المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : *** عظماء تحدوا الإعاقة ..بشار بن برد ***



نـــــــقــــــــاء
16-12-2014, 12:16 PM
بشار بن برد

هو بشار بن برد بن يرجوخ بن أزدكرد بن حسيس بن مهران بن خسروان بن أخشين بن شهرداد بن نبوذ بن ماخرشيدا نماذ بن شهريار بن بنداد سيحان بن مكرر بن أدريوس بن يستاسب.وكان يرجوخ من طخارستان ،سباه المهلب بن أبي صفرة ،وجاء به إلى البصرة وجعله من قِن امرأته خيرة القشيرية فولد عندها ابنه برداً .فلما كبر برد ،زوجته خيرة ، ووهبته لامرأة من بني عقيل ،من قيس عيلان، كانت متصلة بها ،فولدت له امرأته بشاراً .فأعتقته العقيلية لأنه وُلد ضريراً .فانتسب إلى بني عقيل بالولاء ,ولُقب بالمرعث وكنّى بأبي معاذ .

أسرته

تألفت أسرة بشار من خمسة أشخاص :أب وأم وأخوين كان بشار ثالثهما .أما برد أبوه فقد كان طياناً وحين وُلد له بشار قال : " ما رأيت مولوداً أعظم بركة منه،ولقد وُلد لي وما عندي درهم.فما حالَ الحول حتى جمعت مائتي درهم".

أم بشار رومية كانت أمة لرجل من الأزد زوجتها برداً وقد قال بشار في نسب أمّه :

وقيصر خالي إذا *** عددت يوماً نسبي

ووقع في هجاء شاعر معاصر له يدعى حمّاد عجرد أن أم بشار كان اسمها غزالة . ولم يسلم من تقريع معاصريه وتحقيرهم لنسبه ،فهذا شاعر معاصر لبشار يدعى هشام البصري ويعرف بالحلو يذكِّر بشاراً بنسبه فيقول :

بذلّةِ والدَيكَ كسيت عزاً *** وباللؤم اجترأت على الجواب

وكان لبشار أخوان وأحدهما يسمى بشراً والثاني بشيراً . وكانا قصابين .ويقول الجاحظ في البيان والتبيين أنه كان باراً بهما وإنهما أخواه لأمه لا لأبيه وذكر في كتاب الحيوان أيضاً أن أخويه أحدهما حنفي والآخر سدوسي وأنّ بشاراً عقيلي ،أي بالولاء جميعهم وذكر كلاماً لأخيه بشر يؤذن أنه كان عربي الفصاحة .

وقد مدح بشار أحد أخويه بقصيدة ذكر فيها أنه كفاه عن التكسب بالشعر والتعرض للملوك .وكان أخوا بشار صاحبي عاهة فالأول أعرج والآخر أبتر اليد .

وقال صفوان الأنصاري يخاطب أمّ بشار:

ولدت خلداً وذيخاً في تشتمه *** خززا يشتد في العضضِ

ثلاثة من ثلاثٍ فُرقوا فرقاً *** فاعرف بذلك عرق الخال من ولدِ

رُزق بشار بولدين ذكر وأنثى لكنهما لم يعمرا طويلاً . ابنه محمد توفي وهو صغير وجزع عليه جزعاً شديداً . ورثاه بقصيدة مطلعها :

أجارتنا لا تجزعي وأنيبي *** أتاني من الموت المطلّ نصيبي

بُنيَّ على قلبي وعيني كأنه *** ثوى رهن أحجارٍ وجار قليب

كأني غريبٌ بعد موت محمد *** وما الموت فينا بعده بغريب

نشأته :

نشأ بشار في بني عقيل نشأة عربية خالصة ، فاستوى لسانه على الكلام الفصيح . لاتشوبه لكنة . ولما أيفع أبدى فسلم من الخطأ .

قال بشار الشعر في سن مبكرة . فما كاد يبلغ السنوات العشر حتى تفجرت موهبة الشعر عنده . ونزعت نفسه إلى الهجاء .لأنه كان يكره الناس بسبب عماه .ولم يتوان عن التعرض لكبار الشعراء كجرير بن عطية الخطفي أحد أقطاب المثلث الأموي . فاستصغره جرير ولم يجاره في هجائه .

وكان القوم يخافون لسانه فيشكونه إلى برد أبيه فيضربه ضرباً شديداً فكانت أمه تقول : " كم تضرب هذا الصبيّ الضرير ،أما ترحمه ؟‍‍ ‍."،فيقول : "ويلي والله إني لأرحمه ولكنه يتعرض للناس فيشكونهُ إليّ " فسمعه بشّار فطمع فيه فقال له :" يا أبتِ إن هذا الذي يشكونه مني إليك هو قول الشعر ، وإني إن ألممت عليه ،أغنيتك وسائر أهلي ،فإن شكوني إليك ، فقل لهم : أليس الله يقول ( ليس على الأعمى حرج ) فلما عاودوا شكواه ، قال لهم برد ما قاله بشار فانصرفوا وهم يقولون : "فقه برد أغيظ لنا من شعر بشار " .

ولعل سخط بشار على الناس كان مردّه إلى عماه فهو لم يُبصر الدنيا قط .وعلى الرغم من ذلك فقد كان ضخماً .مفرط الطول ، عظيم الوجه .أعمى . أكمه . جاحظ العينين يغشاهما لحم أحمر فكان قبيح العمى مجدور الوجه وقد ضُرب المثلُ بقباحة عينه فقالوا : " كعين بشار بن برد " وفي ذلك قال مخلد بن علي السلامي يهجو رجلاً :

رأيتك لا تحبُّ الود إلا *** إذا ما كان من عصب وجلد

أراني الله وجهك جاحظياً *** وعينك عين بشار بن برد

ويعطينا الدكتور طه حسين لمحة عن طباع بشار في نشأته فيقول في عماه :

" كذلك أصاب الله بشاراً بهذه الآفة . فسلبه البصر .وكان إلى ذلك نابغة في الشعر .يكاد ينعدم نظيره في قوة الذكاء ، وحدّة الذهن . ولكنه أساء احتمال آفته . كما أساء الانتفاع بذكائه وحدة ذهنه . فأصبح بغيضاً إلى الناس .مُذمّماً عندهم . ثقيلاً عليهم حتى روى الرواة أن عامة أهل البصرة ابتهجوا لموته واستبشروا به ، كأن الله قد أزاح عنهم ضراً " .

ويضيف الدكتور طه حسين قائلاً :

" إن بشاراً اتخذ من هذا المصاب وسيلة إلى الفخر والتمدح .وأسرف في ذلك إسرافاً شديداً . فكان يحمد الله على العمى ، لأنه يحول بينه وبين رؤية الناس الذين كان يكرههم ،ويتبرم بهم تبرماً شديداً . وليس هذا شيئاً . فقد يستطيع الإنسان فهمه وتأويله . والأعتذار عنه . ولكن بشاراً تجاوز الحد في ذلك . فلم يكتف بحمد الله على العمى . بل اتخذ العمى فخراً . وزعم أن ذكاءه النادر ،ونبوغه الفذ ،إنما هما أثر من آثار هذه المحنة .وقال في ذلك كلاماً كثيراً ...ليس من الهين على رجل كبشار قد منحه الله هذا كله أن يحتمل آفة العمى ، راضياً بها . مطمئناً إليها وإنما المعقول أن يُحدثَ ذلك في نفسه سخطاً شديداً على الحياة والأحياء لما يجر عليه ذلك من حرمان " .

وفاته :

أجمع الرواة أنه مات مقتولاً بأمر من الخليفة المهدي حيث رماه بالزندقة وجملة الخبر أن المهدي حنق على بشار لهجائه له . وأخفى له في صدره كرها عظيماً . وحين زار المهدي البصرة متفقداً أحوالها وصل إلى البطائح ومرّ بدار بشار وكان أبو معاذ على سطح بيته سكراناً . فعلم بحضور المهدي ،وخاف أن يراه على حاله من السكر . فراح بشار يؤذن فقال المهدي : من هذا الذي يؤذن في غير الوقت ؟ قالوا : بشار . قال : عليّ به . وحين مثل بين يديه قال : يا زنديق هذا من بذائك . تؤذن في غير الوقت . ثكلتك أمك .ثم أمر بصاحب الزنادقة وهو ابن نهيك وقيل محمد بن عيسى بن حمدويه .فأخرجه معه في زورق . وأمر الجلادين أن يضربوه ضرباً متلفاً . وجعل بشار يقول كلما وقع عليه السوط حَسْ وهي كلمة تقولها العرب عند الألم . فقال بعض الراكبين : انظروا إلى زندقته ما تراه يحمد الله . فقال بشار : أثريدٌ أحمد الله عليه . وضرب سبعين سوطاً حتى مات وألقي من على السفينة . فحمله الموج إلى شاطئ البصرة . فحمله أهله ودفنوه .وما تبع جنازته سوى أمَة سوداء من السند كانت تصرخ وتقول واسيداه . واسيداه . قيل إن أهل البصرة سّروا لموته . ونجاتهم من لسانه .وهنّأ بعضهم بعضاً وتصدّقوا وأغلب المؤرخين يقولون إن وفاته كانت في السنة الثامنة والستين بعد المائة للهجرة .

وجملة القول إن بشاراً شاعر مجيد ترك على حد زعمه اثنتي عشرة ألف قصيدة وقال : ويلي إن لم يكن في كل واحدة منها بيت جيد .أمسك بشار بزمام اللغة وسخرها في شعره بإتقان .كان لعوباً بالمعاني والألفاظ وأجاز لنفسه الإشتقاق أسوة بأئمة اللغة . أتقن جميع أبواب الشعر .كان فياض الموهبة غزير المادة لا يتكلف النظم تكلفاً . وليس عجيباً بعد هذا أن نجده تبوأ مركزاً يرتاح فيه في ساحة الشعر العربي

اطياف السراب
21-12-2014, 09:47 PM
شكرا جزيلا لك

نـــــــقــــــــاء
23-12-2014, 09:11 PM
كل الشكر للمرور

صخب أنثى
13-01-2015, 10:34 PM
http://store2.up-00.com/2015-01/1421162795791.png