فمَن ذا الذي يرزقهنَّ السعادة رزقًا حسنًا، ويبعد عنهنَّ اليأس مع مرورِ الوقت وتواتُر الأيَّام؟ إنَّه الله!
ومَن ذا الذي سيُكفكف دمعهنَّ إذا انهمَر؟ إنَّه الله!
ففي كلِّ يوم تُعلن الحياة قدومَ يوم آخر، لا تأبه بأحزانِ أمس ولا تلتفتْ نحوها ولا تُعيد، تشعُّ بنورِ شمسها وتُضيء بضيائِها وتبتسم بوجهٍ سعيد لا يرَى أمامَه سوى المستقبل الجديد.
أقول لأخواتي اليائسات كما قال تعالى: ? فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ ? [الحجر: 55].
لا تيئسي؛ لأنَّ اليأس تَعاسة، وتَنطفئ معه الفَرحة، فاليأس مِن الشيطان، واليأس إحباطٌ دائم واكتئاب منتشِر وضيق مستمر، فإنْ تساقطت عليكِ المصائِب فقاومي، وأن أذنبتِ فتوبي، وإن أسأتِ فاستغفري، وإنْ ظلمتِ أحدًا فاعتذري، وإنْ أخطأت فأصلحي، ولا تيئسِي مِن رَوْح الله.
قد جعَل الله للهمومِ والآلآم واليأس منها حلولاً، فلا تجعلي اليأسَ يزحفَ إلى حياتك، وحدِّقي في الشمس عندما تَميل إلى الغروب وترحَل؛ ليعلن الظلام قدومه فلا تيئسي وقتَها، وانظري للنجوم وخُذي منها لمعانَها، فإنَّ هناك إشراقةً للفجْر حتمًا ستظهر في يومٍ جديد، فإذا كنتِ تشعرين بالظلام، فانتظري ضوءِ الفجْر.
لا تيئسي فلن ينفعِك اليأس شيئًا.
أمَّا ترين السحاب الأسودَ كيف ينقشِع، والليل الداكِن كيف يرحَل، واللون الأسود كيف يتحوَّل للبياض والأمطار كيف تنهمِر، والنَّدَى كيف يتساقَط على الزُّجاج.
أختي اليائسة:
تجنَّبي السلبيات المدمِّرة التي يمكن أن تحدُث في حياتك، مهما كانتِ الظروف تكبُر وتكبُر من حولك؛ لأنَّها في النهاية لن تسيرَ إلا بما قدَّره الله - سبحانه وتعالى.
فمَن يجيب المضطرَّ إذا دعاه؟ إنَّه الله!
فلقدْ ربط الله بيْن الكفر وبيْن اليأس في القرآن؛ ? إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ? [يوسف: 87]؛ لأنَّ اليأس عكسُ الإيمان بالله، ومَن لا يؤمن بالله يؤدِّي به ذلك إلى الكُفر.
فعليك أختي اليائسة ألا تحبسي نفسَكِ في سجن ضيِّق مِن التشاؤم ومِن اليأس، بل افتحي لنفسك كلَّ أبواب الرَّجاء، وكلَّ أبواب الأمَل، وافتحي النوافذَ، فثمة ضوء عندها.
أُخيَّتي اليائسة، إذا أغلقتِ التعاسةُ أبوابَ بيتك، وحاصرك الإحباطُ واليأس مِن كل مكان، فاقرئي شيئًا مِن القرآن، وانتظري الفرجَ مِن الله، وافتحي نوافذك لخيوطِ الشمس ونسماتِ الهواء العليل، وابدئي يومَك بذِكر الله تعالى.
وإذا انسكَب الخوفُ إلى قلبِك وانبعق، وراودتك خيوطُ القلق، وتخلَّلك البكاء في وهنٍ وصمت ووقب، فعليك بسورةِ الفلق، وارفعي كفَّكِ إلى الله بالدُّعاء والتضرُّع حتى يأتيك الفرج.
لا تَجعلي الحزنَ يُصبح جزءًا مِن حياتك، إذا لم تجدي مَن يُسعدك فحاولي أن تُسعدي نفسك، ولا تنسي أنَّ في الحياة أشياءَ كثيرةً يمكن أن تسعدكِ وتُضيء حولك نورًا، فأوقدي شمعةً من حولك، وابحثي عنِ الضوء والسعادة في الدِّين والمحافَظة على الصلوات والسُّنن ولا تترك نفسَك رهينةً لأحزانِ الليالي والأيَّام، وانهضي واعمَلي.
كان الرسولُ - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - يُكثِر مِن هذا الدعاء: ((اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِن الهمِّ والحزن، والعجز والكسل، والبُخل والجُبن، وضلع الدَّين وغَلَبة الرِّجال)).
واعلمي أنَّنا نمر جميعًا في لحظات مِن الإحباط مِن وقت لآخَر، فلا يوجد إنسانٌ في هذه الدنيا لم يمرَّ بشيءٍ من الحزن والبُكاء.