في عام 1939 توفيت زوجة الشاعر محمد مهدي الجواهري "أم فرات" وهو خارج القطر يشارك في مؤتمر في لبنان، ولم يحضر مراسيم الدفن، وعندما عاد كتب هذه القصيدة أثناء زيارة القبر.


( ناجيت قبرك )


في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أَجِــدُ


أهذهِ صَخرةٌ أم هذهِ كَبِـــدُ
قدْ يقتلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُـدوا


عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِــدوا


تَجري على رَسْلِها الدنيا ويَتْبَعُها


رأْيٌ بتعليـلِ مَجْراهـا ومُعْتَقَـدُ


أَعْيَا الفلاسفةَ الأحرارَ جَهْلُهمُ


ماذا يُخَبِّـي لهم في دَفَّتَيْـهِ غَـدُ


طالَ التَّمَحُّلُ واعتاصتْ حُلولُهمُ


ولا تَزالُ على ما كانتِ العُقَـدُ


ليتَ الحياةَ وليتَ الموتَ مَرْحَمَـة ٌ


فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لَبدُ


ولا الفتاةُ بريعانِ الصِّبا قُصِفَـتْ


ولا العجوزُ على الكَـفَّيْنِ تَعْتَمِـدُ


وليتَ أنَّ النسورَ اسْتُنْزِفَتْ نَصَفَاً


أعمارُهُنَّ ولم يُخْصَصْ بها أحـدُ


حُيِّيتِ (أمَّ فُـرَاتٍ) إنَّ والـدةًً


بمثلِ ما انجبتْ تُـكْنى بما تَـلِـدُ


تحيَّةً لم أجِدْ من بـثِّ لاعِجِهَـا


بُدَّاً, وإنْ قامَ سَـدّاً بيننا اللَّحـدُ


بالرُوحِ رُدَّي عليها إنّها صِلَـةٌ


بينَ المحِبينَ ماذا ينفعُ الجَـســدُ


عَزَّتْ دموعيَ لو لمْ تبعثي شَجناً


رَجعتُ منهُ لحرَّ الدمعِ أَبْـتَــرِدُ


خلعتُ ثوبَ اصطبارٍ كانَ يستُرُنـي


وبانَ كَذِبُ ادَّعائي أنني جَلِـدُ


بَكَيْتُ حتى بكا مَنْ ليسَ يعرفُني


ونُحْتُ حتىَّ حكاني طائرٌ غَــرِدُ


كما تَفجَّر عيناً ثـرةًً حَجَـــرُ


قاسٍ تفجَّرَ دمعاً قلبيَ الصَّلِــدُ


إنَّا إلى اللهِ! قولٌ يَستريحُ بــهِ


ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحَدُوا

من ما راق لى واتمناه يروق لكم