض

    تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.


    أما أصحاب السفينة فيعتبر موسى خرق سفينتهم مصيبة جاءت بهم ،

    بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة..

    فكشف الخضر النقاب عن وجهها وقال

    أما السفينة كان وراءهم ملك يصادر كل السفن الموجودة غصبا،

    فأراد أن يتلفها ويعيبها..

    وبذلك فلا يؤخذ منهم سفينتهم ولا يموتون جوعا. ويبقى مصدر رزقهم عندهم كما هو.


    أما الطفل الذي قتل قد يكون كارثة قد داهمت والديه لموت الصغير البريء..

    غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى،

    فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما

    ولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول.

    وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة،

    وترتدي الرحمة قناع الكارثة،

    ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها

    حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه،

    ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف

    ومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.

    أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته،

    من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية،

    كان يخبئ تحت هذا الجدار كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة.

    ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه..

    ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما،

    فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.

    ثم ينفض الرجل يده من الأمر.

    فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف.

    وهو أمر الله لا أمره.

    فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها،

    ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه.

    واختفى هذا العبد الصالح..

    لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول..

    إلا أن موسى تعلم من صحبته درسين مهمين:

    تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة، فهناك علم الحقيقة.

    وتعلم ألا يتجهم قلبه لمصائب البشر،

    فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ،

    والإيناس وراء أقنعة الحزن والآلام والموت.

    هذه هي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل من هذا العبد المدثر بالخفاء.



    الصور المرفقة الصور المرفقة

  5. #35
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)


    سيدنا موسى عليه السلام

    مع قصة البقرة التي ذكرت في القرآن






    ******
    ****
    *



    والقصة هي أنه كان هناك رجل من بني إسرائيل غنياً كثيراً،

    ولم يكن له ولد يرثه ،

    وكان له رجل قريب وارثه غير أن بعضهم ذكر أنه كان أخوه،

    وذكر بعضهم أنه كان ابن أخيه،

    وقال بعضهم: بل كانوا جماعة ورثة،

    استبطؤوا حياته.،

    فقتلوه ليرثوه، ثم ألقوه على مفترق الطريق،

    وأتو موسى عليه السلام فقالو له:

    إن قريبنا قُتل، وإنا لا نجد أحداً يبين لنا من قتله غيرك يا نبي الله.

    فنادى موسى في الناس: أنشد الله من كان عنده من هذا علم إلا بينه لنا.

    فلم يكن عندهم علمه.

    فأقبل القاتل على موسى، فقال: أنت نبي الله،

    فاسأل لنا ربك أن يبين لنا.


    فأوحى الله إليه:

    {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}

    . فعجبوا، وقالوا: {

    أتتخذنا هزوا

    قال :
    أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين *

    قالوا:
    ادع لنا ربك يبين لنا ما هي

    قال:

    إنه يقول إنها بقرة لا فارض
    ، يعني: لا هرمة، ولا بكر، يعني: ولا صغيرة،

    عوان بين ذلك
    أي: نصف، بين البكر والهرمة.


    قالوا :
    ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها

    قال :
    إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها
    أي: صاف لونها،

    تسر الناظرين
    أي: تعجب الناظرين.

    قالوا:
    ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون *

    قال:
    إنه يقول إنها بقرة لا ذلول
    أي: لم يذللها العمل،

    تثير الأرض
    يعني ليست بذلول فتثير الأرض

    ولا تسقي الحرث

    أي: ولا تعمل في الحرث

    مسلمة , يعني مسلَّمة من العيوب،

    لا شية فيها ,

    أي: لا بياض فيها.

    قالوا الآن جئت بالحق
    فذبحوها وما كادوا يفعلون

    قال: ولو أن القوم حين أمروا أن يذبحوا بقرة، استعرضوا بقرة من أي البقر فذبحوها،
    لكانت إياها،
    ولكنهم شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم.

    ولولا أن القوم استثنوا، فقالوا: وإنا إن شاء الله لمهتدون

    لما هدوا إليها أبداً.

    ثم إنهم لم يجدوا البقرة التي نُعتت لهم،
    إلا عند عجوز عندها يتامى،

    وهي البقرة القيِّمة عليهم .

    فلما علمت أنهم لا يصلح لهم غيرها، ضاعفت عليهم الثمن.

    فأتوا موسى عليه السلام فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة،

    وأنها سألتهم أضعاف ثمنها.

    فقال لهم موسى عليه السلام: إن الله قد كان خفف عليكم، فشددتم على أنفسكم،
    فأعطوها رضاها وحكمها.

    ففعلوا، واشتروها فذبحوها.

    فأمرهم موسى عليه السلام أن يأخذوا عظماً منها،

    فيضربوا به القتيل.

    ففعلوا،

    فرجعت إليه روحه، فسمى لهم قاتله، ثم عاد ميتاً كما كان.

    فأخذوا قاتله -وهو الذي كان أتى موسى فشكى إليه- فقتله الله على سوء عمله.



    قال الله تعالى:

    (( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا

    قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ

    قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ

    قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ

    قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ

    قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا

    قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ

    وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ

    فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ))





    ثم حدثت بعد ذلك قصة رجل من بني إسرائل عصى الله أربعين سنة ولم يتب لله مرة..

    جاءت سنة من السنين قحط شديد وبني إسرائيل لا ينزل عليهم مطر،

    وبدأت الدواب تصاب والزرع يجف وبدأت الأنهار يتبخر ماؤها..

    فبدأوا يقولون: يا موسى ادع الله أن يُنزل المطر..

    سيدنا موسى جمع بني إسرائيل لصلاة الاستسقاء..

    ضلوا يدعون الله..

    والمطر لا ينزل

    فقال موسى: يا رب عودتني الإجابة فلم لم ينزل المطر؟

    فأوحى الله إليه : يا موسى لن ينزل المطر فبينكم من يعاصني منذ أربعين سنة

    وبمعصيته منعتم المطر من السماء..

    فوقف موسى يقول:

    يا بني إسرائيل أقسمت عليكم، بيننا عبد يعصي الله منذ أربعين سنة وبشؤم معصيته مُنعنا المطر،

    ولن ينزل المطر حتى يخرج من بيننا،

    فاليخرج من بينكم العاصي

    كان يعرف نفسه فنظر حوله لعل أحداً غيره يخرج فلم يخرج أحد،


    فبدأ هذا العبد يناجي ربه قال:

    يا رب عصيتك أربعين سنة وسترتني وأنا اليوم إن خرجت فُضحت

    وإني أعاهدك أن لا أعود إلى هذه المعصية فتُب عليّ واسترني..

    فجلس مكانه وندم من اعماق قلبه على قبائحه ومعاصيه،

    وتاب إلى ربّه .

    فظهرت الغيوم على الفور وتراكمت ونزل عليهم الغيث ،

    وسقوا بأجمعهم ..

    ففوجئ سيدنا موسى بالمطر ينزل من السماء

    فقال موسى:

    : يا رب !.. لم يخرج من بيننا احد ، فكيف سقيتنا؟..

    فقال الله عز وجل :

    " سقيتكم بالذي منعتكم به " ..

    فقال موسى : يا رب !..

    هل تريني هذا العاصي ؟..

    فقال له ربّه :

    لم أفضحه عندما كان عاصياً ، هل افضحه الآن بعد ما تاب ؟..



    وفاة موسى وهارن عليهم السلام

    ثم مات هارون في التيه وبعده بثلاث سنوات جاء ملك الموت ليقبض روح موسى عليه السلام ولم يدخل بيت المقدس،

    ولشدة تعلقه بتلك الأرض عندما أيقن أن الموت نازل به دعا الله أن يدفن بأطرافها.

    أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،

    أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

    ( أُرسِلَ ملكُ الموتِ إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءهُ صَكَّهُ، فرجعَ إلى ربهِ،

    فقال: أرسَلْتني إلى عبدٍ لا يُريدُ الموتَ، فردَّ اللهُ عليه عيْنَهُ، وقال:

    ارجع، فقُلْ له يضعُ يدَهُ علَى متْنِ ثورٍ،فلهُ بكلِّ ما غطَّت بهِ يدُهُ بكلِّ شعرةٍ سنةٌ.

    قال: أيْ ربِّ، ثم ماذا؟ قال: ثم الموتُ. قال: فالآن،

    فسأل الله أن يُدْنِيَهُ مِن الأرضِ المُقَدَّسةِ رميةً بحجرٍ. قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :

    فلو كنتُ ثَمَّ لأريتُكُم قبرَهُ، إلى جانبِ الطَّريقِ، عندَ الكَثيبِ الأحمَرِ).





    بذلك تنتهي قصة كليم الله موسى عليه السلام،


    بدفنه في بيت المقدس الأرض التي طالما تمنى دخولها وإقامة مجامع موحد يحقق العبودية،

    إلا أن حكمة ربانية بالغة حالت دون ذلك
    .


    **********
    *****
    **
    *


    الصور المرفقة الصور المرفقة

  6. #36
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)


    هارون عليه السلام




    قال الله تبارك وتعالى:

    (( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا))

    وقال تعالى:

    (( وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا))




    هارون عليه السلام أخو موسى عليه السلام

    وقد بعثه الله تبارك وتعالى معينًا لنبيه موسى عليه السلام

    حين أراد أن يبعثه إلى فرعون لدعوته إلى الإيمان،


    وقد دعا موسى عليه السلام ربه بأن يكون أخوه هارون رفيقا له في مهمته

    حين أمره تعالى أن يذهب إلى فرعون لدعوته إلى الإيمان

    وقد استجاب الله دعوته،


    قال تعالى:


    ((قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي *

    وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي *

    هَارُونَ أَخِي *

    اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي *

    وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي *

    كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا *

    وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا *

    إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا *

    قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى))


    ‏هارون هو رفيق موسى في دعوة لفرعون إلى الإيمان بالله

    لأنه كان فصيحا ومتحدثا،

    وخليفة موسى على قومه عندما ذهب موسى للقاء الله فوق جبل الطور،

    ولكن فتنة السامري الذي حول بني إسرائيل

    إلى عبادة عجل من الذهب له خوار ،

    فدعاهم هارون إلى الرجوع لعبادة الله

    بدلا من العجل ولكنهم استكبروا

    فلما رجع موسى ووجد ما آل إليه قومه عاتب هارون عتابا شديدا

    رسل موسى وهارون عليهما السلام لأشد الشعوب كرها للحق وابتعادا عنه..

    لذلك كانت حياتهما مليئة بالأحداث والمواقف.

    قال تعالى :

    (( ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا

    فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ *

    فَلَمَّا جَاءهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ))


    لا يذكر الكثير عن سيرة هارون عليه السلام.

    إلا أن المعلوم هو أن الله أيد موسى بأخيه هارون

    وكان وزيراً له في دعوته

    فلقد كان هارون عليه السلام أفصح لسانا.

    ولقد ذكره الله في القرآن كما ورد في القصة مذكورة بتفاصيلها

    من قصة أخيه موسى
    عليه السلام



    **********
    *********
    *****
    *



  7. #37
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)








    يوشع بن نون



    فهو يوشع بن نون بن أفراهيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، وأهل الكتاب يقولون أن يوشع هو ابن عم النبي هود

    وهو النبي الذي أخرج الله على يديه بني إسرائي من صحراء سيناء،

    وحاربوا أهل فلسطين وانتصروا عليهم.

    كما ورد أنه الفتى الذي صاحب موسى للقاء الخضر

    فبعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام تولى خلافة بني اسرائيل


    صار الآن نبيا من أنبياء بني إسرائيل،

    وقائدا لجيش يتجه نحو الأرض التي أمرهم الله بدخولها.

    خرج يوشع بن نون ببني إسرائيل من التيه،

    بعد أربعين سنة، وقصد بهم الأرض المقدسة.

    ,كانت هذه الأربعين سنة -كما يقول العلماء- كفيلة

    بأن يموت فيها جميع من خرج مع موسى عليه السلام من مصر،

    ويبقى جيل جديد تربى على أيادي موسى وهارون ويوشع بن نون،

    جيل يقيم الصلا ويؤتي الزكاة ويؤمن بالله ورسله.





    قاد بني إسرائيل ، وقصد بهم بيت المقدس،

    قطع بهم نهر الأردن إلى أريحا،

    وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا.

    فحاصرها ستة أشهر.


    وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأنه في المعركة الأخيرة التي بدأت في يوم الجمعة،

    أوشك اليهود على تحقيق الانتصار،

    لكن الشمس قاربت على المغيب -

    وكان اليهود لا يعملون ولا يحاربون يوم السبت- فخشى يوشع بن نون أن يذهب النصر.

    فنظر يوشع إلى الشمس

    وقال: "إنك مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها علي".


    فتوقفت الشمس مكانها، وظلت واقفة إلى أن فتح بيت المقدس ودخله.





    يرى البعض أن هذه الرواية لا يمكن تصديقها.

    فالشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يتوقفان لموت أحد ولا لحياته، ورغم عظمة الخوارق

    والمعجزات التي وقعت لبني إسرائيل،

    فقد كانت كلها معجزات لا تتعارض مع ناموس الكون ونظامه..

    لم تكن هناك معجزة تتعلق بالشمس والقمر..

    لم تجاوز المعجزات أديم الأرض أو البحر أو الجبل.



    لما دخل يوشع بهم باب المدينة أمرهم أن يدخلوها سجداً

    أي ركعاً متواضعين شاكرين لله عز وجل على ما مَّن به عليهم من الفتح العظيم،

    الذي كان الله وعدهم إياه،

    وأن يقولوا حال دخولهم {حِطَّةٌ}

    أي حط عنا خطايانا التي سلفت؛

    من نكولنا الذي تقدم منا،

    إلا أن بني إسرائيل خالف ما أمرت به قولا وفعلا..

    خالفوا ما أمروا به قولاً وفعلاً فدخلوا الباب متعالين متكبرين يزحفون على أستاههم

    وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم..


    وهم يقولون: حبة في شعرة،

    وفي رواية: حنطة في شعرة، وحاصله أنهم بدلوا ما أمروا به واستهزأوا به،

    كما قال تعالى حاكياً عنهم في سورة الأعراف وهي مكية:

    (وَإِذْ قِيلَ لَهُمْ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ

    وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ،

    فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ

    فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ)».



    فأصابهم عذاب من الله بما ظلموا.

    كانت جريمة الآباء هي الذل، وأصبحت جريمة الأبناء الكبرياء والافتراء.

    ولم تكن هذه الجريمة هي أول جرائم بني إسرائيل ولا آخر جرائمهم،

    فقد عذبوا رسلهم كثيرا بعد موسى،

    وتحولت التوراة بين أيديهم إلى قراطيس يبدون بعضها ويخفون كثيرا.

    حسبما تقتضي الأحوال وتدفع المصلحة المباشرة،

    وكان هذا الجحود هو المسؤول عما أصاب بني إسرائيل من عقوبات.

    عاد بنو إسرائيل إلى ظلمهم لأنفسهم.. اعتقدوا أنهم شعب الله المختار،

    وتصوروا انطلاقا من هذا الاعتقاد أن من حقهم ارتكاب أي شيء وكل شيء..

    وعظمت فيهم الأخطاء وتكاثرت الخطايا

    وامتدت الجرائم بعد كتابهم إلى أنبيائهم،

    فقتلوا من قتلوا من الأنبياء.

    وسلط الله عليهم بعد رحمة الأنبياء قسوة الملوك الجبارين،

    يظلمونهم ويسفكون دمائهم،

    وسلط الله أعدائهم عليهم ومكن لهم من رقابهم وأموالهم.

    وكان معهم تابوت الميثاق. وهو تابوت يضم بقية مما ترك موسى وهارون،

    ويقال إن هذا التابوت كان يضم ما بقي من ألواح التوراة التي أنزلت على موسى

    ونجت من يد الزمان.

    وكان لهذا التابوت بركة تمتد إلى حياتهم وحروبهم،

    فكان وجود التابوت بينهم في الحرب، يمدهم بالسكينة والثبات،

    ويدفعهم إلى النصر، فلما ظلموا أنفسهم

    رفعت التوراة من قلوبهم

    لم يعد هناك معنى لبقاء نسختها معهم،

    وهكذا ضاع منهم تابوت العهد، وضاع في حرب من حروبهم التي هزموا فيها.

    وساءت أحوال بني إسرائيل بسبب ذنوبهم وتعنتهم وظلمهم لأنفسهم.

    ومرت سنوات وسنوات.

    واشتدت الحاجة إلى ظهور نبي ينتشلهم من الوهدة السحيقة التي أوصلتهم إليها

    فواجع الآثام وكبائر الخطايا.


    *******
    ***
    *


    ترا من هو النبي الذي أرسله الله تعالى بعد ذلك ؟


    الصور المرفقة الصور المرفقة

  8. #38
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)


    داود عليه السلام




    قال الله تبارك وتعالى:

    (( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ))



    وقال الله تعالى:

    (( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا))



    داود عليه الصلاة والسلام هو من الأنبياء والرسل الكرام،
    وقد ءاتاه الله تعالى النبوة والمُلك وجعله رسولًا إلى بني إسرائيل،
    وقد ورد اسمُ داود عليه الصلاة والسلام في القرءان الكريم في ستة عشر موضعًا
    .


    آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له الحديد،
    كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه
    وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره الله أن يحكم بالعدل.






    قبل البدء بقصة داود عليه السلام،


    ترى ما هي الأوضاع التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة.؟!

    لقد انفصل الحكم عن الدين..

    فآخر نبي حكم بني إسرائيل كان يوشع بن نون..

    ولما توفي يوشع بن نون تولى,

    حكمهم قضاة منهم وبقوا على ذلك مدة طويلة من الزمن،

    وفي هذه الفترة دَبَّ إلى بني إسرائيل الوَهَن والضعف وفشت فيهم المعاصي والمنكرات،


    زاد طغيان بني إسرائيل،
    فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي،
    ودخلت الوثنية وعبادة الأوثان والاصنام في صفوفهم
    فسلّط الله تعالى عليهم الأمم القريبة منهم
    فغزاهم العمالقة والآراميون وغيرهم، وكانوا إلى الخذلان أقرب منهم إلى النصر في كثير من حروبهم مع أعدائهم،

    وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا التابوت.

    وكان في التابوت بقية مما ترك آل موسى وهارون،

    فقيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها الله على موسى، وعصاه، وأمورا آخرى.


    كان بنو إسرائيل يأخذون التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر. فتشروا وساءت حالهم.



    في هذه الحروب ماتَ حاكمهم الذي كان يقودهم وبقي بنو إسرائيل بلا راع،




    وفي هذه الظروف الصعبة هيأ الله تبارك وتعالى لهم غلامًا يقال له “أشموئيل



    فقد كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا.

    فولدت غلاما فسمته أشموئيل..

    ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي سمع الله دعائي..

    فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخير والعبادة.

    فكان عنده الى أن بلغ أشده،

    نشأ فيهم وتولاه الله بعنايته وأنبته نباتًا حسنًا،

    ثم جعله الله نبيًا وأوحى إليه وبعثه إلى بني إسرائيل،

    وأمره بالدعوة إلى دينه الإسلام وتوحيده تعالى وترك عبادة الأصنام، فلما دعا قومه بني إسرائيل إلى دين الله

    طلبوا منه أن يُقيم عليهم ملكًا يُقاتلون معه أعداءهم لأنّ ملكهم كان قد هلك وباد فيهم،

    فكان من أمرهم ما قصّ الله تعالى علينا في القرءان الكريم ,


    يقول الله تبارك وتعالى :

    (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنبَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

    قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا ))




    بينما هونائم ذات ليلة: إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد

    فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه.

    فهرع أشموئيل إليه يسأله: أدعوتني..؟

    فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام..

    ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة.

    وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.

    ذهب بنو إسرائيل إليه يوما.. فسألوه: ألسنا مظلومين؟

    قال: بلى..

    قالوا: ألسنا مشردين؟

    قال: بلى..

    قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.

    قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟

    قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟

    وأوحى الله تعالى إلى نبيه يأن يجعل عليهم “طالوت” مَلِكًا

    قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.

    وكان طالوت رجلًا من أجنادهم ولم يكن من بيت المُلك فيهم،

    فملَّكه الله تعالى عليهم لقوته الجسمية والعلمية،

    ولكن بني إسرائيل تمردوا على توليه المُلك .

    قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا-

    كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه


    قال تعالى :

    (( قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَال))

    قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.



    قال تعالى:


    (( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))


    قالوا: ما هي آية ملكه؟

    قال لهم نبيهم: يسترجع لكم التابوت تحمله الملائكة.



    قال تعالى:{

    (( وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ ))


    ووقعت هذه المعجزة..

    وعادت إليهم التوراة يوما..



    ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش..

    قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق،

    فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه فليبق معي في الجيش..


    قال الله تعالى:

    (( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَمِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ

    فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلًا ))

    وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش،

    وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه،

    وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش،

    وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة.

    لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.

    ولما جاوز طالوت عليه السلام والمؤمنون الذين بقوا معه النهر

    استقل أصحابه هؤلاء أنفسهم عن لقاء عدوهم لكثرتهم ولجبروت ملكهم

    إلا قليلاً منهم ممن ثبّت الله تعالى قلوبهم وقوّى عزيمتهم،

    وكان فيهم العلماء والعاملون،

    لذلك أخذوا يثبتون إخوانهم المؤمنين ويقوون عزائمهم

    ويذكرونهم بنصر الله وأن النصر من عند الله ينصر من يشاء من عباده،

    يقول الله تعالى إخبارًا عن هذين الفريقين الذينَ جاوز بهم طالوت النهر لقتال الكافرين

    قال تعالى :

    (( فَلَمَّاجَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ

    قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ
    فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ))


    كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا..

    فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه

    وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

    قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد،

    إنما النصر من عند الله..

    (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.

    بدءت المعركة وتاجهوا الفريقان

    وبرز جالوت وهو رئيس جيش الكفار في دروعه الحديدية وسلاحه،

    وهو يطلب أحدا يبارزه..

    وخاف منه جنود طالوت جميعا..

    وهنا برز من جيش طالوت داود عليه السلام ..

    وهو فتى شجاع يُسمى داود وهو من سبط يهوذا بن يعقوب

    وكان هو وأبوه “إيش” في جيش طالوت.

    وكان راعي غنم , كان داود مؤمنا بالله،

    وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون،

    وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.

    وكان الملك طالوت ،

    قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش

    ويتزوج ابنتي..

    ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء..

    كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله..

    وسمح الملك طالوت لداود أن يبارز جالوت..


    وتقدم داود بكل شجاعة بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه

    (وهو نبلة يستخدمها الرعاة)..

    تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع..

    فلما أقبل داود على جالوت احتقره جالوت وازدراه

    وقال له:”ارجع فإني أكره قتلك”

    فما كان من داود إلا أن قال له بكل شجاعة وجُرأة:

    ولكني أحبُّ قتلك،

    وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه،

    فوضع داود حجرا قويا في مقلاعه

    وطوح به في الهواء وأطلق الحجر.

    فأصاب جالوت فقتله.

    وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.



    قال تعالى :

    (( وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَىالْقَوْمِ الْكَافِرِينَ*

    فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء))




    فلمع إسم داود وأصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل،

    فقد وعد طالوت عليه السلام داود إن قتل جالوت

    أن يزوجه ابنته
    ويشاطره نعمته

    ويشركه في أمره، فوفى له وعده.

    ثم ءال الملك إلى داود عليه السلام مع ما منحه الله تعالى من النبوة العظيمة والعلم الوافر

    فجمع الله على يديه النبوة والملك.

    لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات.

    لقد أنزل عليه الزبور (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت،

    ومما أنعم الله تبارك وتعالى على داود عليه الصلاة والسلام أن علَّمه منطق الطير

    فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه، والناس ينظرون.

    فقد أعطى الله تبارك وتعالى عبده داود عليه الصلاة والسلام فضلًا كبيرًا

    وحَباه من لدنه خيرًا عظيمًا،

    فقد كان داود عليه الصلاة والسلام حسن الصوت

    وكان عندما يصدح بصوته الجميل فيسبّح الله تعالى ويحمُده تسبح معه الجبال والطير

    يقول الله تعالى:

    (( ولقد ءاتيْنا داودَ مِنَّا فضلًا يا جبالُ أَوِّبي معهُ والطَّيرُ وأَلَنَّا لهُ الحديدَ))

    ويقول سبحانه وتعالى:

    (( وسَخَّرنا معَ داودَ الجِبالَ يُسَبِّحنَ والطيرَ وكُنَّا فاعلين)) ،

    وكان داود عليه الصلاة والسلام إذا قرأ الزبور وما فيه من رقائق وأّذكار

    تكف الطيرُ عن الطيران وتقف على الأغصان والاشجار لتسمع صوته النديّ العذب

    وتسبح بتسبيحه وترجع بترجيعه،

    وكذلك الجبال تُردد معه في العشي والإبكار تجيبُه

    وتسبح الله معه كلما سبح بكرة وعشيا

    وتعكف الطيور والدواب على صوته،





    يقول الله عز وجل:

    (( إنَّا سخَّرنا الجبالَ معهُ يُسَبِّحنَ بالعِشيِّ والإشراق* والطيرَ مَحْشورةً كلٌّ لَّهُ أوَّابٌ))



    وكان مع ذلك الصوت الرخيم سريع القراءة مع التدبر والتخشع

    فكان صلوات الله وسلامه عليه يأمر أن تسرج دابته

    فيقرأ الزبور كلَّه قبل أن تسرج.

    و ألان له الحديد فكان بين يديه بإذن الله كالعجين،

    حتى كان يفتله بيده ولا يحتاج إلى نار ولا مطرقة

    فكان يصنع منها الدروع ليحصّن بها جنوده من الأعداء ولدرء خطر الحرب والمعارك.


    (( لقد ورد أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم وقف يومًا يستمع إلى صوت الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري وكان يقرأ القرءان بصوته العذب الحنون، فقال عليه الصلاة والسلام:”لقد أعطيت مزمارًا من مزامير ءال داود، فقال يا رسول الله أكنت تستمع لقراءتي، قال: “نعم، فقال: لو علمتُ أنك تستمع لحبرته لك تحبيرًا، أي لجملته تجميلًا.))





    ومن فضل الله على داود كذلك ألان الله في يديه الحديد،

    حتى قيل أنه كان يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع،

    قال الله تبارك وتعالى:

    ((وألَنَّا لهُ الحديدَ* أنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وقَدِّرْ في السِّردِ))

    وقد تكون هذه الإلانة بمعنى أنه أول من عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة.

    فكان يصنع منه الدروع.

    كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد.

    فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع.

    درع يتكون من حلقات حديدية تسمح

    للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر..

    أفضل من الدروع الموجودة أيامها..

    وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما..

    وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب،

    وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب،

    أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل

    ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا.


    يروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي وردت على داود -عليه السلام.



    1): ***

    جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..

    وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل،

    وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه..

    وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض..

    قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟

    قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..

    قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.


    وقد كان له ولد إسمه سليمان وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده


    إستأذن سليمان من أبيه .. وقال :

    عندي حكم آخر يا أبي..

    قال داود: قله يا سليمان..

    قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم..

    ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب
    ،
    وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم

    ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه،

    فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليمان

    كما كان أخذ صاحب الحقل حقله

    وأعطى صاحب الغنم غنمه..

    قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة..



    2): ***

    قد ورد في الصحيح قصة أخرى:

    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ

    « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا .

    فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ .

    فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى

    فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ

    فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا .

    فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا .

    فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ».

    قال العلماء : يحتمل أن داود عليه السلام قضى به للكبرى لشبه رآه فيها ،

    أو أنه كان في شريعته ترجيح الكبرى ، أو لكونه كان في يدها ، فكان ذلك مرجحا في شرعه ،

    وأما سليمان عليه السلام فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطنة القضية ،

    فأوهمها أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها قطعه ،

    فتكون هي أمه ،

    فلما أرادت الكبرى قطعه عرف أنها ليست أمه ،

    فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه ،

    ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة ، وإنما أراد اختبار شفقتها ليتميز له الأم ،

    فلما تميزت بما ذكر عرفها ، ولعله استقر الكبرى ،

    فأقرت بعد ذلك به للصغرى ،

    فحكم بالإقرار لا بمجرد الشفقة المذكورة .


    قال العلماء : ومثل هذا يفعله الحاكم ليتوصل به إلى حقيقة الصواب ،

    بحيث إذا انفرد ذلك لم يتعلق به حكم .


    وكان داود رغم قربه من الله وحب الله له،

    يتعلم دائما من الله،

    وقد علمه الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين..

    فيذكر لنا المولى في كتابه الكريم قضية أخرى عرضت على داود عليه السلام.



    3):***


    جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه،

    وكان إذا دخل حجرته أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدخول عليه

    أو إزعاجه وهو يصلي..

    وقد تسور رجلان خصمان محراب داود عليه السلام وهو أشرف مكان في داره،

    وكان داود عليه السلام مستغرقًا في عبادة ربه في ذلك المحراب

    فلم يشعر داود عليه الصلاة والسلام بالشخصين إلا وهما أمامه


    ففوجئ بهم في محرابه أنه أمام اثنين من الرجال..

    وخاف منهما داود لأنهما دخلا رغم أنه أمر ألا يدخل عليه أحد.

    سألهما داود: من أنتما؟

    قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا الرجل خصومة

    وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق.

    سأل داود: ما هي القضية؟

    قال الرجل الأول: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ).

    وقد أخذها مني. قال أعطها لي وأخذها مني..

    وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته:

    (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ)..

    وإن كثيرا من الشركاء يظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا..

    قال الله تبارك وتعالى:

    (( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ

    قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ
    *

    إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ *

    قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

    إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ
    ))

    خرج الرجلان فراجع داود نفسه فعتب على نفسه

    فقد كان لا يحكم بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا،

    فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معه الحق..

    وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه

    فقد امتحن الله تعالى نبيه داود عليه السلام في هذه الحادثة التي جرت معه مع هذين الخصمين،

    فأستغفر ربه عليه الصلاة والسلام لشعوره بالذنب الذي وقع فيه

    وهو أنه تعجل بالحكم على الخصم الآخر قبل التثبيت في الدعوى،

    وكان يجب عليه لما سمع الدعوى من أحد الخصمين أن يسأل الآخر عما عنده فيها

    ولا يقضي عليه بالحكم قبل سؤاله،

    وقد تاب داود عليه السلام من ذلك الذنب الذي ليس فيه خسة ولا دناءة

    وغفر الله تعالى له هذا الذنب بنص القرءان الكريم

    قال الله تعالى:

    (( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ))

    بقي داود عليه السلام يعبد الله تعالى ويسبحه ويحكم ببني إسرائيل حتى مات…


    في تفسير قول الله تبارك وتعالى:


    (( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ

    إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ))


    هذا خطابٌ من الله تبارك وتعالى إلى داود عليه الصلاة والسلام، وفيه وصية من الله عز وجل لولاة الأمور وحكام الناس

    أن يحكموا بين الناس بالحق والعدل واتباع الحق المنزل من عنده تبارك وتعالى لا ما سواه من الآراء والاهواء،

    وتوعّد الله سبحانه وتعالى في هذه الآية من سلك غير ذلك وحكم بغير ذلك وضل عن سبيل الله

    بأنَّ لهم العذاب الشديد يوم القيامة،

    وقد كان نبي الله داود عليه الصلاة والسلام هو المقتدى به في ذلك الزمان

    في العدل وكثرة العبادة وأنواع القربات،

    قال الله تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}

    كان داود يصوم يوما ويفطر يوما..


    قال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن داود:

    "أفضل الصيام صيام داود. كان يصوم يوما ويفطر يوما.

    وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا،

    وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء

    ويشفي بصوته المهموم والمحموم"..

    جاء في الحديث الصحيح أن داود عليه السلام كان شديد الغيرة على نساءه،

    فكانت نساءه في قصر، وحول القصر أسوار، حتى لا يقترب أحد من نساءه.

    وفي أحد الأيام رأى النسوة رجلا في صحن القصر،

    فقالوا: من هذا والله لن رآه داود ليبطشنّ به.

    فبلغ الخبر داود -عليه السلام-

    فقال للرجل: من أنت؟ وكيف دخلت؟

    قال: أنا من لا يقف أمامه حاجز.

    قال: أنت ملك الموت.

    فأذن له فأخذ ملك الموت روحه.

    مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة قد أوصى إبنه سليمان بأن يعبد الله ولا يضل عن عبادته،.

    وشيع جنازته عشرات الآلاف، فكان محبوبا جدا بين الناس،

    حتى قيل لم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد كان بنو إسرائيل

    أشد جزعا عليه.. مثل داود..

    وآذت الشمس الناس

    فدعا سليمان الطير قال: أظلي على داود.

    فأظلته حتى أظلمت عليه الأرض. وسكنت الريح.

    وقال سليمان للطير: أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية الريح.

    وأطاعت الطير.

    فكان ذلك أول ما رآه الناس من ملك سليمان.


    *************
    ******
    **
    *


    فما هي قصة سليمان ؟! وهل آتاه الله النبوة من بعد أبيه داود ؟!


    هذا ما سنعرفه في السلسلة القادمة بإذن الله




    تـــــابـــــعــــــوني ,,


    أخــــتكم في الواحـــد الأحــــد

    أم الهـــــنـــــوف




    دمتم بود ,,

    الصور المرفقة الصور المرفقة

  9. #39
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)


    سليمان عليه الصلاة والسلام


    قد أعطى الله سبحانه وتعالى سيدنا سليمان عليه السلام مزايا فريدة،

    وصفات لم توجد في غيره من الأنبياء والرُّسل,

    حيث كان يتولّى الحكم، وقد فهَّمه الله لغة الطير،


    قال تعالى:

    (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،




    وكان قادراً على التحكّم بالكثير من المخلوقات والكائنات كالإنس والجن
    والرياح والنحاس الذي يَلين بين يديه،

    قال تعالى:

    (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ

    وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ*

    يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ

    اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)،


    لقد ورد ذكر قصّة سيّدنا سليمان عليه السّلام في القرآن الكريم في عدّة سور،

    منها سورة الأنبياء، وص، والنّمل، وسليمان عليه السّلام هو واحد من أعظم الأنبياء

    الذين تحدّث عنهم القرآن الكريم، وقد كان ملكاً ونبيّاً عظيماً،

    وابن ملك ونبيّ عظيم، وهو داوود عليه السّلام،

    وقال تعالى:

    ((وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ))

    ورثه في النبوة والملك.. ليس المقصود وراثته في المال، لأن الأنبياء لا يورثون.

    إنما تكون أموالهم صدقة من بعدهم للفقراء والمحتاجين، لا يخصون بها أقربائهم.

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    "نحن معشر الأنبياء لا نورث".


    وقد آتى الله سليمان –عليه السلام- ملكا عظيما،

    لم يؤته أحدا من قبله،

    ولن يعطه لأحد من بعده إلى يوم القيامة.

    فقد استجاب الله تعالى لدعوة سليمان عندما دعا قال:

    (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي).





    الآن فلنــبــــدأ بأحداث قصة سيدنا سليمان عليه السلام


    بعد أن شهد بنو اسرائيل جنازة عظيمة لأبيه داؤود عليه السلام

    وكلنا يذكر أن سليمان عليه السلام كانت تعرفه بني اسرائيل

    لحسن خلقه وإيمانه مثل ابيه فأحبوه واحبوا اباه ،

    فلما تولى سليمان عليه السلام الحكم على بني اسرائيل ،

    وكان قد اعطاه الله منطق الطير والوحش حتى النمل كان يعلم كلامها

    كل الحيوانات كان يفهم منطقها سليمان عليه السلام .

    فجمع الناس والوحش والطير يريد ان يخبرهم انه قد حصل على الحكم والملك


    قال تعالى:

    " وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ "




    وحشر لسليمان الوحش والطير والإنس والجن بدأت تتجمع لسليمان عليه السلام

    ما اعظمها من مملكة وكان اعظم ملك على وجه التاريخ واعظم مملكة اعطيت

    لسليمان عليه السلام

    قال تعالى:

    " وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ " .



    وقد سخر الله له أموراً لم يسخره لأحد من قبله ولا بعده..

    *سخر الله له "الجن".

    الجن والشياطين الذين سخرهم الله عز وجل لسليمان عليه السلام

    كانت تصنع أمورا لا يتخيلها أي أنسان فالمحاريب التي في المساجد وفي البيوت فيبنون له القصور،

    والتماثيل –التي كانت مباحة في شرعهم- والأواني والقدور الضخمة جدا،

    فلا يمكن تحريكها من ضخامتها كان يصنع فيها الطعام ويوزع على الفقراء والمساكين

    والجفان مثل الأحواض الكبيرة

    فكان لديه –عليه السلام- القدرة على حبس الجن الذين لا يطيعون أمره،

    وتقييدهم بالسلاسل وتعذيبهم.

    ومن يعص سليمان يعذبه الله تعالى.

    لذلك كانوا يستجيبون لأوامره، فيبنون له القصور،

    والتماثيل –التي كانت مباحة في شرعهم- والأواني والقدور الضخمة جدا،

    فلا يمكن تحريكها من ضخامتها.

    وكانت تغوص له في أعماق البحار وتستخرج اللؤلؤ والمرجان والياقوت..

    وكانت الشياطين تهاب سليمان عليه السلام كم حارب الكفار والمشركين

    وكم حارب السحرة وكان يستولي على ما يعملون من سحر وشعوذة ويدفنه تحت كرسيه .



    *وسخر الله له الريــــــــــــح

    فكانت تجري بأمره.

    لذلك كان يستخدمها سليمان في الحرب.

    فكان لديه بساطا خشبيا ضخم جدا،

    وكان يأمر الجيش بأن يركب على هذا الخشب،

    ويأمر الريح بأن ترفع البساط وتنقلهم للمكان المطلوب.

    فكان يصل في سرعة خارقة, كان يكون في الفجر في دمشق وفي الظهر يكون في بلد

    بينه وبين دمشق مسيرة شهر والعصر يكون في منطقة بينها وبين تلك المنطقة مسيرة شهر


    قال تعالى: " وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ"


    *ومن نعم الله عليه، إسالة النحاس له.


    مثلما أنعم على والده داود بأن ألان له الحديد وعلمه كيف يصهره..
    وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدة عظيمة في الحرب والسلم.

    قال تعالى: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ )


    *وأيضا من النعم هو جيش سليمان عليه السلام.

    كان له جيش عظيم حيث أن جيشه مكون من:


    البشر، والجن، والطيور.

    فكان يعرف لغتها.

    ومن نعم الله الأخرى على سيدنا سليمان عليه السلام ،

    علمه منطق الطير وجميع المخلوقات


    إذ كان سليمان عليه السلام يمشي ويسمع صوت النمل ، في زمن من الازمان اصابهم قحط

    واجدبت الارض واصابهم سنين فخرج سليمان عليه السلام يريد ان يطلب المطر

    وهو في الطريف رأى نملا قد خرج من جحره

    فإذا بنملة رفعت قوائمها الى السماء تدعو الله عز وجل ان يسقيهم المطر ،

    فقال سليمان عليه السلام لأصحابه ارجعوا الى بيوتكم ،

    فقالوا لم ؟ قال قد كفيتم اي سيستجيب الله لهذه النملة ويسقيكم المطر .

    وفي يوم من الايام كان سليمان عليه السلام يمشي في الغابات ومعه جيشه

    وإذا به يقترب من وادي للنمل والجيش لم يكن يعلم ان هناك وادي للنمل

    فسمع سليمان صوت نملة تحذر قومها

    قال الله تعالى :

    " حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ "






    حذرت النملة قومها وقالت ادخلوا بيوتكم قبل ان يحطمنكم سليمان وجنوده

    فلما سمع سليمان حديثها ضحك

    قال تعالى:

    " فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ

    وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ "


    يقول العلماء "ما أعقلها من نملة وما أفصحها".

    (يَا) نادت، (أَيُّهَا) نبّهت، (ادْخُلُوا) أمرت، (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) نهت،

    (سُلَيْمَانُ) خصّت، (وَجُنُودُهُ) عمّت، (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) اعتذرت.




    سمع سليمان كلام النملة فتبسم ضاحكا من قولها.. ما الذي تتصوره هذه النملة!

    رغم كل عظمته وجيشه فإنه رحيم بالنمل.. يسمع همسه

    وينظر دائما أمامه ولا يمكن أبدا أن يدوسه..

    وكان سليمان يشكر الله أن منحه هذه النعمة..

    نعمة الرحمة ونعمة الحنو والشفقة والرفق قال ربي أوزعني

    أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي

    ونسب الفضل كله لله عز وجل ودعا الله ان يعينه على شكر هذه النعم .



    *أحـــداث حـــــيـــــــاتـــه*




    كان سليمان –عليه السلام- يحب الخيل كثيرا،

    خصوصا ما يسمى

    (بالصافنات)،

    وهي من أجود أنواع الخيول وأسرعها.

    في يوم من الأيام، بدأ استعراض هذه الخيول أمام سليمان عصرا،

    وتذكر بعد الروايات أن عددها كان أكثر من عشرين ألف جواد،

    فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها، فطال الاستعراض،

    فشغله عن ورده اليومي في ذكر الله تعالى،

    حتى غابت الشمس،

    غابت الشمس ونسي ان يصلي لله عز وجل


    قال تعالى:

    " إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ "


    فانتبه، ولام نفسه و ندم سليمان عليه السلام وأستغفر ربه لأن حبه لهذه الخيول شغله عن ذكر ربه حتى غابت الشمس،
    فأمر بإرجاع الخيول له

    قال تعالى:

    ( رُدُّوهَا عَلَيَّ فطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ).


    وجاءت هنا روايتان في تفسير الاية كلاهما قوي.

    رواية تقول أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابها وأرجلها،

    حتى لا ينشغل بها عن ذكر الله.

    ورواية أخرى تقول أنه كان يمسح عليها ويستغفر الله عز وجل،

    فكان يمسحها ليرى السقيم منها من الصحيح

    لأنه كان يعدّها للجهاد في سبيل الله.




    جاء يوم.. وأصدر سليمان أمره لجيشه أن يستعد..

    بعدها، خرج سليمان يتفقد الجيش، ويستعرضه ويفتش عليه..

    كان سليمان عليه السلام في كل يوم يتفقد الطير والوحش والأنس والجن

    كل جيشه كان يتفقده فهو صاحب اكبر مملكة في ذلك الزمان ،

    كان يتفقد الأفراد الأساسين من الجيش

    وهو يتفقد الطير افتقد طيرا ليس في مكانه

    انه الهدهد سأل عنه لم يعلم به احد اين ذهب

    ولم تخلف عن موقعه

    فقد كان سليمان رجلا حاذما


    قال تعالى:

    " وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ *

    لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ "


    غضب لما رأى الهدهد غائبا قال لإن رأيت هذا الهدهد ولم يكن معه عذر

    لأعذبه عذابا شديدا

    وإن كان خائنا وذهب الى جيش آخر فسأذبحه ،

    فلبث الهدهد فترة وبعدها رجع ،





    فسأله سليمان ما الذي اخرك ؟

    قال يا نبي الله قد جئتك بخبر عظيم وبنبأ يقين

    قال تعالى:

    " فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ "



    كان موقع سليمان في فلسطين وهذا الطير اتى من سبأ من اليمن ،

    قال الهدهد جئتك من سبأ بخبر عظيم قال ما هذا الخبر فرد الهدهد


    قال تعالى :

    " إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ "


    صدق الله العظيم ,,


    الله اكبر الطير يستنكر كيف امة من الناس الذين اعطاهم الله العقل والملك العظيم يعبدون غير الله !!

    حتى الهدهد لا يرضى بعبادة غير الله ،

    فصدم سليمان عليه السلام بهذا الخبر
    .


    ********************


    ترى من تكون هذه المرأة ؟

    وما هي قصتها ؟

    وماذا كان ردت فعل نبينا سليمان من هذا الخبر ؟


    هذا ما سنعرفه غداً بإذن الله


    تــابــعونـــي أحبتــــي
    الصور المرفقة الصور المرفقة

  10. #40
    عضو نشيط الصورة الرمزية ام الهنوف
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    الدولة
    عيون مسقط
    الجنس
    أنثى
    المشاركات
    782
    Mentioned
    3 Post(s)
    Tagged
    0 Thread(s)



    قصة سليمان مع بلقيس ملكة سبأ







    قصة بلقيس ملكة سبأ مع سيدنا سليمان عليه السلام ,,


    ولعل أشهر قصة عن سليمان –عليه السلام- هي قصته مع بلقيس ملكة سبأ.




    فـــلنكـــــمـــل معـــــاً لـــــنرى مـــــــا هـــــــو الخـــــــبــــر

    الـــــذي حـــمـــلـــه الــهـــدهـــد لــنــبــينــا ســلــيـــمان






    جاءه الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عن سليمان –عليه السلام-


    (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ)


    فقال الهدهد إني جئت بأخبار أكيدة من مدينة سبأ باليمن.

    (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً)

    وهي بلقيس ملكة ســبــأ

    (تَمْلِكُهُمْ)

    تحكمهم

    (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ)

    أعطاها الله قوة وملكا عظيمين

    وسخّر لها أشياء كثيرة

    (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)

    وكرسي الحكم ضخم جدا ومرصّع بالجواهر


    (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ)

    وهم يعبدون الشمس يسجدون لها


    (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ)

    أضلهم الشيطان


    (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)

    أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)


    يسجدون للشمس ويتركون الله سبحانه وتعالى


    (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)


    وذكر العرش هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل،

    فحتى لا يغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله سبحانه وتعالى.




    موقف سيدنا سليمان عليه السلام بــهذا الخبر !!




    ولعل أشهر قصة عن سليمان –عليه السلام-

    هي قصته مع بلقيس ملكة سبأ.



    ****

    تعجب سيدنـــا سليمان عليه السلام من كلام الهدهد،

    فلم يكن شائعا أن تحكم المرأة البلاد،

    وتعجب من أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس،

    وتعجب من عرشها العظيم،

    فلم يصدق الهدهد ولم يكذبه إنما

    (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)

    وهذا منتهى العدل والحكمة.

    ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهد وقال له:


    (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ)


    ألق الكتاب عليهم وقف في مكان بعيد بيحث تستطيع سماع ردهم على الكتاب.






    يختصر السياق القرآني في سورة النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمه الرسالة،

    وينتقل مباشرة إلى الملكة، وسط مجلس المستشارين،

    وهي تقرأ على رؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان..


    قال تعالى:

    ((قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29)

    إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) (النمل)


    هذا هو نص خطاب الملك سليمان لملكة سبأ..

    إنه يأمر في خطابه أن يأتوه مسلمين.. هكذا مباشرة..

    إنه يتجاوز أمر عبادتهم للشمس.. ولا يناقشهم في فساد عقيدتهم..

    ولا يحاول إقناعهم بشيء.. إنما يأمر فحسب..

    أليس مؤيدا بقوة تسند الحق الذي يؤمن به..؟ لا عليه إذن أن يأمرهم بالتسليم..

    كان هذا كله واضحا من لهجة الخطاب القصيرة المتعالية المهذبة في نفس الوقت..

    طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة..

    وكانت عاقلة تشاورهم في جميع الأمور

    قال تعالى:

    (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ).




    فكان رد فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدي..

    أثارت الرسالة بلهجتها المتعالية المهذبة غرور القوم، وإحساسهم بالقوة.

    أدركوا أن هناك من يتحداهم ويلوح لهم بالحرب والهزيمة ويطالبهم

    بقبول شروطه قبل وقوع الحرب والهزيمة


    قال تعالى:

    (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ).


    أراد رؤساء قومها أن يقولوا: نحن على استعداد للحرب..

    ويبدو أن الملكة كانت أكثر حكمة من رؤساء قومها..

    فإن رسالة سليمان أثارت تفكيرها أكثر مما استنفرتها للحرب..

    فكرت الملكة طويلا في رسالة سليمان..

    كان اسمه مجهولا لديها، لم تسمع به من قبل،

    وبالتالي كانت تجهل كل شيء عن قوته،

    فربما يكون قويا إلى الحد الذي يستطيع فيه غزو مملكتها وهزيمتها.

    ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه،

    وخشيت على هذا الثراء والتقدم من الغزو..

    ورجحت الحكمة في نفسها على التهور،

    فقررت أن تلجأ إلى اللين، وترسل إليه بهدية..

    قال تعالى:

    *((قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ *

    وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ))



    وقدرت في نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء المملكة،

    فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية..

    قدرت في نفسها أيضا إن إرسالها بهدية إليه، سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخول مملكته،

    وإذا سيلقوا رسلها عيونا في مملكته..

    ويرجعون بأخبار قومه وجيشه، وفي ضوء هذه المعلومات،

    سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا..


    وحدثت الملكة رؤساء قومها
    ما يدور في نفسها

    بأنها ترى استكشاف نيات الملك سليمان،


    عن طريق إرسال هدية إليه،

    انتصرت الملكة للرأي الذي يقضي بالانتظار والترقب..

    وأقنعت رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا،

    لأن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وانقلبت أوضاعها وصار رؤساءها

    هم أكثر من فيها تعرضا للهوان والذل..

    واقتنع رؤساء قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار..


    وصلت هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان..


    جاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون الهدية..

    وأدرك سليمان على الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفها بشأنه..

    ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش..

    ودخل رسل بلقيس وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح..

    فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم وثرائهم يبدو وسط بهاء مملكة سليمان..

    وصغرت هديتهم في أعينهم.

    وفوجئوا بأن في الجيش أسودا ونمورا وطيورا..

    وأدركوا أنهم أمام جيش لا يقاوم..


    فلما وصل رسول بلقيس الى سليمان عليه السلام سأله ما هذه القافلة

    قال إنها هدية من بلقيس ملكة سبأ

    ثم قدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد.

    وقالوا له نحن نرفض الخضوع لك، لكننا لا نريد القتال،

    وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أن تقبلها.

    نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره

    قال تعالى:

    (فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم

    بلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)


    كشف الملك سليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم،

    وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه بالمال.

    يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر

    أن يأتوه مسلمين ,,

    (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)

    ثم قال سليمان لرسول الملكة قائلاً:

    (ارجع إليهم) بالهدية،

    وأخبرهم أنهم إن لم يؤمنوا وتمادوا في الغي

    (فلنأتينّهم بجنود) كثيرة

    (لا قبل لهم بها) ولا طاقة لهم بتلك الجنود،

    ولا قدرة لهم على دفعها

    وإذا حاربناهم
    (لنخرجنّهم منها) أي من تلك القرية (سبأ)

    (أذلّة وهم صاغرون) حقراء لا قدر لهم ولا قيمة.

    قال تعالى:

    (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ).




    هرعوا رسل بلقيس إلى سبأ.. وهناك وصلوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم في خطر..

    حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه..

    أفهموها أنها ينبغي أن تزوره وتترضاه..

    وجهزت الملكة نفسها وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان..

    جلس سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه..

    كان يفكر في بلقيس.. يعرف أنها في الطريق إليه.. تسوقها الرهبة لا الرغبة..

    ويدفعها الخوف لا الاقتناع..


    وأراد سليمان عليه السلام أن يبهرها بقوته، فيدفعها ذلك للدخول في الإسلام.

    فسأل من حوله، إن كان بإمكان احدهم ان يحضر له عرش الملكة بلقيس

    قبل أن تصل إليه.

    فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها..

    كان مصنوعا من الذهب والجواهر الكريمة،

    وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة والسبك..

    وكانت الحراسة لا تغفل عن العرش لحظة..

    فقال أحد الجن أنا أستطيع إحضار العرش قبل أن تقوم من مجلسك –

    وكان عليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر.

    وقال عفريت من الجن انا اتيكم بعرشها قبل ان يأتيك نصف النهار

    لأن سليمان كان يبدأ من اول النهار ولا يقوم الا منتصف النهار

    قال تعالى:

    " قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ

    وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ "


    أعظم صفتين يتحلى بهم الأجير القوة والأمانة ،

    فستبطأ سليمان الامر ولم يرض من الفجر الى الظهر وقت طويل
    وزمن طويل اريد ان اقصر من هذا ,,,



    فقال احد له علم من الكتاب الله اعلم به من الجن

    يطلق عليه القرآن الكريم "الذي عنده علم الكتاب"

    قال لسليمان أنا أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي تغمض العين في الرمشة الواحدة.

    قال أنا آتيك عرش بلقيس فإنك ما تطرف عينك وما تغمض عينك

    او يذهب بصرك الى ابعد مكان ثم يرجع إلا وترى عرشها امام عينك ،

    فقال سليمان لك ما اردت.

    واختلف العلماء في
    "الذي عنده علم الكتاب"

    فمنهم من قال أنه وزيره أو أحد علماء بني إسرائيل

    وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب.

    ومنهم من قال أنه جبريل عليه السلام.

    لكن السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة الكتاب غارقين في غموض كثيف مقصود..

    نحن أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان..

    والأصل أن الله يظهر معجزاته فحسب،

    أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله..

    فقال سليمان لك ما اردت إفعل هذا ءأتني بعرشها قبل ان يرتد علي طرفي

    قال تعالى:

    " قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ "




    فأغمض سليمان عينيه وفتحهما

    فإذا بعرش بلقيس امام عينيه ،

    لما رأه مستقر عنده قال سليمان

    قال تعالى:

    " فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي

    لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ "


    وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة،

    وهي قدرة يؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه.


    هذا هو العرش ماثل أمام سليمان..

    تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة..

    لم يستخفه الفرح بقدرته، ولم يزهه الشعور بقوته،

    وإنما أرجع الفضل لمالك الملك..

    وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة،

    ليرى أيشكر أم يكفر.

    تأمل سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر بتغييره،

    ثم قال لجنوده نكروا لها عرشها

    أي بدلوه نختبرها هل تعرف عرشها

    أمر بإجراء بعض التعديلات عليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي،

    ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذين لا يهتدون.

    كما أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس.




    واختار مكانا رائعا على البحر وأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر،

    وأمر أن تصنع أرضية القصر من زجاج شديد الصلابة،

    وعظيم الشفافية في نفس الوقت،

    لكي يسير السائر في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح،

    ويرى أعشاب البحر وهي تتحرك.

    تم بناء القصربأسرع وقت ، ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه أرض حجراته،

    لم يكن يبدو أن هناك زجاجا.

    تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيا فوقه.



    يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها بتدبيره:


    الأول : موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء، وقد تركته وراءها وعليه الحراس.

    والثاني : موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي تسبح تحتها الأسماك.



    وصلت الملكة بلقيس الى سليمان عليه السلام



    ووقع نظــرها الى العرش متعجبه !!





    رأته كعرشها تماما.. وليس كعرشها تماما..!!

    إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء..؟ !!

    وإذا لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة ..؟

    قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش:

    ( أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟)

    قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة:

    (كَأَنَّهُ هُوَ!)

    قال سليمان:

    ( وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ).

    توحي عبارته الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن تقارن بين عقيدتها وعلمها،

    وعقيدة سليمان المسلمة وحكمته.

    إن عبادتها للشمس، ومبلغ العلم الذي هم عليه، يصابان بالخسوف الكلي أمام علم سليمان وإسلامه.

    لقد سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام، بعدها صار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى،

    هذا ما توحي به كلمة سليمان لبلقيس..

    أدركت بلقيس أن هذا هو عرشها، لقد سبقها إلى المجيء،

    وأنكرت فيه أجزاء وهي لم تزل تقطع الطريق لسليمان..

    أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان؟!

    انبهرت بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله،

    مثلما انبهرت بما رأته من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم..

    وأدهشها أكثر هذا الاتصال العميق بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته.

    انتهى الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء..

    رأت عقيدة قومها تتهاوى هنا أمام سليمان،

    وأدركت أن الشمس التي يعبدها قومها ليست غير مخلوق خلقه الله تعالى وسخره لعباده،

    وانكسفت الشمس للمرة الأولى في قلبها،

    أضاء القلب نور جديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس.

    قال تعالى:

    " قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ

    ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
    "



    ثم قال سليمان عليه السلام للملكة بلقيس

    ادخلي القصر..

    فلما نظرت لم تر الزجاج ، ورأت المياه ، وحسبت أنها ستخوض البحر،

    (وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا)..

    حتى لا يبتل رداؤها.

    نبهها سليمان -دون أن ينظر- ألا تخاف على ثيابها من البلل.

    أنه ليست هناك مياه
    (إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ)..

    إنه زجاج ناعم لا يظهر من فرط نعومته..


    فتعجبت بلقيس التي كانت تظن عرشها اعظم عرش وقصرها اعظم قصر ،

    أدركت هنا الملكة بلقيس أنها تواجه أعظم ملوك الأرض،

    وأحد أنبياء الله الكرام.

    فأعلنت إسلامــــهـــا في هـــذه اللحــضـــة ..

    اعترفت بظلمها لنفسها وأسلمت

    وتبعها قومها على الإسلام.

    فجلست مع سليمان عليه السلام وأخذ يعلمها دين الله ،

    علمها معنى التوحيد وان عبادة غير الله لا يجوز ،

    فعرفت بلقيس انها قد ظلمت نفسها

    قال تعالى:

    " قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "


    آمنت بلقيس بالله وآمن قومها بالله عز وجل .


    لم يذكر السياق القرآني عن قصة بلقيس بعد إسلامها..

    ونحن لا ندري حقيقة هذا كله..

    قيل أن النبي سليمان عليه السلام تزوج السيدة بلقيس

    ولكن القرآن الكريم لم يذكر هذه التفاصيل التي لا تخدم قصه سليمان..

    ولا نرى نحن داعيا للخوض فيما لا يعرف أحد..



    وفاته عليه السلام:

    عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في

    المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق..

    كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق..

    لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام

    بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب..

    تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن..


    وجاءت اللحظات الأخيرة لحظة وفاة هذا الملك الذي يملك مملكة عظيمة

    أحس سليمان عليه السلام أنه سيموت ولكنه علم أنه إذا مات ,

    الشياطين ستفسد في الأرض مرة أخرى وستطلق من حبسها

    وكانت الشياطين إذا دخل سليمان عليه السلام بيت المقدس

    تخاف أن تدخل فإذا دخل شيطان ونبي الله يصلي في بيت المقدس أحترق مباشرة

    فلما أحس سليمان عليه السلام بموته أخذ عصاته فأتكأ عليها

    وقام يصلي في بيت المقدس

    فلما حانت منيته قبض الله روحه فأتكأ على العصى فلم يسقط على الأرض

    وظن الجن والشياطين أن سليمان مازال يصلي

    فقد كان أحيانا يظل في بيت المقدس يظل شهورا يعتكف لله عز وجل

    فظل واقف ولم تمسس جسده الارض ولا الدواب ،

    لأنه نبي والأنبياء لا تمس أجسادهم بل يحفظها الله عز وجل حتى بعد وفاتهم ،

    فأتكأ على العصى وظنت الشياطين انه يصلي كما هم إعتادوا عليه

    وهم خائفون يعملون ,,

    وقيل ظل سنة كاملة على هذا الحال لكن ما الذي حصل ؟

    جاءت دابة الأرض بدأت تأكل وتنخر من عصا سليمان..

    كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصا أياما..

    كانت تأكل الجزء الملامس للأرض،

    فلما ازداد ما أكلته منها اختلت العصا ,,

    وسقطت من يد سليمان..

    فاختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلى الأرض..

    ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه..

    أدركوا أنه مات من زمن.. تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب..

    وعرف الناس هذه الحقيقة أيضا..

    لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين،

    ما لبثوا يعملون وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة..


    فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته

    فلما خر تبين الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين"

    علمت الجن والأنس ان لا أحد يعلم الغيب غير الله عز وجل

    ولو كانوا يعلمون الغيب لعلموا بموت سليمان ،

    فأنطلقت الشياطين وبدأوا يفسودون في الناس

    وحفروا تحت كرسي سليمان عليه السلام

    وقالوا هذا ورث سليمان هذا علم سليمان فنسبوا لسليمان عليه السلام السحر

    قال تعالى:

    (( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ))

    وهكذا جاء موته منسجما مع حياته، متسقا مع مجده، جاء نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة.







    هنا قصة نبينا سليمان عليه السلام ختمت وطويت بهذه النهاية العجيبة


    ما أحلاها من قصة


    وما اعظمها من عبر مع نبي الله سليمان عليه السلام



    *******
    **
    *


    الصور المرفقة الصور المرفقة

صفحة 4 من 5 الأولىالأولى ... 2345 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة للسبلة العمانية 2020
  • أستضافة وتصميم الشروق للأستضافة ش.م.م