محامي السبلة
21-07-2016, 08:08 AM
السلام عليكم
العقوبة في الفقه الإسلامي علاقتها وثيقة بالعدالة. فكلما كان الاعتداء على الغير فيه قوة سافرة وجرأة في غير موضعها. كلما كانت العقوبة البدنية ملائمة لهذا الفجور والسفور؛ حتى لا ينخلع وصف الدفاع الشرعي عن المجتمع إلى غير ما أريد له.
فالحرابة وهي الخروج على سلطان القانون الإسلامي بقوة السلاح غير المماطل في أداء الدَّين الذي عليه للغير، وإن كان الأمران فيهما اعتداء. ومن العدل أن يعاقب الشر بمثله؛ حفظًا للنظام العام وصيانة للمجتمع. وهذا هدف مطلوب في الفقه الإسلامي لدرجة جعلت فقيهًا كبيرًا كالإمام ابن حزم يقرر عقوبة بدنية مناسبة للذي يهمل في حبس ما يملكه من حيوان أو حفظه عندما ينتج عن هذا الإهمال من جانب المالك تلف حقول الجيران.
وقد فلسف هذه العقوبة -كما يبين من قوله- على أنها عقوبة ذات طابع أخلاقي قصد بها حماية المجتمع المسلم من الوقوع في براثن الفوضى؛ حيث إن العقاب البدني في هذه الحالة أجدى من غيره لأنه يمنع عودة الأحداث المسببة للضرر وفي ذلك حفظ للنظام العام في المجتمع الإسلامي، وهو في ذلك يقول:"والقول عندنا في هذا أن الحيوان أي حيوان كان إذا أُضِر في إفساد الزرع أو الثمار فإن صاحبه يؤدب بالسوط ويسجن إن أهمله. فإن تفقه فقد أدى ما عليه وإن عاد إلى الإهمال بيع عليه ولا بد أو ذبح وبيع لحمه. أي ذلك كان أعود عليه أنفذ عليه ذلك.
والعقوبة عند الإمام ابن حزم في هذا الموضع لا تنفذ إلا عند ثبوت الإهمال المتعمد من مالك الحيوان، أما عندما يتعذر على أهل الماشية منع ماشيتهم أثناء مرورها وهي في طريقها إلى مكان الرعي بين زرع الناس وثمارهم. فإن أهل الزرع والثمار يتكلفون بحماية زرعهم وثمارهم، ولا يظنن ظان بأن العقاب البدني هو القناة الوحيدة التي بها يعيد الدفاع الشرعي في الفقه الإسلامي ما يتعلق بحفظ النظم العام في المجتمع؛ بل إنها واحدة من قنوات كثيرة متعددة مناطها صيانة حقوق الناس.
غير أن العقوبة البدنية إذا وضعها أولي الأمر في الدولة الإسلامية من منظور الأصلح للناس في موضعها فإن الهدف عندئذ يكون توفير أقصى النفع عند اتخاذ إجراءات التأديب والحماية بعيدًا عن روح الانتقام وتأكيدًا لحقوق المصلحة العامة وتمشيًا باطراد مع ضرر الخطيئة فكلما اشتد الضرر قست القوبة.
ويجب ألا يغفلن أحد أن الفقه الجنائي الإسلامي لا يقيم بناءه على العقوبة أصلاً؛ بل على الوقاية من الأسباب الدافعة إلى الجريمة، وتهذيب النفوس وتطهير الضمائر، وعلى الحساسية التي يثيرها في القلوب فتتحرج من الإقدام على جريمة تقطع ما بين فاعلها وبين الجماعة.
فالأصل في العقوبات في الفقه الإسلامي إنما جعلت لتُنفذ عندما يكون نظام الدولة قائمًا على أصول الإسلام، وتكون حياة الناس مدنيًا واجتماعيًا وسياسيًا من باب أولى على ما وضع الإسلام من أسس ومناهج، والعلة في ذلك أن منهج الإسلام كلي لا يقبل التجزئة، فمثلاً عقوبة الجلد أو الرجم أو القطع وهي من العقوبات التي يُكاد للإسلام باسمها من بعض الجهلة أو الخائنين أو المأجورين هذه العقوبات علاقتها وثيقة بقواعد الإسلام الاجتماعية المتمثلة في الحجاب الشرعي والنكاح والطلاق وقواعد تنظيم العلاقات الجنسية المشروعة، بمعنى أنه لا محل لإقامة حد الرجم أو الجلد على رجل أو امرأة في مجتمع قوانينه لا تجرّم العرى وروايات الجنس ووضعها في غير موضعها المشروع؛ مجتمع قامت فيه أسباب إثارة العواطف الجنسية المرذولة في كل مكان ووجدت التسهيلات العديدة التي بنى عليها هدر الطاقة الجنسية دون رابطة زوجية؛ لدرجة أن المقاييس الخلقية بلغت من الدونية مبلغًا كبيرًا.
منقول للفائدة من مواضيعي الأرشفة
تحياتي
العقوبة في الفقه الإسلامي علاقتها وثيقة بالعدالة. فكلما كان الاعتداء على الغير فيه قوة سافرة وجرأة في غير موضعها. كلما كانت العقوبة البدنية ملائمة لهذا الفجور والسفور؛ حتى لا ينخلع وصف الدفاع الشرعي عن المجتمع إلى غير ما أريد له.
فالحرابة وهي الخروج على سلطان القانون الإسلامي بقوة السلاح غير المماطل في أداء الدَّين الذي عليه للغير، وإن كان الأمران فيهما اعتداء. ومن العدل أن يعاقب الشر بمثله؛ حفظًا للنظام العام وصيانة للمجتمع. وهذا هدف مطلوب في الفقه الإسلامي لدرجة جعلت فقيهًا كبيرًا كالإمام ابن حزم يقرر عقوبة بدنية مناسبة للذي يهمل في حبس ما يملكه من حيوان أو حفظه عندما ينتج عن هذا الإهمال من جانب المالك تلف حقول الجيران.
وقد فلسف هذه العقوبة -كما يبين من قوله- على أنها عقوبة ذات طابع أخلاقي قصد بها حماية المجتمع المسلم من الوقوع في براثن الفوضى؛ حيث إن العقاب البدني في هذه الحالة أجدى من غيره لأنه يمنع عودة الأحداث المسببة للضرر وفي ذلك حفظ للنظام العام في المجتمع الإسلامي، وهو في ذلك يقول:"والقول عندنا في هذا أن الحيوان أي حيوان كان إذا أُضِر في إفساد الزرع أو الثمار فإن صاحبه يؤدب بالسوط ويسجن إن أهمله. فإن تفقه فقد أدى ما عليه وإن عاد إلى الإهمال بيع عليه ولا بد أو ذبح وبيع لحمه. أي ذلك كان أعود عليه أنفذ عليه ذلك.
والعقوبة عند الإمام ابن حزم في هذا الموضع لا تنفذ إلا عند ثبوت الإهمال المتعمد من مالك الحيوان، أما عندما يتعذر على أهل الماشية منع ماشيتهم أثناء مرورها وهي في طريقها إلى مكان الرعي بين زرع الناس وثمارهم. فإن أهل الزرع والثمار يتكلفون بحماية زرعهم وثمارهم، ولا يظنن ظان بأن العقاب البدني هو القناة الوحيدة التي بها يعيد الدفاع الشرعي في الفقه الإسلامي ما يتعلق بحفظ النظم العام في المجتمع؛ بل إنها واحدة من قنوات كثيرة متعددة مناطها صيانة حقوق الناس.
غير أن العقوبة البدنية إذا وضعها أولي الأمر في الدولة الإسلامية من منظور الأصلح للناس في موضعها فإن الهدف عندئذ يكون توفير أقصى النفع عند اتخاذ إجراءات التأديب والحماية بعيدًا عن روح الانتقام وتأكيدًا لحقوق المصلحة العامة وتمشيًا باطراد مع ضرر الخطيئة فكلما اشتد الضرر قست القوبة.
ويجب ألا يغفلن أحد أن الفقه الجنائي الإسلامي لا يقيم بناءه على العقوبة أصلاً؛ بل على الوقاية من الأسباب الدافعة إلى الجريمة، وتهذيب النفوس وتطهير الضمائر، وعلى الحساسية التي يثيرها في القلوب فتتحرج من الإقدام على جريمة تقطع ما بين فاعلها وبين الجماعة.
فالأصل في العقوبات في الفقه الإسلامي إنما جعلت لتُنفذ عندما يكون نظام الدولة قائمًا على أصول الإسلام، وتكون حياة الناس مدنيًا واجتماعيًا وسياسيًا من باب أولى على ما وضع الإسلام من أسس ومناهج، والعلة في ذلك أن منهج الإسلام كلي لا يقبل التجزئة، فمثلاً عقوبة الجلد أو الرجم أو القطع وهي من العقوبات التي يُكاد للإسلام باسمها من بعض الجهلة أو الخائنين أو المأجورين هذه العقوبات علاقتها وثيقة بقواعد الإسلام الاجتماعية المتمثلة في الحجاب الشرعي والنكاح والطلاق وقواعد تنظيم العلاقات الجنسية المشروعة، بمعنى أنه لا محل لإقامة حد الرجم أو الجلد على رجل أو امرأة في مجتمع قوانينه لا تجرّم العرى وروايات الجنس ووضعها في غير موضعها المشروع؛ مجتمع قامت فيه أسباب إثارة العواطف الجنسية المرذولة في كل مكان ووجدت التسهيلات العديدة التي بنى عليها هدر الطاقة الجنسية دون رابطة زوجية؛ لدرجة أن المقاييس الخلقية بلغت من الدونية مبلغًا كبيرًا.
منقول للفائدة من مواضيعي الأرشفة
تحياتي