المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحضارة ما بين مد وجزر



نـــــــقــــــــاء
17-11-2014, 05:10 PM
اختلفت آراء الفلاسفة والمفكرين والباحثين في معنى الحضاره ؟؟ تشابكت المعاني وتضاربت الافكار في كثير من الحالات ، الا ان الجميع يتفقون على ان الحضاره هي انتقال الكيانات البشريه من الهمجية الى المدنية والرقي والتقدم في شتى المجالات الاقتصاديه والعلميه والتقنيه والاجتماعيه والثقافيه والفنيه والتنظيميه , لقد ظهر اول مصطلح لمسمى الحضاره في القرن الثامن عشر في اوروبا على لسان الكاتب الفرنسي الماسوني " ميرابو" الذي رأى فيها تجمع أناس ذو اهداف مشتركه في منطقة ما منغلقه لحماية انفسهم من النهب من الخارج ومن الفوضى بالداخل ، أي بمعنى هي دوله تسهر على مصالح الشعوب والممتلكات ، وقد رأى فيها ايديولوجيه اوروبيه استعماريه عنصريه .بينما رأى فيها " منتسكيو " أحد مفكري الثورة الفرنسيه ، روح الامه المتمثل في الدين والاقتصاد والتقاليد ، اما عالم النفس فرويد فقد استبعد الدين كلية عن موضوع الحضاره ، واما " هانتيجتون " صاحب نظرية صراع الحضارات ، فيرى انها الكيان الثقافي الأكثر اتساعا والذي يميز البشر عن بقية الانواع ، وتعرف بعناصر موضوعيه مشتركه مثل اللغة والتاريخ والدين والعادات والمؤسسات والتماثل الذاتي للناس . ويرى فيها "الأنا" الكبرى المتميز عن الآخر ؟؟؟ ومع انه لا يعرف كثيرا عن الاسلام الا انه جعل منه العدو الذي يجب على الغرب الرأسمالي الصراع معه بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ، وقد استقى هذه الفكره من " بيرنارد لويس " ، الذي يظن نفسه خبيرا في الاسلاميات ، والذي وضع مخططا لتقسيم العالم العربي الى دويلات عرقيه طائفيه ممزقه ، تكملة لمشروع " سايكس بيكو " - من كتاب الحضاره ومضامينها ( تاليف بروس مازليش ) ، ويرى فيها اخرون انها مجموعه من الانظمه الثقافيه أو ايديولوجيه من الايديولوجيات او دين من الاديان في أغلب الاحيان ---على ان الحضارة تشبه الانسان من حيث هو جسم وروح ونفس ، يولد طفلا صغيرا ثم ينمو ليصبح شابا معتزا بنفسه ثم يشيخ ويموت ، وقد يواجه في حياته الأمراض والانتكاسات والمثبطات والانحرافات ، وقد يترك ارثا من نوع ما بعد وفاته ؟؟ وكذلك الحضارة فهي تنمو وتتسع بين مد وجزر وفناء ، بل قد يصيب اصحابها الغرور والتعصب والعنصريه ، كما حدث في اوروبا حين غزت الشرق الاوسط الاسلامي ، بحجة تخليص قبر المسيح عليه السلام من المسلمين ( الكفره ) ، مع ان الدوافع كانت استعمارية اقتصاديه ؟؟ ورأت نفسها انها هي السيد الاعلى وأن غيرها هم الهمج الذين هم ادنى درجة منها ، فأوروبا الساده وألاخر هم العبيد ؟؟؟ ، وكما انتقلت العدوى الى امريكا والتي هي ناتج اوروبي ، حين اعلن الرئيس الامريكي " بوش الابن " , في اعقاب احداث 11 سبتمبر 2001 عن حرب صليبيه جديده على من سماهم المسلمين المتعصبين الارهابيين ؟؟لقد قامت حضارات عديده وبظروف وقواعد مختلفه في شتى بقاع الارض ، من حضارة وادي النيل الى حضارة ما بين النهرين في العراق الى الحضارة الصينيه والهنديه والاغريقيه والفارسيه وغيرها ، ومنها من شاخ وهرم وتعب ، ومنها من مات وانتهى ، ولكنه خلف بعض التراث مثل الحضارة المصريه ، وحضارة الازتيك في المكسيك ، بما تركته من آثار تدل عليها ، مثل الاهرامات وبعض المعابد والتماثيل والرسومات والفنون ، او مثل حضارة ما بين النهرين ، والتي خلفت فنا وادبا مثل ملحمة جلجامش وقوانين حمورابي وغيرها من الاواني الفخاريه وبعض الاثار الاخرى . وتعتبر بلاد الشام عموما مهد الحضارات القديمه ، فقد تعاقبت عليها حضارات عديده قامت في سوريا الداخلية : الحضارة السومرية والبابلية والاكادية والاشورية والحيثية والامورية والحورية والميتانية وخلفت اثارا لا يمكن حصرها ، منها مدينة تدمر الشهيره ، وابجدية اوغاريت ، ومنها حضارة الانباط العرب التي امتدت من البحر الاحمر وحتى آسيا الوسطى وقد خلفت اثارا هامه اهمها مدينة البتراء في الاردن والتي تعتبر من عجائب الدنيا .على ان الحضارة الاسلاميه بزغ فجرها مع فجر الاسلام ، واستمدت قيمها ومبادئها ووجودها من تعاليمه وقيمه ، وقد وصلت أوجها في عصر قيام الدولتين الاموية والعباسيه ، وانطلقت في الفتوحات القائمة على الدعوة لدين التوحيد دون اكراه الا من وقف في وجه الدعوة : ( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) ، وتحرير الانسان من الشرك والكفر والعبوديه ثم انطلقت في البحث العلمي والترجمه والفنون والآداب ، كما احتكت بالحضارات الاخرى وحاورتها بالحكمة والموعظة الحسنه ، دون اكراه او تعصب : ( ادع الى ربك بالحكمة والموعظة الحسنه وجادلهم بالتي هي احسن ) - ( ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا منهم ) – – انها احترمت الانسان كانسان ، وارادت الارتقاء به من عبودية الانسان للانسان الى عبودية الانسان لخالقه ، بما يفتح المجال لحرية الافراد والجماعات ، دون استعلاء على الاخر او نقص من انسانيته ؟؟ من هنا جاء الجهاد لتحرير الانسان من عبودية الانسان والاهواء وشهوات النفس الى عبودية واحد احد . لقد كرم الله الانسان واحترم انسانيته وآدميته : ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) – فالانسان مكرم كانسان ، وليس بطبقتة او او لونه او عرقه أو مكان تواجده – كما ان الله سبحانه وتعالى خاطب الانسان في كثير من الايات : ( يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم ) – ( يا ايها الناس انا خلقناكم من من من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبلائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) ، اذن فالتفاضل في الحضارة الاسلاميه لا ياتي الا بالتقوى ومخافة الله والانصياع لامره وليس لأمر آخر ؟؟ لقد أقام المسلمون مجتمع العدالة والمساواة والاخاء تحت راية التوحيد بعيدا عن القهر والظلم والتمييز العرقي او الطبقي , من هذا المنطلق دخلت العديد من الشعوب في الاسلام وارتضته دينا ونظاما لها . ان الحضاره اذا لم تراعي انسانية الانسان ، ولم تستند الى المبادئ والقيم الاخلاقيه العليا ، لهي حضارة فاشله منحطه مهما ارتقت في مجال العلوم والتكنولوجيا ، ان البدوي الذي يأكل بيديه العاريتين ، وينير خيمته ليلا كي يقصده من لا يجد طريقه ليلا في الصحراء ، لهم اكثر تحضرا ممن اعطى التعليمات لضرب الآخر بالقنابل الذريه او الاسلحة الكيماويه ، بالغا ما بلغ من التقدم في مجال العلوم والتكنولوجيا ؟؟ ،، وان أستعمل الشوكة والسكين في طعامه وارتدى اجمل الثياب ؟؟؟ان الحضارة العربية الاسلاميه حضارة عالميه لا تختص بجنس معين ولا بزمن معين ولا بمكان معين ، وهي باقية ما بقي الليل والنهار ، قد تصاب بانتكاسات كما هو حالها هذه الايام ، ولكنها تستند الى اسس وقواعد ثابته مستمدة من عقيدة راسخه وهي الايمان باله واحد لها الكون العظيم ، وبمنهج رباني شامل غير منقوص ، وهي منفتحة على العالم فيما يختص بالعلوم الفيزيائية والآداب الراقيه والقيم الفاضله، فالحكمة ضالة المؤمن اينما وجدها ، دون ان تتخطى الخطوط الحمراء التي حددها خالق هذا الكون لحياة البشر على هذا الكوكب ؟؟اذا كانت الامة الاسلاميه قد اصيبت بانتكاسات في هذا الزمن ، فان السبب ليس خللا في مبادئ الحضارة المستمدة من دينها القويم ، وانما هناك عوامل اخرى اهمها فقدان الثقة بالنفس ، والسعي وراء الحضارات الاخرى والرضوخ لاهواء النفس واعراض الدنيا ؟؟ والبعد عن القيم الاخلاقيه الراقيه المستمده من هذا الدين القويم . تلك الانظمه التي حكمت الأمة كان كل همها البقاء في الكراسي , وتقريب البطانات التي لا تعرف الا مصالحها الخاصه ، ثم الانسياق وراء مخططات الاعداء من تجزئة وتمزيق ومؤامرات ، فقد كرست " سايكس بيكو " وثبتتها بدلا من تمزيقها وقهرها ؟؟ لن يمر وقت طويل قبل ان تعود الامة الى رشدها وتحيي حضارتها من جديد ، وتأخذ مكانها الذي اراده الله لها ، وتعمل بمبادئها الثابتة : ( كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) – صدق الله العظيم

ملك الوسامه
19-11-2014, 04:42 PM
شكرا ع الطرح اختي
الحضارة تأتي من التحضر والتمدد